“صوت جبال النوبة” السودانية تعزف أناشيد السلام في أرض الحرب
أغنيات الفرقة التي تؤديها بالعربية والإنجليزية ولغات منطقة جبال النوبة تركز في الغالب على القضايا الاجتماعية.
بورتسودان (السودان) – على أرض غير ممهدة في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، يشدو جنرال كيدي وجانجا فارمر بأغاني الراب على وقع الموسيقى مستخدمين مكبرات صوت، فيما أطرب الغناء أفراد الجمهور فأخذوا يصفقون ويزغردون. وينحدر مؤسسو فرقة “صوت جبال النوبة” من ولاية جنوب كردفان التي طالما تمردت ضد الحكومة. وانتقل مؤسسو الفرقة إلى العاصمة الخرطوم بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة 2019 الشعبية.
وبعد أربع سنوات، وجد الفنانون وهم جزء من المشهد الثقافي الذي انتعش بعد الإطاحة بالبشير، أنفسهم يرتحلون مرة أخرى بعد اندلاع الحرب في الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأعضاء الفرقة من بين أكثر من خمسة ملايين شخص أخرجهم من ديارهم صراع تمخضت عنه أزمة إنسانية كبيرة، لكنه سمح لجماهير جديدة بالاستمتاع بإبداعات الفرقة المميزة.
◙ ألحان الموسيقى النوبية تعتمد على نغمات السلم الخماسي والذي تلتقي فيه الموسيقى النوبية مع الموسيقى الأفريقية وموسيقى الشرق الأوسط
وقال جانجا فارمر (37 عاما) إن الحرب جعلتهم يتعرفون على الكثير من الناس في السودان من غير قبيلتهم. وتشارك الفرقة، التي تشكلت عام 2014 وكان من ضمن أهدافها نشر الثقافة الخاصة بجبال النوبة، في ورش عمل لتعليم الموسيقى والرقص الخاص بالمنطقة. وتركز الأغنيات، التي تؤديها بالعربية والإنجليزية ولغات منطقة جبال النوبة، في الغالب على القضايا الاجتماعية مثل حق الأطفال في مستقبل أفضل.
وتعتمد ألحان الموسيقى النوبية على نغمات السلم الخماسي، والذي تلتقي فيه الموسيقى النوبية مع الموسيقى الأفريقية وموسيقى الشرق الأوسط. وتنتشر الآلات الموسيقية في السودان حسب البيئة الجغرافية وطبيعة المنطقة وثقافتها، ويشتهر شمال السودان بوجود فن الطمبور، وهو آلة وترية مصنوعة من مواد محلية وتعبر عن وجدان الشعب السوداني، وتنتشر في كل أرجاء السودان، ولكن بأشكال وأحجام ومسميات وخامات ونغمات مختلفة.
وللغة النوبة لهجات محلية مختلفة، ولكل قبيلة أو مجموعة من القبائل اللغات التي يستعصي فهمها على القبائل الأخرى، ولذلك فلكل قبيلة منهم موسيقاها الخاصة التي تميز في الأخير جبال النوبة جميعها. وعبر جنرال كيدي (29 عاما) عن أمله في أن تجوب الفرقة ذات يوم أنحاء البلاد لنشر رسالتهم.
وقال كيدي إنهم يريدون أن يصل صوت سكان منطقة جبال النوبة إلى بقية سكان السودان من خلال الموسيقى. وأضاف أنه يريد أن يقدم للعالم صورة للسودان، ليس سودان الحرب، بل سودان التقاليد والضروب المختلفة من الموسيقى. لكنه يشعر بالأسى لأن مهمتهم لن تتحقق بغير حلول السلام.