*من خنادق الكرامة إلى مقامات الأمانة: الطيب الطريفي نموذجاً* ✒️قلم وفاء قمر بوبا
*من خنادق الكرامة إلى مقامات الأمانة: الطيب الطريفي نموذجاً*
✒️قلم وفاء قمر بوبا

في عالمٍ يخلط بين البطولة والقيادة، يبرز الطيب الطريفي كرمزٍ للنخوة والأمانة، رجلٌ وقف في خنادق الكرامة مدافعاً عن الحق والأرضِ والعرض، وفي نفس الوقت نموذجٌ للوفاء والتجرد، يدعم الشباب ويصون القيم. من إصاباته في ساحات الجهاد إلى حكمته واحترافيته في إدارة الكادر البشري، يظل الطيب الطريفي مثالًا حياً على أن الشجاعة ليست فقط في القتال، بل في الحفاظ على الإنسان، الأمانة، والإيمان بالواجب مهما كلف الأمر.
الطيب الطريفي… ليس مجرد اسمٍ في دفتر الكرامة، بل سيرةٌ من نورٍ وحكايةُ رجلٍ خُلق ليكون عالِم طريق، يقود ولا يطلب القيادة، ويعطي بلا انتظار الجزاء، ويقاتل وهو يحمل في قلبه رحمةً لا تُشبه قلوب المقاتلين.
الطيب… داعم الشباب الأول، وعرّاب العقول المتوقدة، ومعلّم التجرد حين يصبح العطاء واجباً، والصدق مبدأً، والحق طريقاً لا يضلّ السائرون فيه ما دام الطيب أمامهم. رجلٌ إن خُيّر بين نعيم الدنيا وراحة النفس وبين الجهاد في سبيل ما يؤمن به، اختار الثانية بلا تردد، كأنما خُلق قلبه ليُختبر بالصعاب، ويزداد صلابةً كلما اشتدّت عليه الأوجاع.
هو “أمير المجاهدين” أو “أبو البنات” كما نحب أن نناديه… لأن في قلبه ليناً يليق بآباء البنات، وفي طبعه نصرةٌ صادقة لحرف النون، ودعمٌ لا ينضب لكل الأنماط والشخصيات. رجلٌ واسع الصدر، جميل المعشر، لا يجرح أحداً ولا ينتقص من رجل ولا يستخف بجهد إنسان. يعرف قدر الرجال… ويعرف كيف يرفع من حوله حتى يظن كل واحدٍ منهم أنه الأهم.
أنا شخصياً… رعاني الطيب الطريفي في بداية طريقي، احتواني، آمن بمقدراتي، وصنع في داخلي ثقةً مضاعفة بدفعاته الحانية الجادة… ولا يزال حتى اليوم يحفّزني وكأنما النجاح عنده ليس ذاتياً، بل نجاح كل من مرّ في دربه.
أصابته المعركة مرتين… مرة كادت أن تكتب اسمه في سجل الشهداء، ومرة وقع فيها أسيراً لدى الميليشيا الإرهابية.
أتذكر يوم جاءنا خبر إصابته… كنت أقرأ وردي، فأهديته كل آية إلى سلامته. بيتنا كله بكى الطيب ودعا له… كأنما خسرنا فرداً من العائلة، فالطيب الطريفي يدخل القلوب بلا استئذان.
هو ذلك الرجل الذي تراه وسط الرجال كأنه ناظرهم… أو عمدةٌ تقف خلفه الحكمة والبصيرة. يحسبها بقلبه قبل عقله… ويصبر، ويكافح، ويواصل، كأنما اختير ليكون قدوة لا تُصنع، بل تُولد.
وأذكر يوم كان العمل العام يأكل من وقتنا ومن أرواحنا… وجفّ ريقنا من الجري في ساحات الواجب، ولم يبقَ معنا ما نبلّ به جفاف يومنا… فإذا بالطيب يخرج رزمة فيها عشرات الآلاف كانت أمانة عنده، لم يستخدم منها شيئاً رغم حاجته… ليعيدها كاملة كما وصلت إليه. هنا فقط فهمتُ لماذا أمثال الطيب الطريفي تُؤتمن بأرض وثروات ومصائر.
الطيب يستحق أكثر من تكريم… ويستحق أن تُكتب سيرته في كتابٍ يُدرّس. ويستحق أن يقال فيه:
“رجلٌ إذا ذكرته… ارتفعت هامات الرجال.
وإذا مشى… مشى خلفه معنى الكرامة.
وإذا ابتُلي… صبر.
وإذا حُمِّل… حمل.
وإذا أؤتمن… كان أهلاً لكل الأمانة.”
الطيب الطريفي… يستحق الدعم الكامل ليصل إلى أعلى مستويات القيادة، فالأمم تحتاج لأمثاله من الرجال الذين يجمعون بين الشجاعة، الحكمة، والأمانة. أمثال الطريفي على قدر لحفيظ أمين، نادرون ويستحقون أن يُؤتمنوا على الأرض والوطن والمستقبل.
في زمنٍ كثرت فيه الأقوال وقَلّت الأفعال، يظل الطيب الطريفي نموذجاً حياً للرجولة الحقة، للحكمة، وللإخلاص، ولأننا بحاجة دائماً لمن يرفع لواء الحق ويضيء الطريق للآخرين، يظل الطيب نبراساً لكل من آمن بأن الوطن فوق كل شيء.
https://www.facebook.com/share/p/14S47LjhUTc/
