عمق المشهد…/ *الخرطوم تنادي أبناءها… وبشريات العودة تلوح في الأفق* بقلم:عصام حسن علي
عمق المشهد…/
*الخرطوم تنادي أبناءها… وبشريات العودة تلوح في الأفق*
بقلم:عصام حسن علي

تتبدد غيوم الحرب شيئًا فشيئًا، ويطل الأمل من جديد من بين ركام المعاناة، معلنًا أن الخرطوم، قلب الوطن النابض، تتهيأ لتفتح أبوابها أمام أبنائها، وتستعيد نبض الحياة الذي خفت لفترة، دون أن ينطفئ.
وفي خطوة تمثل نقلة نوعية في مسار استعادة الدولة لعافيتها، أصدر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قرارًا بتشكيل لجنة قومية عليا برئاسة الفريق إبراهيم جابر، تتولى مهمة تمهيد الطريق لعودة مؤسسات الدولة الاتحادية إلى ولاية الخرطوم في أقرب وقت ممكن. خطوة بحجم وطن، تعكس إرادة سياسية صلبة، وإيمانًا عميقًا بأن الخرطوم لا بد أن تعود، أقوى، أجمل، وأكثر إشراقًا.
تشكيل هذه اللجنة لا يأتي في معزل عن السياق العام، بل هو جزء من رؤية استراتيجية شاملة للسلطة، تسعى إلى إعادة بسط هيبة الدولة، وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار، وتهيئة البيئة الملائمة لعودة الحياة المدنية بكامل مؤسساتها وخدماتها.
لقد كانت الخرطوم على مدار التاريخ عنوانًا للوحدة الوطنية، ومنبرًا للتنوع السياسي والثقافي، ومركزًا للإشعاع الفكري والإداري في البلاد. واليوم، وبعد شهورٍ من المعاناة والصبر، ها هي تستعد لتستعيد مكانتها، وتستقبل أبناءها من جديد، بكل الحب والحنين.
عودة المؤسسات الاتحادية ليست مجرد إجراءات تنظيمية أو أمنية، بل هي رسالة قوية بأن الدولة باقية، وأن المشروع الوطني مستمر، وأن القوات المسلحة، التي تحملت عبء الدفاع عن العاصمة وأهلها، تمضي قدمًا نحو البناء والإعمار، كما قاتلت بشرف لحمايتها.
ولعل هذه البشريات تمثل دافعًا لكل سوداني غادر الخرطوم مجبرًا على الرحيل، أن يعيد النظر في وجهته، ويجهز حقائبه للعودة، ليس فقط إلى بيوت الطفولة والذكريات، بل إلى مستقبلٍ أفضل، يشارك في صناعته، ويكون جزءًا من تفاصيله.
إنها ليست مجرد قرارات، بل بداية عهد جديد، تنهض فيه الخرطوم من بين الرماد، وتكتب فصلاً جديدًا من فصول المجد الوطني. ومن هنا، فإن نداء الوطن واضح وصريح: الخرطوم تناديكم… فعودوا إليها، فإن فيها الحياة، وفيها الوطن.