منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. معاوية صبري يكتب: *الشتات وخطورة التغيير الديمغرافي بالسودان*

0

أشرت في مقالة سابقة وفي حلقات مع تلفزيون السودان الى خطورة وتداعيات
مشاركة حركات الشتات في الحرب التي تجري بالسودان والاطماع الدولية في تلك
الحرب والهدف المخفي منها ايجاد وطن بديل لهؤالاء الشتات
ثمنا لمشاركتهم ً
كمرتزقة في هذه الحرب وبالتالي احداث تغيير ديمغرافي كبير في التركيبة السكانية
لسكان السودان وتوزيعهم على الولايات المختلفة. وبالرغم من ما وفره السودان لكل
لاجئ دول الجوار من استضافة كريمة دون رسوم او تاشيرات فاصبح السودان
ملاذ امن للنازحين واللاجئيين لتلك الدول الا ان دول الجوار الافريقي ردت الجميل
باسوأ مما يتوقع اهل السودان فتحولوا بتاثير خارجي الى وقود لتلك الحرب واحدثوا
خراب ودمار ستتحدث عنه الاجيال القادمة. وبشئ من التحليل ساعرض مكونات
ذلك المصطلح وتاثيره على الاقليم وفق نظريات العلاقات الدولية والسياسات
الخارجية.
نشأ معنى الشتات بالاساس من الكلمة اليوناينة Disapora« تقسم البذور« اي
التشتت والانتشار فالشتات هم شعب من اصل مشترك يقيم على اساس دائم وخارج
حدود وطنه العرقي او الديني، سواء كان ذلك الوطن حقيقياً ام رمزياً مستقل ام
تحت سيطرة اجنبية، على هذا النحو يرمز الشتات الى السكان الذين يمثلون مواقع
متعددة الهوية وهذا ينبطق بشكل خاص على مفاهيم الوطن )الاصل الاقليمي
للشتات( والارض المضيفة )حيث يقيم الشتات(. الى جانب علاقاتهم السياسية
والاقتصادية والفكرية المتبادلة. تغلف قضايا الولاء هذه العلاقات ما يشير ليس فقط
الى تراجع المبادىء الاقليمية بل ايضا الى مجتمعات مدنية عالمية ناشئة غير مقيدة
بالحدود المادية للدولة. مثل هذا السعي من اجل التمثيل الجماعي، الى جانب آليات
»الحفاظ على هويتهم العرقية القومية ورعايتها«، يسلط الضوء على الاختلافات
الاولية بين تصور الشتات والمجموعات الاخرى العابرة للحدود الوطنية مثل
المهاجرين واللاجئين.
أن الشتات هو نتاج مستمر لحركات السكان والهجرات الموجودة عبر التاريخ التي
غالبا ما تبدا قسراً من خلال الحرب والتوتر العرقي والسياسة والمجاعة. وبينما ً
في الهجرة، فقد اختلط الشتات
كانت الدوافع الاقتصادية ايضا عاملا رئيسياً
الوقت الحاضر من الطلاب الدوليين والعمال والضيوف والمهاجرين الدائمين مع
اتجاهات تهريب الاشخاص، ما يؤدي الى انشاء مجموعات سكنية متدفقة باستمرار
وساعدت عمليات النقل الاضافية للاجئين السياسيين الى جانب الموارد الفكرية
وموارد العمل من خلال البرويتاريا الزراعية والتصنيعية والخدمية على انشاء
مجتمعات عابرة للحدود الوطنية من المهاجرين المنفصلين جسديا عن اوطانهم.
تعزز تشكيل الشتات، وتزايد نفوذهم من خلال التغييرات الثورية في الاتصالات
والنقل التي مكنت الفرص للهجرات عبر الوطنية على نطاق غير مسبوق من
الاتصالات عبر الاقمار الصناعية الى الانترنت كما اثرت الابتكارات التكنولوجية
في كيفية تصوير الهوية وتنظيمها وكيف ينظر السكان الى انفسهم ويتصرفون بها
عبر الحدود الوطنية ما يسمح بانشاء شبكات شخصية عبر الحدود المادية. فإعلان
الهويات
فردياً
وجماعيا من خلال المجالات العامة في الشتات مثل المنتديات ً
وغرف الدردشة عبر الانترنت ادى الى انشاء مجتمعات اجتماعية »تربك النظريات
التي تعتمد على استمرار بروز الدولة القومية بحسبانها الحكم الرئيسي للتغييرات
الاجتماعية المهمة«.
