منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*خيارات أحلاها مرّ.. العودة للخرطوم*

0

مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وغلاء إيجارات المنازل، ونفاد المدخرات المالية، بدأت رحلة عودة العائلات التي نزحت من الخرطوم هربا من القتال الدائر بين الجيش السوداني، وقوات “الدعم السريع”، إلى منازلها مرة أخرى.

الهجرة العكسية إلى العاصمة من الولايات السودانية الأخرى ودول الجوار، تارة أخرى، سببها سوء أوضاع أماكن النزوح، وتوقف رواتب موظفي العام والخاص، وعدم إيجاد فرص عمل جديدة لمقابلة الاحتياجات اليومية.

** عودة محفوفة بالمخاطر
غالبية الأسر التي هربت من القتال الدائر في الخرطوم، كانت تتوقع انتهاء الحرب خلال أسبوعين أو شهر تقريبا، ولكنها تفاجأت باستمرار الأزمة إلى فترة طويلة قاربت الـ 6 أشهر، وربما تستمر إلى سنوات طويلة حال عدم توفر الإرادة لوقف إطار النار والانخراط في مفاوضات سياسية.

بالنسبة إلى المواطن، يوسف سعيد (41 عاما)، فإن سوء الأحوال الاقتصادية اضطرته للعودة مرة أخرى من ولاية الجزيرة (وسط)، إلى منزله في الخرطوم، رغم المخاطر الأمنية الكبيرة.

يقول سعيد في حديثه للأناضول: “خرجت من منزلي في الأيام الأولى للحرب، وتوجهت إلى ولاية الجزرة (شرق)، على أمل العودة خلال شهر تقريبا، لكن الحرب استمرت لفترة طويلة.

وأضاف: “بعد مضي 4 أشهر وصلت إلى منزلي بالعاصمة الخرطوم، بعد نفاد المدخرات المالية، بسبب غلاء إيجارات المنازل”.

“قرار العودة كان صادما بالنسبة إلى أسرتي الصغيرة، لكن بعد نقاشات طويلة اتفقنا على العودة إلى المنزل، رغم المخاطر الكبيرة، وشجعنا على ذلك بعض الجيران الذين ما يزالون يقيمون داخل منازلهم”.

وزاد: “وصلنا إلى المنزل، رغم الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، والمياه، لكن على الأقل نسكن داخل منزلنا دون أن ندفع أموالا مقابل الإيجار، ونأكل ما توفر من رغيف الخبز وحساء العدس”.

** غلاء إيجارات السكن
أغلبية الأسر التي وصلت إلى العاصمة المصرية القاهرة، واجهتها مشكلة توفير المتطلبات المعيشية اليومية، وتوفير السكن، خاصة وأن مصر شهدت ارتفاعا ملحوظا في سوق العقارات مع موجة نزوح السودانيين الكبيرة.

تقول المواطنة عفاف مصطفى، إن الظروف الاقتصادية اضطرتها للعودة إلى الخرطوم، رغم المخاطر الأمنية بعد أن مكثت مع أسرتها 3 أشهر بالقاهرة.

وأشارت إلى أن أحياء مثل “فيصل” و”المهندسين”، و”الدقي” و”الجيزة” في مصر، شهدت ارتفاعا عاليا في إيجارات الشقق السكنية التي وصلت سعر بعضها إلى 50 ألف جنيه مصري ما يعادل (1600 دولار تقريبا)، سنويا.

وأوضحت عفاف في حديثها للأناضول، أن “أسرتها وصلت إلى الخرطوم، بعد معاناة كبيرة، للسكن مع أقاربها في أطراف العاصمة إلى حين انجلاء الأزمة”.

وفي سبيل تحسين ظروفها الاقتصادية، أشارت عفاف إلى انخراطها في العمل كعاملة نظافة في مرفق للرعاية الصحية في الحي الذي تقطنه لتوفير أموال تعينها في تصريف أوضاع أسرتها الصغيرة.

** معاناة شديد على الحدود
ومع اشتعال فتيل أزمة الحرب، هرب الكثيرون في دارفور غربي السودان إلى دولة تشاد المجاورة، وتوزيعهم على معسكرات كبيرة بمنطقة أدري التشادية، وسط معاناة شديدة في ظل شح المساعدات الإنسانية.

وقال المواطن، آدم حسين، إن أسرته لجأت من مدنية الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور إلى تشاد، واستقرت في معسكر بمنطقة أدري على الحدود مع السودان.

وأشار حسين في حديثه للأناضول: “وصلنا بعد معاناة شديدة إلى منطقة أدري، وظللنا لمدة شهرين، في ظل شح المواد الغذائية والأدوية.”

وأضاف: “في نهاية الأمر قررت العودة إلى دارفور، رغم الوضع الأمني المعقد في مدينة الجنينة، وباشرت أعمالي في زراعة الأرض.”
وتابع: “الأسرة حاليا تعيش في ظروف مناسبة، واستطعت توفير الغذاء والدواء من خلال عملي في الزراعة في الفترة الصباحية، والسوق في الفترة المسائية.. استطعت خلال علمي في الصباح والمساء توفير متطلبات الأسرة البسيطة من الغذاء والدواء.”

** ضعف سوق العمل
يقول الخبير الاقتصادي، أسامة الطيب، إن عودة النازحين واللاجئين من الولايات المتاخمة للجوار وبعض دول الجوار إلى منازلهم في العاصمة الخرطوم، أمر متوقع، خاصة وأن الأغلبية غادرت خائفة ومضطربة منذ الطلقة الأولى وفي حوزتها مبالغ مالية محدودة.

وأشار الطيب في حديثه للأناضول، أن الحرب دخلت شهرها السادس، دون أمل في انتهائها قريبا، وكانت توقعات الأسر الفارة من نيران الاشتباكات العودة خلال شهر أو شهرين.

وأضاف: “توقع معظم المواطنين العثور على وظائف في سوق العمل، تساهم في سداد إيجارات السكن الشهرية، وشراء مستلزمات المعيشة اليومية، ولكن الواقع فرض سيطرته عليهم، ما اضطرهم إلى خيار العودة مرة أخرى، رغم المآسي والكوارث اليومية في أحياء العاصمة الخرطوم.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.
بهرام عبد المنعم / الأناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.