منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة *حين يخرج الشعب عن بكرة أبيه… يسقط خطاب التخوين*

0

زاوية خاصة

 

نايلة علي محمد الخليفة

 

*حين يخرج الشعب عن بكرة أبيه… يسقط خطاب التخوين*


في المشهد السوداني الملبّد بالدخان والدم ، وبالعزيمة والإصرار على السير في طريق الإنتصار ، لم تعد الأقنعة صالحة للاستخدام ، حين يخرج الشعب عن بكرة أبيه… يسقط خطاب التخوين ، وتتكشف حقيقة من ادّعوا يومًا احتكار الوطنية والتمثيل للمجتمع المدني ، ما شهدته المدن والقرى والفرقان وعواصم العالم يوم السبت ، لم يكن فعالية حزبية ولا استدعاءً من غرف مغلقة ، بل تعبيرًا صريحًا عن اصطفاف شعبي واسع خلف الجيش في معركة رآها الناس معركة كرامة ووجود ، لا مناورة سياسية.

السؤال الذي تتهرّب منه قيادات صمود ، الاسم المتحوّر لتحالف قحت ، سؤال بسيط ومحرج هل كل هذه الجموع التي خرجت تهتف للجيش ، هل هي فلول كيزان كما اعتاد خطابهم الجاهز أن يصف كل مخالف ، إن كان هذا توصيفهم النهائي ، فليُقال بلا مواربة الشعب السوداني بأكمله فلول ، وحينها تسقط كل ادعاءات التمثيل الثوري ، ويتحوّل الخطاب إلى مهزلة سياسية.

يُحكى أن فيضانًا داهم قرية ، فخرج أهلها يحملون ما تيسّر لصدّ الماء ، لم يسأل أحد عن الانتماء والقبيلة ، فالغرق لا يفرّق بين هذا وذاك ، في المقابل جلس نفرٌ من الناس بعيدًا يناقشون ، في أمر الفيضان طبيعي أم مؤامرة ، وكلما رأوا الناس يجتهدون في صد المياه ، صاحوا الفيضان مفتعل ديل فلول ، سأل صبيٌّ رجلًا يرصّ شوالات الرمل ، عمو إنت تبع منو ، فأجابه مبتسمًا تبع الحيّ ولو ما وقفنا كلنا حنغرق ، انحسر الفيضان ، فنجت البيوت التي تعاون أهلها ، وجرف الماء بيوت الذين اكتفوا بالكلام والتخوين ، في ساعة الخطر لا تنتصر التسميات بل ينتصر من يقف في المكان الصحيح.

المأساة أن قادة صمود ونشطائها ، لم ينظروا إلى الحرب باعتبارها حربًا تهدد الإنسان السوداني في حياته وكرامته ، بل تعاطوا معها كفرصة لتصفية حسابات حزبية قديمة متجددة ، ذهبوا بعيدًا في فجور الخصومة ، وكرّروا كلما سنحت لهم الفرصة ، أن الحرب تقف خلفها تيارات بعينها ، بينما اتخذوا من فنادق الخارج مقارًا لهم ، يتحدثون عن الوطن من مسافة آمنة ، ويأكلون مما لذّ وطاب ، تحت رعاية أسيادهم المعروفين والممولين للحرب.

عندما أشعلت المليشيا حربها ، حزموا أمتعتهم واصطفوا في المعابر والمطارات ، حاملين جوازاتهم البديلة كطوق نجاة ، وفي المقابل كان من يُسمّونهم فلولًا يصطفون في المعسكرات ، يحملون السلاح دفاعًا عن الأرض والعِرض ، جنبًا إلى جنب مع الجيش ، لم يرفعوا شعارات ناعمة ، بل دفعوا من ارواحهم ودمائهم ثمنًا حقيقيًا ، لأجل الوطن والمواطن ، هنا انكسر الخطاب الدعائي ، وتقدّم الواقع بفظاظته وصدقه.

العداء المرضي من صمود للإسلاميين أعماهم عن رؤية اللحظة الوطنية ، فخسروا ما تبقى لهم من تعاطف ، حتى وسط من كانوا مخدوعين بشعاراتهم ، اليوم الشارع قال كلمته بوضوح ، الاصطفاف ليس مع الفنادق ولا المنصات ، بل مع من يقفون في الخنادق ، ومن يصرّ على التخوين بعد هذا المشهد والمد الشعبي الجارف ، إنما يختار العزلة عن الشعب والتاريخ معًا…لنا عودة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.