الملازم أول محمد ناني يكتب : *لتعودوا إلى بيوتكم رجالاً كما خرجتم منها*
لرجال تعاهدوا على الوصول وقطع المسافات،براً أم بحراً وجواً،كلهم أم جزء منهم…
حتى وإن سقط من سقط في الدرب،فيوارى جثمانه الطاهر وتنزل دمعة خجولة واحدة..كله لا يهم،المهم أن يصلوا جرياً،وإن لم يكن فحبواً،وحتى إن إضطروا لوصلوا حبواً…
للذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء،في الوديان وسفوح الجبال،في الغابات والصحاري،تحت المطر أو عز الهجير،في تلك الأماكن التي لا تصلها موجات الراديو ولا إشارات بث التلفزيون فلا إنيس لهم غير بعضهم ونجوم الليالي،الأحاديث التي تحرك شجونهم،ينطقونها بخجلٍ بالغ،كأنها مع ما علق في القلب وساء ذكره،عن شوقهم للحبيبة الما بتسأل عن ظروفهم،الأبناء،تمرين العصاري في الحلة،وجلسات القهاوي،كل هذه تقال بخجلٍ أليم…
لا تعنيهم العطور،ولا يعرفون الماركات العالمية،بسطاء،مطحونون،أنقياء،يطحنهم الغلاء كغيرهم ولا تسمع لهم صوتاً،يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف،ولا يسألون الناس إلحافاً…
تنعيهم الأخبار في خبر عاجل،لا تذكر أسماءهم عند وفاتهم،لعل محرروا الأخبار والصحف كانوا يعتقدون كما كان يعتقد صديق لي أنهم جاوا في الحياة ليموتوا وفقط،لكن مع الأيام إكتشف أنهم يموتون ليحيا غيرهم،مثلهم مثل غيرهم من عامة الناس،بفضائلهم ومثالبهم،وصوابهم وخطأهم،بحلوهم ومُرّهم….
لا يعرفون الفرق بين حزب البعث والبعث الإشتراكي،ولم يسمعوا بميشيل عفلق…لا يعرفون نظريات ماركس والفكر الشيوعي ولا تنظير محمود طه للجمهورين ولا عبد الخالق محجوب ولا الترابي ولا محمد أحمد المحجوب…
فقط يعرفون هذا الوطن،ويعرفون أنهم لأجله يبذلون الأرواح من أجل هذا الوطن رغم قلة مرتباتهم ورغم قلة أي شيء…
حفظكم الله حيثما كنتم،ومُزِّق عدوكم كل ممزق…
كل عامٍ وأنتم الخير،كل عام وبكم الخير…
#ولتعودوا_لبيوتكم_رجالاً_كما_خرجتم_منها