منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

بين تهديد الفيضانات والزلازل.. ما احتمال أن يتكرر سيناريو درنة في سد النهضة الإثيوبي؟

0

أثارت كارثة فيضانات ليببا وانهيار السدين في درنة مخاوف في مصر والسودان من مدى سلامة سد النهضة الإثيوبي ومخاطر انهياره ووقوع “الكارثة الكبرى”. واعتبر عدد من المراقبين أن مثل هذا السيناريو يظل ماثلا ويجب أن يؤخذ على محمل الجد، فيما حذر آخرون من كارثة تشابه تسونامي اليابان عام 2011. في المقابل، اعتبرت مصادر إثيوبية بأن السد آمن وأن هناك “محاولات لشيطنة مشروع سد النهضة وإثيوبيا”.

حذّر الجيولوجي وخبير المياه المصري عباس شراقي من خطر تكرار سيناريو درنة في سد النهضة، حيث ربط في منشور له على صفحته في فيس بوك، بين انهيار السدين في ليبيا وما نجم عنه من فيضانات كارثية أوقعت آلاف القتلى ودمارا هائلا في البنى التحتية، وبين مخاطر أن تتكرر المأساة في المشروع الإثيوبي المائي العملاق المثير للجدل أصلا بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وحلل شراقي ما حدث في ليبيا من تراكم لعدة عوامل بشرية وأيضا طبيعية ساهمت في وقوع الكارثة. وأوضح بأن “سد النهضة أكبر من السدين (الليبيين) معا بحوالي 3000 مرة، ومنطقة سد النهضة تزيد عن درنة في خطورة الفيضانات السنوية والانحدارات الشديدة والنشاط الزلزالي الأكبر في القارة الأفريقية”.

وجاءت هذه التصريحات بعد مأساة ليبيا لكن أيضا بعد إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الأحد عن اكتمال عملية تعبئة سد النهضة الضخم على النيل الأزرق، والذي يُقدّم على أنه الأكبر في أفريقيا، ما يهدد بإحياء التوترات الإقليمية مع مصر والسودان الواقعتين عند مجرى النهر. وفورا، نددت مصر بإعلان إثيوبيا أنها أتمت ملء السد مؤكدة أن هذا الإجراء يشكل “مخالفة قانونية”.

انهيار يشابه تسونامي اليابان عام 2011
يعد السد حيويا بالنسبة لأديس أبابا وقد بلغت تكلفته أكثر من 3,7 مليارات دولار، وهو في قلب صراع إقليمي منذ أن بدأت إثيوبيا العمل فيه في 2011. وأثار عباس شراقي دراسة علمية سابقة له كانت قد نشرت في مايو/أيار 2011 عن هذا المشروع، حيث كشف عن بعض ما ورد فيها خصوصا المخاطر على المنطقة. ولعل من أبرز ما ورد فيها أن من أضرار سد النهضة: “زيادة فرص تعرض السد للانهيار نتيجة العوامل الجيولوجية وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق والتي تصل في بعض الأيام (سبتمبر) إلى ما يزيد عن نصف مليار متر مكعب يوميا ومن ارتفاع يزيد على 2000 متر نحو مستوى 600 متر عند السد، وإذا حدث ذلك فإن الضرر الأكبر سوف يلحق بالقرى والمدن السودانية خاصة الخرطوم التي قد تجرفها المياه بطريقة تشبه التسونامي الياباني عام 2011”.

وأضافت الورقة البحثية التي أشرف عليها شراقي: “هناك فرص أكبر لحدوث زلزال بمنطقة الخزان (سد النهضة) نظرا لوزن المياه التي تم استقدامها إلى هذه المنطقة والتي هي عبارة عن بيئة صخرية متشققة”.

ينبغي خفض سعة سد النهضة إلى مستوى آمن
وعن هذا الموضوع، أوضح د. عباس شراقي في تصريح لفرانس24 بأن “سد النهضة معرض للانهيار لأسباب جيولوجية بشكل رئيسي. حيث أن زيادة سعة الاستيعاب جاء لعوامل سياسة وتم دون وجود دراسات علمية دقيقة، رغم أن إثيوبيا هي من منطقة زلزالية نشطة وتقع في المنطقة الأخدود الأفريقي وهي أيضا منطقة بركانية، وهي مكونة إذن من صخور بازلتية نارية بركانية تتحلل بمياه الأمطار، والتي تتساقط بكميات غزيرة خلال فصل الصيف خصوصا شهري أغسطس/آب وحتى سبتمبر/أيلول. إضافة إلى ذلك وجود انحدارات كبيرة حيث إن السد على علو حوالي 500 متر عن سطح البحر، فيما أن البحيرات أعلى ما يوجد انحدارات شديدة تكون عالية الخطورة في حال وقوع فيضانات”.

وضرب شراقي مثلا عن تجربة إثيوبيا السابقة مع تشييد السدود، مثل ما حدث في عام “2007 لسد تاكيزي الذي شهد انهيارا جزئيا أودى بحياة 47 من عمال الشركة الصينية التي كانت تعمل عليه نتيجة فيضان المياه من أعلى السد. كما هناك تجربة نهر أومو الذي يصب في بحيرة تركانا وقد سعت إثيوبيا لإقامة مشاريع عليه مثل مشروع نفق جيبا 2 الذي انهار نتيجة فيضان محمل بالطمي وقد تم افتتاحه في 10 يناير/كانون الثاني لكنه انهار لاحقا”.

كذلك، قال الجيولوجي المصري إن “عوامل الانهيار المحيطة بسد النهضة الإثيوبي هي غير موجودة في منطقة السد العالي بمصر، والتي هي غرانيتية ولا تتواجد فيها فوالق كبيرة أو جبال أو انحدارات شديدة، كما أنها تفتقر إلى التساقطات المطرية ولا تشهد حدوث فيضانات. كما أنها منطقة مستقرة من ناحية الزلازل”.

وبالنسبة إلى السعة الآمنة من المياه التي ينبغي أن يكتفى بها لجعل سد النهضة آمنا، قال شراقي: “المطلوب خفض السعة التخزينية لسد النهضة إلى سعة أقل من 40 كليار متر مكعب حتى يكون آمنا بشكل أفضل”.

سيناريو انهيار سد النهضة يظل ماثلا وعلى السودان الاستعداد
من جانبه، قال محمد خليفة صديق أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية في السودان: “مع التأكيد أن الحالة الليبية في درنة تختلف عن حالة سد النهضة جيولوجيا ومناخيا، لكن سيناريو انهيار سد النهضة يظل ماثلا. خاصة وأن هناك سدود انهارت من قبل في إثيوبيا مثل مشروع سد جيبا 2 الذي انهار ثلاث مرات، وكان اَخر انهيار بعد افتتاحه بـ10 أيام فقط. قد يكون الإشكال في سد النهضة نفسه والسد الركامي لأن مسألة أمان السد لا تجد اهتمام إثيوبيا رغم النص عليها في اتفاق إعلان المبادئ في الخرطوم في مارس/آذار 2015 البند الثامن: مبدأ أمان السد، لأن السد حال انهياره لن تتضرر منه إثيوبيا لأنه يقع قريبا من الحدود السودانية، ومنطقة السد أصلا كانت أراض سودانية حتى 1906”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.