إبراهيم مليك يكتب : *رحيل وكيل نظارة الفلاتة بتلس الطاهر إدريس…. رحيل أمة فى وقت طغى فيه الباطل!*
إبراهيم مليك يكتب :
*رحيل وكيل نظارة الفلاتة بتلس الطاهر إدريس…. رحيل أمة فى وقت طغى فيه الباطل!*
قال تعالى ( وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون * كل نفسٍ ذائقة الموت ونبلوكم بالشرّ والخير فتنة وإلينا ترجعون) صدق الله العظيم الآيات (٣٤ ؛ ٣٥) سورة الأنبياء…
لم يعد الموت سردية مخيفة للإنسان السودانى الذى رأى أصناف الموت كلها إن كانت غدراً أو مواجهة أو بالتجويع وغيرها من الأسباب….
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع…
ومن المسلمات الإيمانية قول النبى صلى الله عليه وسلم (لن تموت نفسٌ حتى تستكمل زرقها وأجلها) وهذا الحديث مبعثٌ لليقين وعلاج للجزع من الموت….
إن طبيعة الإنسان مخلوق ضعيف يجزع ويحزن لفراق من يعرف وتبقى العبرة هي الموعظة وكفى بالموت واعظاً…
الحديث عن محاسن الأموات من الدين ولن نقول في الراحل إلا ما عرفناه عنه وهو بين يدي ربه…
الراحل الطاهر إدريس من قيادات قبيلة الفلاتة الذين تشبّعوا بقيم أصبحت نادرة في زماننا….
فهو رجل يملك من الكاريزما والتواضع والشجاعة والقناعة ما جعل المناصب تسعى إليه ولا يسعى إليها….
عندما ماجت الأحوال واضطربت في دارفور وظهرت حركات التمرد واعقبتها الصراعات القبلية الدامية بين القبائل وأوكلت الدولة علاج المشاكل عن طريق الجوديات والأعراف ظهر معادن الرجال ومنهم الطاهر إدريس يوسف الذي وقف موقفاً رجولياً ووطنياً ساعياً لدرأ الفتنة بين الأهل مشاركاً فى المصالحات منادياً بالسلام والتماسك وعدم إيذاء الجيران ….
عندما عُزل وكيل الناظر الراحل الأستاذ يوسف السماني البشر تم اختياره وكيلاً للنظارة وظل متفانياً فى خدمة الأهل ساعياً بينهم بالخير آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر رافضاً للظواهر السالبة…
ما يميّز الراحل عن كثير من القيادات الأهلية أنه كان يعيش على كسب يده وله من المشاريع والأعمال جعلته قنوعاً بما يملك ولم يمد يده للحكومة أو أي جهة وهذا جعل منه قائداً عزيز النفس شهمٌ لا يطأطأ رأسه لمسؤول مهما كانت مكانته….
الراحل الفقيد جمع بين مهنتي ( الرعى والزراعة) ونجح في المجالين وكانت منزله مقصداً لكل زائر وضيف من خارج تلس….
بفقد هذا الرجل الأمة فقدت دارفور عامة و مدينة تلس خاصة أحد ركائزها نسأل الله أن يتقبله فى عليين وأن يجعله من موته عبرة لكل غافل متماهي مع الباطل أن يعود لرشده ويدرك الحقيقة التى لا تنازع فيها أن الموت مصير كل حي….
وصيتنا لأهلنا فى تلس أن يتصدوا للمؤامرات ويتماسكوا ويقفوا فى وجه الباطل وأن يعيدوا للقبيلة كرامتها هيبتها التى سلبها متفلتين لاقيمة لهم في المجتمع …
إن محاربة الباطل والسعي بالخير ووقف كل أشكال الفوضى التى ضربت المنطقة بسبب وجود فئة قليلة منتفعة من هذا الوضع الفوضوى….
لا يعقل أن يعجز أبناء تلس من التصدى لفئة من المتفلتين الذين يعيثون فساداً في المنطقة فى حوادث مكررة من يمارسها معروف ومعلوم لأهل المنطقة لايمكن لأهل تلس يقودهم جهلاء لا يعرفون سبيلاً للخير ولا احتراماً لقدسية الإنسان….
رحم الله الفقيد الراحل الطاهر إدريس اللهم إنك أعلم بحاله منا وأنت أكرم الأكرمين اللهم إن كان محسناً فزد فى إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته اللهم لا حرمنا أجره ولا تفتنا بعده…
اللهم أجرنا فى مصيبتنا واخلف لنا بخيرٍ منها.