منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

اماني البخيت تكتب: نفحات رمضان *إتقوا الظلم*

0

إن الله تعالى خلق الدنيا و جعل لها نظام و قوانين و شرائع حتى لا يخرق هذا النظام و لا يختل ، و لكن طبائع البشر و صفاتهم تختلف فمنهم المؤمن و من العاصى و منهم قاسي القلب الذى لا يتعظ و يستخدم نفوذه في أذى الناس و إرهابهم ليرضى نفسه المريضه !
و كلها أفعال و إن تعددت أشكالها فهى تشمل معنى الظلم .
الظلم لغةً هو وضع الشئ فى غير موضعه و إصطلاحاً هو التعدى عن الحق إلى الباطل و فيه من الجور و إنحراف عن طريق الحق .
قال صل الله عليه و سلم فيما روى عن ربنا عز و جل : (( يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى و جعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ))
و لقد تحدث القرآن الكريم في كثير من الآيات عن الظلم و عقاب الظالم قال الله تعالى :
{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}[إبراهيم: 42-43].
آية تهديد ووعيد ولكن ما أعظم ما فيها من شفاء لقلوب المظلومين وتسلية لخواطر المكلومين، فكم ترتاح نفس المظلوم ويهدأ خاطره حينما يسمع هذه الآية ويعلم علم اليقين أن حقه لن يضيع وأنه سوف يقتص له ممن ظلمه ولو بعد حين. وأنه مهما أفلت الظالم من العقوبة في الدنيا فإن جرائمه مسجله عند من لا تخفى عليه خافيه ولا يغفل عن شئ. والموعد يوم الجزاء والحساب، يوم العدالة، يوم يؤخذ للمظلوم من الظالم، ويقتص للمقتول من القاتل { الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ}[غافر: 17]. ولكن الله يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} أي تبقى أبصارهم مفتوحة مبهوتة، لا تتحرك الأجفان من الفزع والهلع، ولا تطرف العين من هول ما ترى،{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أي مسرعين لا يلتفتون إلى شئ ممن حولهم، وقد رفعوا رؤوسهم في ذل وخشوع لا يطرفون بأعينهم من الخوف والجزع وقلوبهم خاوية خالية من كل خاطر من هول الموقف.
و عن هلاك الظالمين مهما علا شأنهم يحدثنا القرآن عن فرعون الذى عذب و بطش و عثى فى الأرض فساداً كيف أهلكه الله و جعله لمن خلفه آيه و نصر موسى عليه السلام ، و ورد فى الأثر أن موسى كان يدعوا على فرعون أربعين عاماً حتى أستجيب له قيل لأن فرعون كان باراً بأمه فيوم توفت أمه إستجاب الله له و الله أعلم ، و هنا تكنن عظمة بر الوالدين فمنهم أيضاً من يظلمهم بالعقوق ولا يوقرهم بما يليق !
العبره من قصة فرعون أن الله يخبرنا بأن الظالم مهما علا شأنه سوف يهلكه و ينتقم لعباده و يخلصهم من شره .
و تعدد أنواع الظلم فكل قهر ظلم و كل حرمان ظلم و الإحتقار و الإهانه ظلم ، و أن الكبر ظلم يمارسه الشخص على نفسه لأنه الكبر شرك و يحرم صاحبه من دخول الجنه وعن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: قَالَ اللَّه عزَّ وجلَّ: العِزُّ إِزاري، والكِبْرياءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقَدْ عذَّبتُه رواه مسلم.
فلا يجوز للمؤمن أن يُنازع ربَّه في الكبرياء والعظمة، بل ينبغي له أن يُخَلِّقَ نفسَه بالتواضع، ويُجاهدها بالتواضع، وطيب الكلام، واستصغار النفس، وعدم التَّشبه بالجبّارين .
و الكبر هو الذى يقود للظلم في حياتنا اليوميه هنالك من وكل بإدارة شؤون الناس تكليفاً لا تشريفاً في شتى المجالات فنراه أحياناً يعطل حياة الآخرين و ينشغل بنفسه و لا يلقى إهتماماً بمصالح الناس التى من المفترض أن تكون من أولوياته ، فإذا نصحه أحد العاملين غضب و عامله بالتى هى أسوأ و كاد له المكائد حتى يجد ما يقوده لفصله من العمل !
و من طينة هذا البشر أنه يستغل نفوذه في إلحاق الضرر بخصومه حتى لا يتفوقوا و لا ينجحوا في حياتهم و لكن التوفيق بيد الله صاحب النفوذ الذى يماثله سلطان و لكنهم يجهلون .
و الله يغفر للعبد ذنوبه إلا حق العباد مرهون بعفوهم و الدليل
قوله تعالى: ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) [النساء: 48].
أي إن الله يغفر كل ذنب فعله الإنسان إلا ذنب الشرك فإنه لا يغفره وأما حقوق العباد مع العباد فإن المرء يحاسب عليها إلا أن يتوب منها ويتنازل عنها صاحب الحق، قال صلى الله عليه وسلم: “أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال:إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه ثم طرح في النار” . فالغيبه و النميمه ظلم .
وقال صلى الله عليه وسلم :
الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ ثَلاثَةٌ: ((دِيوَانٌ لا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لا يَغْفِرُهُ اللَّهُ، فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لا يَغْفِرُهُ اللَّهُ فَالشِّرْكُ ))
و أما الديوان الذى لا يعبأ الله به شيئاً فظلم العبد نفسه فيما بينه و بين ربه من صوم يوم تركه أو صلاة تركها فإن الله يغفر ذلك و يتجاوز إن شاء الله ، و أما الديوان الذى لا يترك الله عز و جل منه شيئاً فظلم العباد بعضهم لبعض القصاص لا محاله.
و الظلم لا يجوز حتى على غير المسلم ، و دعوة المظلوم لاترد و ليس بينها و بين الله حجاب تتفتح لها السبع سماوات كما أخبرنا صل الله عليه و سلم : ((ثلاثٌ لا تُرَدُّ دعوتُهُم الصَّائمُ حتَّى يُفطرَ والإمامُ العادلُ ودعْوةُ المظلومِ تُحمَلُ علَى الغَمامِ و تُفتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ و يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ)) .
لذلك يجب أن ندرك خطورة الأمر و نبتعد عن أذية الناس لما يترتب عليه من ضرر و لنقابل بعضنا بصدرٍ رحب ، و نتحاسب و نتناصح دون علو و كبر .
أبلغ أبياتٍ كتبت فى الظلم :

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً…فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ…يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

تحياتى أماني البخيت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.