منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د.إسماعيل الحكيم يكتب : *العدالة الدولية الكيل بمكيالين ..*

0

د.إسماعيل الحكيم يكتب :

*العدالة الدولية الكيل بمكيالين ..*

أُسقطت في لحظة صادمة دعوى السودان ضد الإمارات ، لا ضعف الحجة وغياب الدليل الدامغ ، بل بحجة “عدم الاختصاص”، استنادًا إلى المادة التاسعة من قانون المحكمة الدولية ، وكأن العدالة توقفت عند حدود النص وببروقيطه ، لا عند حجم الجريمة وخطورتها. فهو مشهد يُذكّر بمفارقات التاريخ المليء بالكيل بمكيالين، حيث تلقت في ظني حكومة السودان صفعتين متتاليتين في ساحة العدالة والسياسة الدولية. اذ جاءت الأولى من أعلى سلطة قانونية دولية، والثانية من الدولة المتهمة نفسها.
فقد أودعت الحكومة السودانية ملفًا قضائياً متكاملًا لدى محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات، يحوي أدلة مرئية وموثّقة بالصوت والصورة، تُظهر دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للمليشيا المتمردة في السودان حتى ترتكب جرائم ضد الإنسانية ، من تزويد بالسلاح المتطور إلى الإسناد اللوجستي تحت بصر وسمع العالم بأسره . ولم يكن الملف السوداني قائمًا على ترهات وأباطيل ومطاعم ، بقدر ما انه قائم على وقائع مرصودة عبر الأقمار الصناعية من قلب الحدث ونبض الميدان ، وشهادات حية للمعتدى عليهم من الأبرياء نساء واطفالاً وكبار سن ، مدعومة بتحقيقات استخباراتية.
ورغم ذلك نتسأل ، فهل هذا هو القانون الدولي؟ أم أن موازين القوى باتت تُثقل كفة المعتدي لتقف على ساق عرجاء؟
والعجيب في الأمر لم تكتفِ الإمارات بإفلاتها من الإدانة القانونية فحسب، فقد أصدرت بيان إدانة لاستهداف الطائرات المسيّرة ولايتي كسلا والبحر الأحمر، وكأنها توجّه رسالةً ضمنية وإنذارًا مستترًا لحكومة السودان..بأننا “نحن نُدين، نحن نُحدد من الضحية ومن الجاني”.
هذه الإدانة ليست موقفًا قانونياً وإنسانيًا بريئًا، بل صفعة على الخد الأيمن لحكومة السودان، بعد أن شُطب ملفها القانوني على الخد الأيسر. فهل تملك الإمارات من النفوذ ما يجعلها تقلب الحق باطلًا والعدالة رأيًا سياسيًا؟ أم أن العدالة الدولية قد أصبحت رهينة للمال والسلاح والنفوذ؟
سؤال لا بد أن يُطرح بجرأة مع وعي قانوني مطلوب.. من يحمي القانون الدولي إذا أصبحت أبوابه مغلقة أمام الضعفاء، ومفتوحة لمن يملك مفاتيح السياسة؟
هل تسكت الأمم المتحدة، ويغض العالم الطرف، لأن المعتدي شريك في المال والاقتصاد والنفوذ؟
إن ما يجري اليوم هو اختبار لضمير المجتمع الدولي وحقوق الإنسان ، ولسُمعة محكمة العدل الدولية، ولما تبقى من مفهوم العدالة الأممية. فحين تُترك الدول المحترمة ذات السيادة لتواجه مليشيات مدعومة من قوى إقليمية، دون أن تجد في القانون عضداً و سندًا، تصبح الحرب بلا ضوابط وأخلاق، والشرعية بلا قيم ، والعدالة بلا إنصاف ومن ثم تكن مجرد خزعبلات ووهم لا يخرج من قاعات المؤتمرات.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.