*شمال كردفان ليست حاضنة للجنجويد!* محمد التجاني عمر قش
*شمال كردفان ليست حاضنة للجنجويد!*
محمد التجاني عمر قش
تحدث أحد نشطاء وسائط التواصل الاجتماعي مخاطبا قائد درع السودان ليحثه على عدم المشاركة في أية عمليات عسكرية في شمال كردفان زاعماً أنها من حواضن المليشيا، وهذا لعمري قول يجانب الصواب ولا تسنده الوقائع؛ لأن شمال كردفان هي منطقة مستهدفة من قبل المليشيا التي لم تترك مدينة أو قرية في شمال كردفان إلا شردت أهلها ودنست أرضها حتى المراكز الإسلامية ودور تحفيظ القرآن مثلما حدث في خرسي وقرية الفرجاب لم تسلم من أذاهم! ومع ذلك منذ اندلاع الحرب وانتشار عناصر المليشيا في دار الريح بدأت بعض الأصوات تتهم أهل هذه المنطقة بأنهم حواضن اجتماعية للمليشيا، غير أن الواقع الفعلي والتاريخي والجغرافي والسياسي للمنطقة يفند هذا الزعم تماماً، فأهل شمال كردفان هم من أكثر الناس تضرراً من دخول الجنجويد إلى أرضهم.
الواقع يؤكد أن وجود هذه المليشيا الباغية ليس خياراً لأهل شمال كردفان، بل فرض عليهم بالقوة العسكرية الغاشمة مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين وانهيار جميع الخدمات من صحة وتعليم وأمن، وتوقفت كل الأنشطة البشرية من تجارة وزراعة ورعي، ولو كانت هذه المنطقة حاضنة لهؤلاء الأوباش لما شهدت كل هذه المعاناة والأوضاع المتردية التي بلغت حد الكارثة الإنسانية بكل المعايير. هذه المنطقة لمن لا يعرفها هي بوتقة انصهار لجميع مكونات المجتمع السوداني بلا استثناء حيث يعيش بها أناس من مناطق السودان كافة في انسجام ووئام واستقرار، وهي تكاد تخلو من النزاعات الاجتماعية حتى حل بها الجنجويد وأذلوا أهلها وأخرجوهم منها بلا رحمة أو مراعاة لأية ظروف.
ومن جانب آخر فإن أهل شمال كردفان هم أول من ابتدر المقاومة الشعبية والاستنفار ضد المليشيا وتشهد بذلك مدينة بارا التي طردت القوات المتمردة أكثر من مرة وأخرجتهم منها عنوة واقتدارا. وتشهد بذلك المواجهات التي خاضتها مكونات دار الريح ضد المليشيا على طول خط البايبلاين في المنطقة الواقعة شمال غرب الأبيض، والمليشيا يومئذ في عنفوان قوتها وسطوتها، ولكن مع ذلك استطاع فرسان المنطقة تكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وللأسف لم تجد المنطقة وقتها عونا كافيا من قيادة الفرقة الخامسة والهجانة وإلا كانت قد قضت على قوات المليشيا وأراحت الناس من شرورهم!
ولم تتمكن المليشيا من بسط سيطرتها على شمال كردفان إلا بمعاونة المارقين من عناصر حزب الأمة والمؤتمر السوداني وبعض سواقط اليسار تدفعهم غريزة الانتقام ممن يصفونهم بالفلول! كما أن بعض قيادات الإدارة الأهلية في بعض أجزاء شمال كردفان قد تماهت مع الأوباش إما طمعا في الكسب الحرام أو بذريعة اتقاء شرهم، وكل تلك ليست مبررات معقولة لمساندة هذه الفئة الباغية، ولكن التاريخ يسجل وسيأتي يوم القصاص والحساب العسير قريبا بإذن الله وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون وربما يعضون أصابع الندم ولات ساعة مندم.
ومن الضروري أن يعلم الذين يرمون شمال كردفان بتهمة أنها حاضنة للمليشيا، أن معظم الداعمين للجنجويد يقيمون في نطاق السافانا إلى الجنوب والجنوب الغربي لكردفان، ودار الريح خالية من هذه الحواضن، سوى حفنة قليلة فتحت ديارها لتمرير الدعم للمليشيا من ليبيا وغرب السودان، وهم معروف عنهم هذا الدور على مر التاريخ.
gush1981@hotmail.com