تضم مجالات الشتات مجموعة واسعة من الحركات الاجتماعية ومجموعات
المصالح والمنظمات غير الحكومية والاديان والهيئات القضائية، التي تتجلى من
خلال »الترسانات الثقافية« من المعابد والمنظمات الاخوية والصحف والمدارس.
وبدلا من مجرد انتاج معارضة جديدة داخل مجموعات سكانية مختلفة، ظهرت
تعريفات جديدة للمحلية من خلال الشتات اعادت تعريف معناها بحيث لم تعد هناك
حدود فاصلة بين المحلي والعالمي بسبب انتشار مجتمعات معينة في مواقع متعددة
سواء مدن او دول.
على هذا النحو وبما ان التجمعات الاجتماعية موجودة في وقت واحد في مواقع
متعددة، فان الشتات يمثل »اعادة الاستيلاء على القضاء« بشكل اساسي. بهذه
الطرق، تكون المجالات العامة في الشتات قادرة على خلق امكانيات لم تكن متخيلة
من قبل للعمل الاجتماعي العابر للمحلية ما يفتح المجال للحجج والمناقشات التي
غالبا لا علاقة لها بالحدود الوطنية. ً
ختامـــا:ً لا يمكن الي من المناقشات النظرية في مجال العلاقات الدولية ان تفسر
بشكل كامل مسارات تعبئة الشتات مع ذلك تعترف الروايات الواقعية التي ترتكز
على اعتبارات المنفعة والقوة المادية بان هويات الشتات تدعم شبكات القرابة عبر
الحدود وتمارس تاثيرات في الدول المجاورة والنظام الدولي وفيما تكشف الروايات
الليبرالية عن التفاعلات بين الوكلاء السياسين في الشتات والدولة المضيفة فانها
تعترف بان هويات الشتات تتشابك مع القوة التنظيمية والمادية للوكلاء للسياسيين في
الشتات،
اخيرا لا يمكن لتفسيرات الحركة الاجتماعية البنائية والعابرة للحدود ً
الوطنية ان تتجاهل اهمية الشتات كمصادر للقوة المادية في الصراع السياسي وهي
تعترف بان الوكلاء السياسيين في الشتات يضغطون على الدول المضيفة والدول
الاصلية على قدم المساواة مع التعبئة العابرة للحدود الوطنية حتى لو كان العلماء
يسعون الى دمج اعمالهم في منهج نظرى واحد كبير ففي الواقع لا يواجد توافق
مثالي وتشتمل نظرياتهم على افتراضات من نماذج مختلفة.
وقد خلص العديد من العلماء البارزين آخيرا الى ان نظرية العلاقات الدولية
المرتكزة على نماذج النظرية الكلية للواقعية والليبرالية والبنائية وربما وصلت الى
حدودها بسبب ان النماذج المجمعة »تفتقر الى محتوى مشترك غير قابل للقياس«
مع وجود تفسيرات عديدة تتقاطع معها وبالتالي فتحت النظريات الكبرى المجال
لنظريات متوسطة المدى تندرج
تقليديا ضمن السياسة المقارنة مع التركيز على ً
المقارنات بين الدول والوحدات الفرعية
مؤخرا مثل المدن والمناطق. ً
تاسيسا على ما تقدم، تكشف ممارسات العديد من مجتمعات الشتات حول العالم عن ً
نزعة اصلية للحفاظ على الروابط مع الموطن الاصلي عبر الانخراط في صراعاته
على الرغم من ان هذا الانخراط تباين بصورة لافته بين حالة واخرى من حيث
الاتجاه والكثافة والتاثير فقد حمل انخراط مجتمعات الشتات في معظم حالات
الصراعات تاثيرات عميقة لفتت الانتباه الى ضرورة انفتاح دراسات الصراع
والسلام على تلك المجتمعات بصورة اكبر كفاعل محوري في الصراعات فضلا
عن ضرورة ادماجها كطرف اصيل من اصحاب المصلحة في صنع وتنفيذ
السياسات المعنية بتقليل الصراعات وبناء السلام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.