*هل عودة اللاجئين والنازحين إلى الخرطوم تهدد بكارثة صحية جديدة* كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي
*هل عودة اللاجئين والنازحين إلى الخرطوم تهدد بكارثة صحية جديدة*
كوداويات ✍️ محمد بلال كوداوي

في الوقت الذي تسابق فيه ولاية الخرطوم الزمن لمحاصرة وباء الكوليرا وتفشي حمى الضنك تبرز في الأفق أزمة إنسانية لا تقل خطورة تتمثل في عودة اللاجئين والنازحين إلى العاصمة وهي عودة تحمل في طياتها خطرًا مضاعفًا يهدد حياة الآلاف ويقوض الجهود الصحية المتواضعة التي تبذلها السلطات فمع الانهيار الكامل للبنية التحتية الصحية والبيئية تصبح العودة إلى الخرطوم قرارًا محفوفًا بالمخاطر الصحية والإنسانية الفادحة.
عودة النازحين واللاجئين في ظل تفشي الأوبئة وانهيار الخدمات الأساسية تمثل تحديًا خطيرًا لأسباب متعددة أبرزها المخاطر الصحية الكارثية الناتجة عن تعرض العائدين المباشر لمصادر العدوى وسط انهيار شبكات المياه والصرف الصحي وتراكم النفايات وانعدام شبه تام لمصادر المياه النظيفة والخدمات الطبية.
كما أن عودة أعداد كبيرة من السكان ستضاعف الضغط على الموارد الشحيحة التي تعاني أصلًا من ضعف التمويل وقصور الإمدادات الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار كامل لأي استجابة صحية قائمة هذا إلى جانب العوائق الأمنية والهجمات المتكررة على المرافق الصحية التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية للعاصمة ومع الاكتظاظ السكاني الذي تشهده مناطق العودة ك أم درمان مثلا تتسارع وتيرة انتشار الأوبئة وتصبح فرص تطبيق أي إجراءات وقائية فعالة شبه معدومة.
رغم الجهود التي تبذلها ولاية الخرطوم بقيادة الوالي البطل الجسور وعبر وزارة الصحة والجهات المختصة بإنشاء مراكز عزل وتطهير المنازل وتوزيع أقراص الكلور والتنسيق مع المنظمات الدولية إلا أن الواقع المرير يفرض نفسه بقوة فالمرافق الصحية تعاني من نقص حاد في الأدوية الأساسية والمحاليل والمعدات والتمويل المتوفر لا يكفي لتغطية الحد الأدنى من الاحتياجات ناهيك عن انهيار النظام الصحي بشكل شبه كامل حيث توقفت 70% من المستشفيات عن العمل ما يجعل القدرة الاستيعابية في مواجهة هذا الوباء ضعيفة للغاية ومع استمرار التحديات الأمنية تتقلص فرص الوصول للمناطق المتأثرة وتتزايد معاناة المرضى والعاملين في المجال الصحي كما أن حجم الدمار في شبكات المياه والصرف الصحي يتطلب جهودًا ضخمة لإعادة الإعمار تفوق إمكانيات الولاية الحالية بكثير.
في ظل هذه المعطيات القاتمة لا ينبغي النظر إلى تحذير اللاجئين والنازحين من العودة باعتباره خيارًا بل هو ضرورة إنسانية وأخلاقية لا تحتمل التأجيل فالعودة إلى مدينة موبوءة ومهدّمة لا تعني سوى المزيد من الأرواح المهددة والمزيد من الضحايا ولا يمكن تصور أي تحسن في الأوضاع دون توفير بدائل آمنة ومؤقتة للعائدين في مواقعهم الحالية إلى حين استعادة الحد الأدنى من مقومات الحياة في الخرطوم.
نخاطب ضمير العالم ونوجه نداءً صادقًا للمجتمع الدولي للوقوف مع ولاية الخرطوم في هذه المحنة الكبرى فالعبء الذي تتحمله وحدها يفوق قدراتها بكثير وإنقاذها اليوم واجب إنساني وأخلاقي لا يقبل التهاون ونطالب بـتمويل عاجل لدعم القطاع الصحي المنهار وتوفير الأدوية والمعدات المنقذة للحياة .
كما نؤكد على ضرورة دعم إعادة تأهيل البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنفايات وتقديم الدعم الفني واللوجستي العاجل لتقوية الاستجابة الوبائية .
*إن إغاثة الخرطوم اليوم ليست مجرد واجب إنساني بل مسؤولية أمام الله والتاريخ*
قال تعالى:
*﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾*
المائدة – الآية ٣٢
*فلنعمل معًا لإنقاذ الأرواح ووقف الانهيار واستعادة الأمل في الخرطوم عاصمة الصمود السوداني*
