منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د.ليلى الضو أبوشمال تكتب *نواح نازح*

0

النزوح ما هو الا ابتلاء يصاب به الإنسان الآمن ،،أن يكتب لك الله أن تخرج حزينا من دارك خوفا وهلعا، مجبرا وليس وفق ارادتك فهو الامتحان الصعب ،حيث خرج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد الاسلام الأول حين ضاقت بهم مكة وأهلها الذين عادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته، فبات المسلم غير آمن على نفسه، عندها أذن لهم رسول الله بالهجرة،، فكان أول النزوح ،واستمرت معركة الحياة بين أمن وخوف، وجوع وعري، قصة لا تنتهي، وهكذا يكون الإنسان في هذه الدنيا الفانية، بالأمس كان نازحون يلجأون إلى السودان ليقيهم شر الحروب والقتال والجوع وعدم الأمان ،،كان قبلة لأهل أفريقيا ،كما كان قبلة لأبناء كثير من الدول بالقارات الأخرى ،،فكان حاميا لهم وفاردا أجنحته ليحتويهم،، واليوم يصاب السودان من أبنائه جلدته يتقاتلون في عاصمته ويجبرون ساكنيها للخروج فارين من ديارهم تاركين كل ما يملكونه،، منهم من نزح لولايات السودان المختلفة، ومنهم من هاجر خارج السودان لا يفكر الا في لحظة الأمان التي تبعده عن خطر الموت،، ثم ما يلبث أن يتدبر أمره الذي صار فيه ليجد أنه خرج وربما لن يعود،، وإن عاد لن تعود الأشياء كما كانت، انهم لم يدمروا الديار ويسرقوا العمار وانما قتلوا الأحلام وحطموا الامال وزرعوا الخوف الذي لم ينبت الا روعا في قلوب الأطفال الذين تركوا كتابهم من خلفهم ومن قبل ذلك (أحلام بكرة) التي تساقطت مع الدانات ورصاص الرشاش، وحين يعود الصبي لن يجد كتابه، ولن يجد الأب عزيمته ليبدأ من جديد ، ولن تجد الأم موقدها لتشعله دفئا للبيت وساكنيه،، ما ذنب هؤلاء الأطفال أن تكون ذكرياتهم دانة وبندقية وأحلام غير وردية،، وما ذنب الشباب أن تبدل امالهم للغد بالامهم على اصدقائهم الذين اثروا الدفاع عن الوطن فماتوا فداه ،،فكيف للصديق أن يعيش بعد فراق رفيق الأحلام والمشوار الذي بدأ بخطوة وتعثرت بقية الخطى في بحور الدماء وأشلاء الرجال على شوارع المدينة، وضاع مستقبل المنى وقبر مع من حفتهم الملائكة وزفتهم لدار الخلود.
وصار لسان الحال يردد
متى من طول نزفك نستريح سلاما أيها الوطن الجريح
تشابكت النصال عليك تهوي وأنت بكل منعطف تصيح
وضج الموت في أهليك حتى
كأن اشلاؤهم ورق وريح
تعثر أهله بعض ببعض
ذبيح غاص في دمه ذبيح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.