من أعلي المنصة ياسر الفادني *غربال الكرامة.. هل يجرؤ رئيس الوزراء؟*
من أعلي المنصة
ياسر الفادني
*غربال الكرامة.. هل يجرؤ رئيس الوزراء؟*
في زمن المعركة، حين تهتز الأرض وتعلو سماء الرصاص، يتمايز الرجال، بعض الولاة لم يختبئوا خلف المكاتب، لم ينتظروا التوجيهات ولا إختبأوا خلف العبارات الدبلوماسية الباردة، بل واجهوا النيران، صنعوا من( الفسيخ شربات) ! ، صمدوا وابتكروا، وبنوا من الخراب أملاً، أولئك لم يكونوا موظفين في الدولة، بل جنوداً في معركة الكرامة، تسلحوا بالإرادة، وحاربوا المليشيا بالفكرة والموقف قبل البندقية، لم تمنعهم ندرة الإمكانيات، ولا هول الاستهداف، ولا جراح المدن، من أن يكونوا في خط النار الأول
وبالمقابل، كان هناك من جلسوا على الكراسي وارتجفت أيديهم من مجرد مسؤولية القرار، ولاة فقدوا حس المبادرة، لا يواكبون ولا يتحركون، يراقبون الكارثة عبر الشاشات، وإن نطقوا فبلا روح، وهناك من جاءوا للتو، لا يمكن إنصافهم أو ظلمهم، فالمسافة قصيرة والحكم عليهم الآن استعجال غير منصف
رئيس الوزراء الجديد أمام لحظة فاصلة، وقد أمسك غربال التغيير في يده، لكن السؤال الحقيقي: كيف سيكون غرباله؟ هل ستكون فتحاته واسعة، ينفلت منها الجميع؟ أم ستكون ضيقة دقيقة، تمسك بالمجتهد وتغربل المتخاذل؟ هذا الغربال ليس مجرد أداة إدارية، إنه إختبار أخلاقي وسياسي في آن واحد فكل من قاتل في خندق الكرامة يجب أن يُكرم، لا أن يُكافأ فقط، بل يُبقى ليستكمل ما بدأ، فالشرف لا يُنسى، والجهد لا يُمحى
من مآسي هذه السياسة البائسة في بلادنا، أن كل مسؤول جديد يبدأ كأنه أول البشر، يلعن من سبق همساً أو جهراً، يهدم ما بُني، لا لقصوره، بل لأنه ليس من صنيعه كأن الوطن ملعب شخصي، لا مشروع مستمر، هذه الخطيئة يجب أن تُقلع من جذورها، على رئيس الوزراء أن ينظر بعين التاريخ، لا بعين المزاج، أن يحكم بما يرى لا بما يُقال له، وأن يختار من يصلح للبناء لا من يصلح للتوازنات
إني من منصتي انظر ….حيث أسأل سؤالا مهما : رئيس الوزراء الجديد هل يملك الجرأة؟ هل يملك شجاعة الوقوف مع من قاتلوا وواجهوا وابتكروا؟ هل يملك شجاعة رفض أولئك الذين جلسوا كأن الأمر لا يعنيهم؟ غربال الكرامة في يده، والعيون كلها ترقب… فهل يفعلها؟.