*الخطاب الذي لم يقله الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالامس* د.محمد حسن فضل الله
*الخطاب الذي لم يقله الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالامس*
د.محمد حسن فضل الله

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالي «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ.»
أيها المواطنات، أيها المواطنون،
سلامٌ على السودان، سلامٌ على أهلنا الصابرين في المدن والقرى، سلامٌ على الأسر التي فقدت فلذات الأكباد، وسلامٌ على كل من يظل يسكب دماءه دفاعاً عن أرض هذا الوطن.
وقفّتُ أمامكم لأنني أعلم مقدار الشوق في صدوركم لخطابٍ يعيد اليقين، ويعلّم الناسُ موقع الحقّ. إنّ شعبَنا لم يعد يتحمّل التردّد ولا الإغفال؛ ولهذا أتيتُ اليوم لأقول الحقّ كما هو، وإعلان الإجراءات الضرورية التي يفرضها واقعٌ أضحى فيه الوطنُ في خطر.
أولاً: إعلان حالة الطوارئ
بناءً على ما أُبلغت به الجهات العسكرية والمدنية من تقاريرٍ مؤكّدة، أُعلِنُ اليوم حالة الطوارئ الشاملة في كل ولايات البلاد، وبمقتضى ذلك تتخذُ السلطة التنفيذية الإجراءات اللازمة لحماية الوطن والحفاظ على السلم العام، مع مراعاة الضمانات الدستورية وحقّ المواطنين في الحياة الكريمة.
ثانياً: التعبئة العامة المنظمة
أدعو أبناء الوطن إلى التعبئة العامة وحمل السلاح بما يتوافق مع القوانين والأنظمة، ليشارك كلُّ قادرٍ بما يستطيع — من دعمٍ لوجستي أو طبي أو مدني — تحت إشراف مؤسسي واضح يضمن انضباط الجهد الوطني ويمنع الفوضى واستغلال الأوضاع من قِبل أي طرف.
ثالثاً: موقفنا من الفاشر والأوضاع الميدانية
لقد تابعنا باهتمام وألمِ التطورات الأخيرة في مدينة الفاشر ومناطق أخرى؛ وأُعلنُ أن المسائل الميدانية ستُعالَجُ بحزمٍ بهدف حماية المدنيين واستعادة الأمن في كل نقطة تتعرّض لتهديد سيادة الوطن. الإجراءات والقرارات العسكرية ستُتخذُ على أساس ضرورة حفظ أرواح المواطنين والحفاظ على المنشآت الحيوية.
رابعاً: وقف المفاوضات والتعامل مع الأطراف المتواطئة مؤقتاً
إزاء ثبوت ممارساتٍ بَدَتْ وكأنها تُضعفُ مصلحة الوطن، أُعلِنُ وقفَ الاتصالات الرسمية والتعاون مع أي طرف تُثبتُه المعايير الوطنية متواطئًا أو مهدِّدًا لوحدة السودان، إلى أن يتضح موقفه الرسمي ويُستعادُ المسار الوطني الموضوعي. هذا الإجراء مؤقت ولا يستثني المسارات القانونية والدبلوماسية الساعية لحل الخلافات.
خامساً: إعلان ميزانية الحرب وشفافية الإنفاق الدفاعي
يُصدر حكومي اليوم موازنة طوارئ خاصة لتمويل الاحتياجات الدفاعية والإنسانية والطوارئ، تكون خاضعةً لآليات رقابية مالية واضحة تشمل جهات رقابية وطنية وإشراف برلماني وتقارير دورية يُطلعُ عليها الشعب. الشفافية هنا ليست رفاهية — بل واجب وضرورة للحفاظ على ثقة المواطنين.
سادساً: موقفنا من التدخل الخارجي واعتبار بعض الدول متورطة
نؤكد أننا لن نتهاون مع أي تدخل يمسّ بسيادة السودان. ووفق المعطيات المتوافرة، نعلن أن تحركات وتصرفات بعض الجهات الخارجية التي دعمت أطرافاً مسلحة أو دعماً مالياً أو لوجيستياً تُعدّ تدخلاً مرفوضاً، ولا سيما حالاتٍ وثّقتها تقارير استخباراتية ودبلوماسية. سنعرض هذه المعلومات على المجتمع الدولي وسنتخذ الإجراءات الدبلوماسية والقانونية اللازمة لحماية حقوق شعبنا وسيادتنا. (ومن أمثلة الحالات التي سنعرضها: مواقفُ جهاتٍ في المنطقة والخارج التي ظهر ممارساتها على أنها مرافقة للتصعيد.)
سابعاً: بحث اتفاقيات دفاع مشترك مع دولٍ تُحترم سيادتنا
تحفظ السودانُ لنفسه الحقَّ في السعي لإبرام اتفاقيات دفاع مشترك مع دولٍ تحترم استقلالية القرار السوداني وتلتزم بالقانون الدولي،. سنبدأ مشاورات رسمية مع دولٍ لديها قدرات دفاعية وتجارب يمكن أن تساعد في حماية حدودنا وتأمين شعبنا، وذلك وفق آليات شفافة ومحدّدة.
ثامناً: حماية المدنيين والالتزام بالقانون الإنساني
أؤكد التزامنا بحماية المدنيين وبتطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني. إن أي عملٍ عسكري يجب أن يحترم حياة المواطنين وممتلكاتهم. سنُجنِّد كلّ الجهود لتأمين المساعدات الإنسانية وإعادة الخدمات الأساسية للمناطق المتضررة.
تاسعاً: نداء للوحدة الوطنية والحفاظ على المؤسسات
أدعو كلَّ قوى الوطن السياسية والمدنية والعسكرية إلى توحيد الجهود والتضحية من أجل السودان. لا مكان للاستعراءات الحزبية أو الإقليمية في هذه اللحظة المصيرية. المؤسسات المدنية والقضائية والتشريعية يجب أن تبقى حجر الأساس لاستعادة الإستقرار وبناء مستقبلٍ آمن لأبنائنا.
خاتمةً: عهدٌ أمام الله وأمام الشعب
يا أبناء السودان، إنّي أمامكم أتعهد أن تُدار هذه المرحلة بكلّ مسؤولية، وأن تُؤمّن القرارات عبر مؤسساتٍ قانونيةٍ ووطنية، وأن تظلّ الغايةُ واحدة: أمنُ الوطن وكرامةُ المواطن. لنتكاتف جميعاً، لا دماء لغير السودان تُراق، ولا قرار يُتخذ في الظلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
