منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*الي بريد القيادة والي النخب …* ✍ بقلم السفير/ رشاد فراج الطيب

0

*الي بريد القيادة والي النخب …*

✍ بقلم السفير/ رشاد فراج الطيب

ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد حرب أو تنازع على سلطة ، بل هو امتحان وجودي يختبر وعي الأمة وصلابة إرادتها.
نحن أمام مواجهة بين مشروعين لا ثالث لهما ، مشروع وطني يسعى إلى أن يبقى السودان حرًّا مستقلًّا مهابًا بين الأمم ، ومشروع خارجيٍّ يستهدف إضعافه ، وتشويه وعيه ، وتفكيك نسيجه حتى يفقد ذاته ودوره وموقعه . هذه المعركة ليست تقليدية ، ولا تُخاض بالسلاح وحده ، بل تمتد إلى السياسة والإعلام والفكر والاقتصاد والهوية.
هي حرب على الوعي بامتياز ، وأخطر ما فيها أنها تستهدف قلب الانتماء وروح الوطن .

في مثل هذه اللحظات ، تتوجه الكلمة إلى بريد القيادة ثم إلى النخب السياسية والمجتمعية التي تمثل ضمير الأمة وعقلها الجمعي ، وإلى القائد الأعلى الذي تقع على عاتقه مسؤولية اللحظة المفصلية التي يمر بها السودان . فالمعادلة الوطنية لن تستقيم إلا إذا تلاقت الإرادة الواعية بالنهوض من تحت الركام ، مع القرار القيادي الحاسم الذي يملك الشجاعة على مواجهة التحديات والنهوض من جديد .

إلى النخب بكل أطيافها السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية .
إن مسؤوليتكم اليوم ليست في التعليق أو التحليل أو تسجيل المواقف ، بل في البناء والتوحيد وصناعة الوعي .
إن الأمة التي تنكسر نخبها يضيع مستقبلها ، ومن يستهلك جهده في خلافاته الصغيرة لا يستطيع أن يدافع عن قضاياه الكبرى . لم يعد الوقت يسمح بترف الانقسام ولا بترف الصمت . المطلوب أن تتقدّموا إلى الصفوف الأمامية في معركة الوعي والكرامة ، أن توحّدوا خطابكم ، وتبنوا روايتكم الوطنية ، وتوقفوا نزيف الترهّل في الخطاب العام الذي أضعف الحجة الوطنية وشتّت الصورة أمام الرأي العام والعالم .

على النخب أن تعيد ترتيب أولوياتها ، وأن تدرك أن الدفاع عن السودان يبدأ من إصلاح السياسة وتوحيد الصف الوطني ، ثم الاعلام وتوحيد صوته ، وبناء منصاته التي تعبّر عن وعيه وهويته لا عن مصالح الآخرين .
ولا تكفي الكلمات الرمزية ولا الشعارات العابرة ؛ فالمطلوب عمل منظم ، وجهد واعٍ ، ومبادرات عملية تنهض بالإعلام الوطني وتدعم المؤسسات الفاعلة وتنسّق جهود الإغاثة والاسناد لكل المتاثرين بالحرب ، وتوحّد الصف المدني خلف مشروع وطني جامع .

أما إلى القائد ، فالتاريخ يضعك اليوم أمام لحظة فاصلة . هذه لحظة تقتضي الحسم والحنكة والقدرة على المبادرة .
لقد آن الأوان لإطلاق مبادرة وطنية شاملة تؤسس لما يمكن تسميته بـ«جبهة الكرامة» جبهة تجمع كل القوى الحيّة من أحزاب ومكونات مجتمعية ورموز وطنية وعسكرية ومدنية وقادة رأي وفكر .
ليست هذه دعوة إلى الاصطفاف وراء شخص ، بل إلى الاصطفاف حول فكرة الدولة الوطنية القادرة والعزيزة ، التي لا تتنازل عن سيادتها ولا ترضى أن تكون ملعبًا لمشروعات الخارج .

إن ما نحتاجه اليوم ليس اتفاقًا او اجتماعا شكليًّا جديدًا ، بل رؤية وطنية متكاملة ، تحدد الأولويات وتعيد تفعيل مؤسسات الدولة وتحمي المدنيين وتصلح الإعلام الرسمي وتعيد الثقة بين الدولة والمجتمع .
نحن أمام لحظة إما أن نملك فيها زمام المبادرة وإما أن تُفرض علينا خريطة جديدة لا تشبهنا .

الوقت لا ينتظر ، والعدو لا ينام ، يعمل على إعادة تشكيل وعي الأجيال وتشويه رموزها وإرباك قضاياها حتى يصبح التفكك أمرًا طبيعيًّا في الوجدان .
إنهم يخوضون حربًا ناعمة قوامها التضليل والتشويه والتفكيك ، وهي أخطر من القصف والرصاص ، لأنها تستهدف ما تبقّى من روح الأمة.
وإذا خسرنا هذه المعركة الفكرية والإعلامية ، فلن يكون السلاح وحده كافيًا لحماية السودان من السقوط في دوامة التفتيت.

إن خلاص السودان لن يأتي إلا من الداخل ، من وعي شعبه وتكاتف نخبه واستقامة قيادته . هذه لحظة الصدق مع النفس ومع التاريخ .
فليتوقف الجميع عن المزايدات الصغيرة ، وليجتمعوا على ما يجمعهم لا ما يفرّقهم ، ولينطلقوا من مبدأ واحد هو السودان أولاً ، والسودان فوق الجميع .

خذوا الكتاب بقوة ، أيها السودانيون ، فالوطن لا يُحمل بالهتاف بل بالإرادة الواعية ، ولا يُحمى بالشعارات بل بالفعل الصادق .
من يتأخر عن نداء وطنه اليوم ، سيصحو غدًا على وطنٍ لا يجده. فلتكن الكلمة درعًا ، والفكر سلاحًا ، والوحدة طريقًا . هذه لحظة الوعي والكرامة ، فخذوا الكتاب بقوة ، واحملوا السودان في ضمائركم كما حملتكم أرضه وأحلامه .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.