د. أمين حسن عمر يكتب *النصر_معقود_بالتقوى.. لايجوز التمثيل بالجثث*
د. أمين حسن عمر يكتب
*النصر_معقود_بالتقوى..
لايجوز التمثيل بالجثث*
التمثيل بالجثث من أشد الحرمات عند الله تعالى
فلا يجوز للمسلم أن يمثل بالمقتول ولو كان كافراً
وكان من أحاسن أخلاق العرب قبل الإسلام أنهم يأنفون من العبث بجثث القتلى وقد أكد علماء الإسلام أن إهانة جثث القتلى والتمثيل بها عمل غير إنساني، وهو محرم شرعا، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء للمسلم أو لغير المسلم، وبينوا أن للإنسان حرمته حيا وميتا، وتكريمه دفنه، لأن ديننا هو دين الرحمة ونبذ الإرعاب والقتل الإجرامي والتخريب والتدمير الذي تفعله المليشيا.
فالتمثيل بالجثث ضرب من ضروب الوحشية وهو حرام ولا يقره الشرع ولو كان أولئك كفارا، و لا يجوز للمسلم ان يمثل بالمقتول وذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة في الحديث الذي رواه الإمام احمد عن بريدة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مثل بالأعراب العرنيين فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا وكان ذلك قصاصا مثلما فعلوا بشهداء المسلمين ثم نسخ سمل الأعين بنهيه عن المثلة. في الحديث قال عمران بن حصين رضي الله عنهما: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا امرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة حتى الكفار إذا قتلناهم فإنا لا نمثل بهم بعد القتل ولا نجدع آذانهم وأنوفهم ولا نبقر بطونهم، إلا ان يكونوا فعلوا ذلك بنا فنفعل بهم مثلما فعلوا، والترك افضل، كما قال الله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين).والآية نزلت لما مثّل المشركون بحمزة وغيره من شهداء احد رضي الله عنهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لئن( أظفرني الله بهم لأمثلن بضعفي ما مثلوا بنا، فأنزل الله هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل نصبر).
والتمثيل بالمقتول كبيرة من كبائر الذنوب حتى وإن كان المقتول يقتل على حق، وقد اختلف الفقهاء في شأن من قتل ومثل بعدوه، هل نقتله ونمثل به؟ والراجح لدى الفقهاء انه لا يمثل به ايضا.
فالتمثيل بالمقتول يتنافى مع الإسلام ومع كرامة الإنسان ومع القيم العليا في الشريعة الإسلامية.
ونهى الاسلام عن التمثيل بالجثث لانها ليست من اخلاق المسلمين والعرب ايضا كانت في الماضي تأنفها، لكن عندما انهزم المسلمون في معركة احد، قام الكفار بالتمثيل بجثثهم فبقروا بطن حمزة واخرجوا كبده، وقطعوا أنفه وشفتيه واذنه واعضاءه التناسلية، وشوهوا وجه انس بن النضر حتى اختفت معالمه فلم تعرفه الا اخته من خاتم في اصبعه.وقد رووا أن أبا سفيان وقف ينادي، والنبي صلى الله عليه وسلم مع اصحابه في جبل احد : لقد كانت في القتلى مثلة لم أرضها. وهذا يبين ان العرب قبل الاسلام تأنف التمثيل بجثث القتلى ايا كان لأن الانسان له كرامة ومما يدل على كرامة الإنسان مطلقا أنه عندما مرت جنازة يهودي قام لها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله انه يهودي، فقال: انه الموت، وهو انسان فاحتراما لانسانية الانسان وتوقيرا للموت وملك الموت، والايمان باليوم الاخر بعد الموت، وقف النبي صلى الله عليه وسلم حتى مرت الجنازة. فالميت عاجز عن الدفاع عن نفسه أيا كان، فالأولى دفنه فقد كان العرب يدفنون القتلى، والصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يمثلوا بجثة أبي جهل ولا بأحد من السبعين الذين قتلوا معه في معركة بدر الكبرى بل سحبوهم في قبر واحد جماعي وهو بئر ليس فيها ماء ودفنونهم ولم يتمكنوا من جر أمية بن خلف لانه كان تفسخ في ايديهم فردموه بالحجارة وصفوها عليه حتى توارت جثته.
وقد قال الله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم) فحق لبني آدم أن يكرموا الإنسان الذي كرمه الله. ولئن كان اعداؤنا المجرمون من المليشيا وأعوانهم يفعلون هذا بنا فهذا من باطلهم فلا يحل لنا ان نتشبه بهم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم منع ان يمر بالأسرى من النساء والاطفال على آبائهم واخوانهم وابنائهم القتلى لان ذلك يحزنهم ويؤذيهم في اهلهم.
ويشهد التاريخ على رحمة هذا الدين في أوامره وتعاليمه حين نتعامل مع غير المسلمين و الأنموذج هو البطل صلاح الدين الايوبي فبعدما ما فعله الصليبيون بالمؤمنين خلال تسعين عاما، فإنه عندما انتصر عليهم عاملهم بأسلوب احترم موتاهم ومن بقي منهم على الحياة. فكتب عنه المؤرخون النصارى وتأسفوا على ما فعلته جيوشهم في المسلمين واعترفوا بان صلاح الدين علمهم في الحرب اخلاقا كريمة وذلك بعلاجه للملوك الأسرى بنفسه وعفوه عنهم دون فدية، واطلاقه المحتجزين من الاطفال والرهبان وقساوسة الكنائس، كما ترك الكنائس دون هدمها وقام بتعمير ما تهدم منها واطلق حرية العبادة والعقيدة وضم الاطفال المشردين الى امهاتهم وان كانوا من السبي، فهذه الاخلاق هي سر الانتصار. وهي من محاسن الاسلام التي يجب ان تعرض اليوم على الرأي العام العالمي وقال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
وقد روت كتب الحديث أنه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا امر اميراً على جيش او سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا) والحديث اخرجه مسلم.
أحاديث النهي عن المثلة:
وردت عدة احاديث في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة نقلها عنه جمع من اصحابه، منهم: بريدة بن الحصيب، وعمران بن الحصين، وعبدالله بن عمرو، وانس بن مالك، وسمرة بن جندب، والمغيرة بن شعبة ويعلى بن مرة، وجرير بن عبدالله، وعبدالله بن يزيد، واسماء بنت ابي بكر رضوان الله عليهم اجمعين، فمن ذلك:
ما اخرجه البخاري عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النهبة والمثلة.
ما اخرجه احمد ومسلم والاربعة عن بريدة رضي الله عنه مرفوعا: (اغزوا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا..) الحديث.
ما اخرجه احمد وابو داود والنسائي وابن حبان عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة) وقد رواه البخاري عن قتادة اثر قصة العرنيين مرسلا.
ما اخرجه احمد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه انه قال: (نهى رسول الله عن المثلة).
ما اخرجه احمد والبخاري وابو داود والترمذي عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: (بعثنا رسول الله في بعث، فقال: ان وجدتم فلانا وفلانا لرجلين فأحرقوهما بالنار، ثم قال حين اردنا الخروج: اني كنت امرتكم ان تحرقوا فلانا وفلانا، وان النار لا يعذب بها الا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما)، وفي بعض الفاظ الحديث: (وانه لاينبغي لاحد ان يعذب بعذاب الله).
واعلموا أن النصر معقود بعد القوة بالتقوى فأتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون.