منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خارج النص  يوسف عبدالمنان    *اليوم المنتظر*

0

خارج النص

يوسف عبدالمنان 

*اليوم المنتظر*

عامان وشهر مضيا منذ اندلاع حرب الجنجويد في قلب العاصمة الوطنية. عامان وسكان أم درمان يكابدون البقاء، صابرين على التدوين اليومي، والقصف الصاروخي، والهجمات المتتالية على الأحياء. عامان من الجدب، والفقر، والمرض، وأصوات المعارك، وقعقعة السلاح، وتهديد التمرد باجتياح وادي سيدنا، وإسقاط المدرعات، واحتلال سلاح الإشارة، والسعي للقضاء على المحاصرين من رجال القوات المسلحة وقيادتها.

قيادة صبرت داخل القيادة العامة، التي تعرضت للقصف العنيف والتدوين اليومي، قصف لم تتعرض له لا بغداد ولا كابول، لكن الخرطوم صمدت، ومواطنيها الشرفاء الأحرار كانوا يستحقون من الجيش وقيادته كلمة وفاء وعرفان.

كان يوم أمس بمثابة حلم طال انتظاره، ما كان له أن يتحقق لولا صبر الرجال، وتدافع شباب السودان، وقتالهم جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، يطبقون شعارهم فعلاً لا قولاً: “لا لدنيا قد عملنا”. فلو كانوا يعملون من أجل الدنيا، لشدوا الرحال مهاجرين لأقصى الأرض، ولكنهم صمدوا، وقاتلوا، حتى جاء يوم الفصل، حين فرّ قادة المليشيا من أمهم وأبيهم وصاحبتهم، وبنينهم.

كان يوم أمس يوم الفزع الأكبر للمليشيا، ويوم النصر للشعب، وحصاد سنوات الصبر والتضحية، حين أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة، وبصوت داوٍ، دكّ آخر معاقل الجنجويد في ولاية الخرطوم، لتنضم العاصمة إلى الولايات الخالية من التمرد والعصيان: الجزيرة، والنيل الأبيض، وكسلا، والبحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية… وقريباً كردفان.

بدأ الزحف الكبير لتحرير إقليم دارفور، كما تحررت الخرطوم، والجيش يدكّ معاقل التمرد في منطقة صالحة، التي مثلت الحاضنة الاجتماعية الكبرى لهؤلاء الأوباش. وقد هرع قادة المليشيا منهزمين نحو بارا، بحثاً عن ملاذٍ يعصمهم من زحف الجيش، وبطشه، وغضبه، ومكره… ذلك المكر الذي روّض التمرد، وقضى عليه، بعد أن كان يرفض الخروج من بيوت المواطنين، وها هو اليوم يخرج مطروداً من ولايات السودان، واحدة تلو الأخرى.

يوم أمس كان عيداً وطنياً ثانياً، بعد تحرير الخرطوم الأول على يد ثوار المهدية. واليوم، في العشرين من مايو 2025، عيد جديد يحق للشعب السوداني أن يفرح به، بعد تحرير الخرطوم، وسقوط المليشيا.

ظهر والي “خرطوم المليشيا”، بقال، في مظهر يرثى له، يتحدث بنبرة حزينة جداً عمّا حدث لقواته في صالحة، التي بتحريرها لم يعد للمليشيا موطئ قدم. وتحرير صالحة يفتح أبواب تحرير طريق الصادرات من أم درمان إلى الأبيض، ومنها إلى النهود، فالفاشر، ثم قوز زريقة، ومنواشي، وصولاً إلى نيالا البحير، حيث يُكتب السطر الأخير في قصة آل دقلو، الذين أشبعوا هذا الشعب قتلاً وسحلاً.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.