*لتفادي ضربات أميركية.. طهران تتأهب وخامنئي يستنجد بظريف*
بعد التلميحات والتأكيدات الأميركية بأن قرار ضرب أصول ومواقع إيرانية في المنطقة اتخذ بالفعل رداً على هجوم الأردن الأسبوع الماضي والذي أودى بحياة 3 جنود أميركيين، شهدت طهران حراكاً نشيطاً بغية تفادي تلك الضربات المرتقبة.
فقد عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اجتماعاً طارئاً خلال الأيام القليلة الماضية، مدفوعاً بقلق عميق من الانتقام الأميركي المتوقع.
وناقش المجلس، الذي يضم الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، بالإضافة إلى قادة القوات المسلحة واثنين من مساعدي المرشد علي خامنئي، لبحث كيفية الرد على مجموعة من الاحتمالات، من هجوم أميركي داخل إيران نفسها، إلى توجيه ضربات ضد الميليشيات الموالية لها في المنطقة، وفق ما كشف ثلاثة إيرانيين مطلعين على مداولات المجلس وغير مخولين بالتحدث علناً.
تجنب الحرب
ويبدو أن خامنئي كان واضحاً خلال ذلك اللقاء، إذ أكد ضرورة تجنب إشعال حرب مباشرة مع أميركا وإبعاد البلاد عن تصرفات الوكلاء الذين نفذوا هجوم الأردن الذي استهدف بطائرة مسيرة البرج 22 على الحدود.
إلا أنه رغم ذلك، شدد على وجوب الاستعداد للرد إذا استهدفت الأراضي الإيرانية.
وفي سياق تلك الاستعدادات التي بدأت حتى قبل فترة، وضعت طهران كافة قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى، ونشطت أنظمة الدفاع أرض جو، كما نشرت صواريخ باليستية على طول الحدود مع العراق، وفقًا لما أكده المسؤولون الإيرانيون الثلاثة المطلعون على الخطط، ومسؤول حالي ومسؤول سابق، لصحيفة “نيويورك تايمز”.
كذلك، أخلى عدد من القادة العسكريين الإيرانيين والمستشارين بعض القواعد في العراق وسوريا التي يمكن أن تشكل أهدافاً أميركية، لتجنب الاغتيالات.
ظريف يطل بعد تهميش لسنوات
أما على الصعيد السياسي أو الدبلوماسي، فلجأت طهران إلى وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، بعد ثلاث سنوات من التهميش.
إذ بدأت دائرة خامنئي في التشاور مع الدبلوماسي الرفيع السابق، الذي يتمتع بخبرة واسعة في التعامل مع الأميركيين.
وكشف ساسان كريمي، المحلل السياسي في طهران الذي يعمل مع ظريف في إحدى الجامعات المحلية، أن السلطات الإيرانية اتصلت بالوزير السابق “لأنه يستطيع تحليل الوضع بشكل أفضل وشرحه للجمهور، في هذا الوقت الحساس الذي يحتاج إلى خبراء رفيعي المستوى في السياسة الخارجية”.
أما الهدف، بحسب كريمي، فهو تجاوز تلك الأزمة الخطيرة بكل وسيلة ممكنة وبطريقة تؤدي إلى تفادي توجيه ضربات أميركية داخل إيران.
لا سيما أن أي حرب واسعة بين الجانبين ستحمل مخاطر داخلية كبيرة على النظام، بحسب عدد من المراقبين.
وفي هذا السياق، قال مصدر مقرب من دائرة خامنئي واستراتيجي عسكري له علاقات مع الحرس الثوري، إن المرشد أوضح للمقربين منه أنه يعارض الحرب مع الولايات المتحدة، لأن الأولوية القصوى حالياً هي الحفاظ على قبضة النظام على السلطة، بالإضافة إلى عدم صرف انتباه العالم عن الكارثة الإنسانية في غزة، ناهيك عن الآثار والعواقب الوخيمة التي يمكن للحرب أن تتركها على المستوى الداخلي في إيران، خاصة أن البلاد تعاني بالفعل من العقوبات الدولية والبطالة والتدهور الاقتصادي.
وكانت المخاوف من اندلاع الحرب أدت هذا الأسبوع إلى انخفاض قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي، ما رفع أسعار العديد من السلع.
يذكر أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، كان أكد أمس الخميس، أن بلاده سيكون لها رد متعدد المستويات على الهجوم الذي طال قوات أميركية في الأردن الأسبوع الماضي، متهما إيران بتدريب وتمويل منفذي هذا الهجوم وغيرها من الهجمات التي طالت القوات الأميركية في سوريا والعراق، حتى قبل السابع من أكتوبر وتفجر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ومنذ منتصف أكتوبر الماضي، شهدت القواعد الأميركية في كلا البلدين أكثر من 160 هجوماً بالطائرات المسيرة والصواريخ التي تبين أن بعضها إيراني الصنع، نفذتها فصائل مسلحة مدعومة إيرانيا ومنضوية تحت ما يسمى “المقاومة الإسلامية في العراق”.