منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. محمد بشير عبادي *فلتضبط الحدود والأجنبي الموجود.. حتى لا نلطم الخدود *

0

د. محمد بشير عبادي

*فلتضبط الحدود والأجنبي الموجود.. حتى لا نلطم الخدود *

تطالعنا وسائل الإعلام كل يوم بخبر مفاده أن دولة شقيقة أو صديقة أصدرت قرارات جديدة تشدد فيها إجراءات دخول السودانيين إليها وإقامتهم على أراضيها، هي إجراءات وإحترازات نجد لهم العذر فيها، فبلادنا تمر بظروف إستثنائية إقتضتها الحرب الدائرة الآن ولا يمكن لدولة تحترم سيادتها وتعمل علي الحفاظ على أمنها الوطني، أن تكون أبوابها مشرعة مع دولة غير مستقرة أمنيا، فربما تسرب مجرمون أو إرهابيون يهددون الأمن لديها ويعملون على زعزعة الاستقرار أو ربما تدخل إليهم أمراض وأوبئة يحملها الفارون من ويلات الحرب،لذلك لا حرج في إصدار قرارات صارمة تحد من كل ذلك وهو أمر مشروع.
ولكن بالمقابل على قادة دولتنا، إتخاذ قرارات مماثلة تحصن الدولة من إختراقات حدودها وقد أظهرت هذه الحرب بوضوح الضرر الذي ألحقه فتح حدودنا على مصراعيها مع دول الجوار، إذ ثبت بالأدلة القاطعة، أن كثيرا من الإمدادات اللوجستية تأتي لمليشيا التمرد من تلكم الدول، في شكل عتاد عسكري أو قوى بشرية.. إن العلاقات مع الدول تبني على تبادل المصالح والمنافع، لا العواطف كما العلاقات الشخصية، فبسبب الطرق على نظرية (الاستمالات العاطفية) التي أدمنها بعض الساسة والناشطين،صار الحديث عن صون هوية البلد وسيادتها ضرب من التطرف يعاقب ويخاشن لفظيا من يطلقه.
كل الدول حول العالم تحافظ على هويتها وتماسك مجتمعها وتعقيمه من الآفات الوافدة عبر حزم من التشريعات والإجراءات، تشمل تقنين دخول وإقامة الأجانب والتشدد فيها وهي قوانين دولية مباحة لا غلو أو ظلم فيها، هدفها الحفاظ على الأمن الوطني وسيادة كل دولة.. ما المشكلة إذا أجلت الدولة السودانية وابعدت كل من يهدد أمنها ولو بكلمة أو نشاط معاد على مواقع التواصل الاجتماعي مثلا ؟؟!!، فكم من دولة أبعدت من تعتقد أنه يهدد أمنها لمجرد شبهة مناصرته من يعاديهم، دعك من أن يشارك بالفعل الميداني، كما يفعل رعايا دول أجنبية كثر اليوم بمشاركتهم لمليشيا التمرد في قتالها ضد الجيش الوطني أو بقتلهم ونهبهم للمواطنين العزل في الخرطوم وولايات أخرى.. ماذا تنتظر السلطات أكثر من ذلك؟ ، يجب تفعيل قوانين الإقامة للأجانب في كافة الولايات السودانية و الإسراع في إنفاذها على الأرض بواسطة الأجهزة الأمنية، كل من يقيم بطريقة غير شرعية يبعد، كل لاجئ يوضع في معسكرات اللجوء على التخوم مع دول الجوار وفق قوانين اللجوء الدولية المعمول بها في مثل هذه الحالات.. إلى متى نستجيب لابتزاز الساسة والناشطين؟ الذين يودون إستخدام الأجانب لتوسعة قواعدهم الشعبية، أو تستخدمهم الحركات المسلحة كمرتزقة مقاتلين يغذون بهم جيوشهم الخارجة عن القانون.
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ،(الآية 216، سورة البقرة)، ربما فرض الله علينا القتال في السودان ونحن له كارهين، لحكمة يراها سبحانه وتعالى، حتى نصحو من غفلتنا وإسترخاءنا الذي طال أمده وليكون القتال علاجا لنا بالصدمة، لإعمال المراجعات الشاملة وإعادة التقويم وأول هذه المراجعات ينبغي أن تكون مراجعة تشريعات الهوية السودانية ومراقبة الحدود الدولية وفق آليات حديثة قوامها التقنيات المتقدمة من مسيرات وكاميرات مراقبة للحدود إضافة للدوريات الأمنية الراكبة والمرتكزة.
لا تنمية ولا نهضة وتقدم لدولة، إلا بالاستقرار ولا إستقرار إلا بضبط الأمن الداخلي ولا أمن داخلي إلا إذا إقتنع الناس بأولويته حاكمين ومحكومين.. الأمن بمفهومه الشامل وليس التحركات العسكرية فقط، فالكل مطالب أن يسد ثغرته رافعا لحسه الأمني، مقدما المصلحة العامة على الخاصة مع إرتفاع الوعي وعدم الاستجابة للابتزازات والخطاب العاطفي الذي يطلقه بعضا من أصحاب الغرض، ذلكم الخطاب الذي يسوق الناس وراء دعوات هدامة كما القطيع، ليستفيد قلة من هذا الوضع الشائه وتدمر البلاد بأكملها.. تلكم الدعوات التي تريد هدم المعبد فوق رؤوس الجميع ليستحوذ آخرين على مواردنا وثرواتنا بأيدي بعض الانتهازيين منا، الذين درجوا على (الإستهبال السياسي) والتلاعب بالعقول.
كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها وتستخدم لذلك كل السبل وليس بدعا إذا قام أهل السودان برعاية مصالحهم كذلك، بقفل حدود بلادنا وتقنين وضبط الوجود الأجنبي عبر إجراءات صارمة وآليات فاعلة..فدولة لا تحرسها القوة، حق للآخرين الطمع فيها واستباحتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.