الطاهر ساتي *ليت القوم ..!!*
الطاهر ساتي
*ليت القوم ..!!*
:: بالخرطوم، رغم إرتفاع نسبة التعافي إلى (90%)، إلا أن نسبة التسجيل مُزعجة ( 700/ 800 حالة)، كذلك معدل الوفيات – 35 حالة يومياً – حسب ليلى أحمد النيل، مدير الطوارئ بالصحة المركزية.. يجب بذل الجهود المشتركة، الحكومة و القطاع الخاص و منظمات المجتمع المدني ..فالرهان على الحكومة وحدها في مكافحة الكوليرا بالخرطوم لايكفي، فالحكومة تُكافح فايروس الإمارات بكردفان و دارفور ..!!
:: و جهد المجتمع يجب أن يتم بالتنسيق مع السلطات وتحت إشرافها كما يحدث في دول العالم، وليس بمعزل عنها كما يحدث في موطن الفوضى ..نعم، فالشركات والمنظمات تهدر الكثير من الجهد والمال في مشاريع فاشلة، لعدم تنسيق مع السلطات.. وعندما ينحسر وباء الكوليرا، فمن المتوقع إبادة محاليل مكدسة لإنتهاء صلاحيتها، وتكون قد جلبتها إحدى الشركات دون تنسيق مع السلطات، وهذا ما يحدث دائماً ..!!
:: وعندما ساهمت شركة زادنا – بالمحاليل و الكلور وغيرها – في مكافحة الوباء، فإن إشادة وزير الصحة لم تُكن بالمساهمة فقط، بل بالتنسيق الذي تم مع وزارته، و (دعا الوزير أصحاب المبادرات الاخرى التزام بذات النهج التنسيقي الذي يضمن سد الفجوات والاستفادة من الموارد المخصصة)، وذلك عقب إجتماعه مع د. طه حسين المدير العام لشركة زادنا.. فالإجتماع كان للتنسيق والتنظيم، وهما من مفقودات هذا القطاع العشوائي..!!
:: وليس فقط في مكافحة الكوليرا، بل كل شئ في هذا القطاع يمضي عشوائياً، حتى الخارطة الصحية، وهم أُم الكوارث .. وليت القوم يستفيدوا من الحرب ويخرجوا منها بإعمار ينظم الخارطة الصحية في بلادنا، بحيث تكون مواكبة .. فالخارطة غير مواكبة لمعايير الصحة العالمية.. نعم، فالنظام الصحي (عشوائي)، والدول من حولنا تداوي مرضاها وتكافح الأوبئة بالأنظمة الصحية المثالية.. !!
:: بالدول ذات الخارطة المطابقة لمعايير الصحة العالمية، فالأصل في تقديم الخدمة العلاجية يتمثّل في عنصري الزمن والتدّرج.. أي عند إصابة المواطن بأي طارئ أو أعراض، فإن أولى محطات رحلة العلاج هي أقرب مركز صحي، ولأن عنصر الزمن أهم عناصر العلاج، يتم توزيع المراكز الصحية بحيث يكون طبيب الأسرة قريباً للمواطن.. !!
:: وبالمركز الصحي، يتم علاج المريض أو تُجرى له الإسعافات الأولية ثم يتم تحويله إلى (مستشفى ثانوي) أو حجر صحي إن كان المرض مُعدياً.. وبالمستشفى الثانوي، عبر الاستشاري، يتم العلاج أو يُحوَّل إلى (المستشفى المرجعي)..هكذا مراحِل الخدمات العلاجية في االنظم الواعية.. فالرهان على الزمن والتدرّج، مركز صحي ثم مستشفى ثانوي أو (حجر صحي)، ثم مستشفى مرجعي.. !!
:: ولكن في بلادنا، حتى عند التعرّض لحادِث حركة، فالكل يُفكر في نقل المُصاب إلى مستشفى الخرطوم أو أي مرجعي أخر، ولو كان على بُعد (100 كلم)، ليصل نازفاً أو ميتاً، لعدم وجود مرافق ما قبل المرجعي بمنطقته أو موجودة ولكنها محض جُدران خالية من الطبيب و العدة والدواء ..وعليه، رجاءً، إستغلوا الحرب بإعمار مثالي يرتقي بالمرافق الصحية إلى حيث معايير منظمة الصحة العالمية، وقبلها إلى حيث المعايير الإنسانية.. !!