*بين عار التحالف وضرورته!* ابراهيم عثمان
*بين عار التحالف وضرورته!*
ابراهيم عثمان

*رغم محاولات التشويش يكفي قليل من التأمل لوضع سيل الكلام الصادر عن أعوان الميليشيا (المحايدين) تحت عنوان “اشتباك العار بالضرورة”! فالعار مُعترَف به عبر نفي التحالف، والضرورة تفرض ألا يبعدوا عنه كثيراً!*
* *ينتح عار التحالف من جرائم الميليشيا بحق المدنيين، وتنبع ضرورته من قلة السند الجماهيري لأعوانها، وما بين عار لا تحدث البراءة الكاملة منه، وسند يُسلَّم بضعفه، تزيد العزلة الجماهيرية أكثر، وبالتالي تزيد ضرورة التحالف، فيزيد العار، وهكذا تستمر العلاقة الجدلية لتنتج المزيد من التلطخ بالعار والمزيد من الضرورة!*
* *الميليشيا لدى أعوانها المتسترين بالحياد “جماعة إجرامية” بحيث لا “يأمنون” الآن على أهاليهم “بوجودها” في أي منطقة، وفي ذات الوقت هي عندهم “ضرورة سياسية” بحيث لا يجدون “الأمان” في الساحة السياسية “بدونها”!*
* *تحالف “صمود” مع الميليشيا “متين سياسياً” إلى درجة أنه لا شيء يمكن أن يضطرها لفضه، و”مهزوز قيمياً” إلى درجة أنه لا شيء يمكن أن يدفعهم لإعلانه!*
* * *يعلم قادة “صمود” أن الانضمام لتحالف علني مع ميليشيا الإرهابية “عار” يلزمها البقاء على مسافة ظاهرية محسوبة منه، ويعلم الذين التحقوا بالميليشيا من رفاقهم أن “صمود” هي الوحيدة التي لا تتعامل معهم كمقترفي عار!*
* *لم يكن القرار الذي اتخذه جزء من قادة “تقدم” إنهاء مرحلة تسترهم بالحياد مفاجئاً لأحد، ببساطة لأنه لم تكن هناك مسافة سياسية حقيقية قد قطعوها، بهذا القرار، تجاه الميليشيا ليكون مقدار المفاجأة مساوياً لطولها!*
* *ولم يكن قيادات “تقدم” الباقين في “صمود” يقفون على مسافة حقيقية من الميليشيا أبعد من زملائهم المنتقلين إلى “تأسيس”، بحيث تجعل هذه المسافة الناس يتوقعون بعدم انتقالهم، به أو يتفاجؤون به إذا حدث، في ذلك الوقت أو اليوم أو غداً!*
* *يعدد الناس عشرات المواقف التي تؤكد التحالف، وترد عليهم “صمود” بجملة واحدة نافية، لا للمواقف، بل فقط لدلالتها على التحالف! ليكون جوهر النقاش معها هو حول مدلولات المواقف لا حول وجودها!*
* *لا تجد صمود ما تنفي به تحالفها مع الميليشيا سوى أنها تدين جرائمها، وتتناسى أن حميدتي نفسه يدينها، ويعد بمحاسبة مرتكبيها، بل إن الإمارات نفسها تدينها، وأن الميليشيا لا تغضب لإدانة الإمارات كما لم تُظهِر ولا مرة واحدة غضبها بسبب بيان او تصريح من صمود!*
* *ما ترسله المواقف من رسائل ويصل إلى الميليشيا، ويتسبب في رضاها، ويحافظ على نعاملها مع أصحابها كحلفاء، يصل، قبل الميليشيا، إلى الضحايا، ويحدد لهم بدقة نقطة تموضع مرسليها: بالقرب من الجلاد!*
* *التحالف مع ميليشيا متمردة موضوع كبير إلى درجة أنه لا يمكن ستره، وعدم التحالف أيضاً موضوع كبير إلى درجة أنه يفصح عن نفسه تلقائياً، ولا يحتاج إلى إي إثبات سوى ذاته، وبالأحرى لا يحتاج إلى إثبات يقوم فقط على (جمل نافية) لنقيضه (التحالف)!*
* *تنتج صمود أفعالاً وأقوالاً لا يفسّرها إلا الانحياز، ثم تترك مهمة التفسير المعاكس لكليمات نافية تشعر بالغربة وسط فيض الكلمات الحاملة للتفسير المضاد!*
* *تحالف صمود مع الميليشيا “شامل فعلياً” إلى درجة أنه يتعداها “ليجامل” كل داعميها (إمارات، تشاد، كينيا، مرتزقة ..إلخ) و”ليقاوم” كل رافضيها، و”ضامر قولياً” إلى درجة أنه لا يستطيع “الإعلان” عن نفسه!*
* *عند السؤال يضطر “بعض” قادة “صمود” “للاعتراف” بأنهم قد نالوا، وأهاليهم، نصيبهم الشخصي من إجرام الميليشيا: نهباً، وإذلالاً، وتشريداً، واحتلالاً للبيوت، وما يفوقها من الجرائم، لكنهم يوظفون الاعتراف ذاته للدفاع حين يصفون غضب الناس بأنه “غبائن شخصية” يجب الترفع عنها!*
* *بينما تخوض صمود في لعبة فض اشتباك العار بالمصلحة يراقب الناس ــ الذين تزعم تمثيلهم ــ الفصول المخزية لهذا الاشتباك، ولعبة فضه، ويقيسون مسافة ابتعادها عنهم بالمواقف، ومحاولات اقترابها منهم بالتضليل والاستغباء!*
* *من بعد هذه الإغراءات للناس للقرب من الميليشيا ــ التي ما تركت أحداً منهم إلا وأوصلت له نصيبه الشخصي من إجرامها ــ لن تستطيع صمود أن تغري الناس بالابتعاد عن أي كيان آخر، أو تقنعهم بأن مصلحتهم، لا مصلحتها الخاصة، هي سبب هذا الإغراء!*
* *لثقتهم في صحة موقفهم يتبارى كل داعمي الجيش، داخل وحارج السودان، في إظهار دعمهم، وتأكيد قوته، على المنابر الإعلامية وبين الناس، ولا يوجد من بينهم من ينفون دعمهم حياءً، بينما النفي هو ديدن كثير من أعوان الميليشيا!*
*تظن “صمود” أنها تمتلك من المهارة في الكلام ما يلغي اشتباك العار بالضرورة ويجعلهما يتناغمان، أو على الأقل لا يلاحظ الناس اشتباكهما، لكنها تخطئ خطاً فادحاً حين تظن أن هذه المهارة يملكها عبد الله حمدوك، وجعفر حسن, وشريف محمد عثمان، وخالد عمر، وبكري الجاك، وماهر أبو الجوخ. بينما هم ــ هم بالذات ــ من يظهرون هذا الاشتباك بأفصح لغة، وبالذات عبر الكلمات التي تحاول ستره!*
إبراهيم عثمان
