منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*حين يرفع المفسدون راية الإصلاح الديني!*

0

ياسر سعد الدين

تخيل أن معلم شاورما (مع الاحترام والتقدير لإصحاب المهن الكريمة) يرفع شعار الإصلاح الطبي، ويعلن خلال مؤتمر صحفي كبير عن الحاجة الماسة والضرورة الملحة لإصلاح المنظومة الطبية في البلاد، ثم يحظى بمباركة رسمية وتغطية إعلامية كبرى وتمويل ودعم مالي. من الوهلة الأولى سيتهم الناس جهات رسمية ما بالتواطؤ معه وبأنهم ربما يريدون ولأسباب تجارية أو مصلحية تقويض النظام الطبي الموجود، واستبداله بنظام جديد يتكسبون من خلاله ويتاجرون به بمعاناة الناس والآمهم.

هل فعلا نحتاج إلى الإصلاح الديني؟! ولماذا لا ترتفع مثل هذه الأصوات أو ما يماثلها في العالم ويكون التركيز على الدين الإسلامي؟

تكررت في العالم العربي في السنوات الأخيرة ما يسمى بدعوات الإصلاح الديني، دعوات توازت مع أخرى لتشكيل دين جديد تحت مسمى الإبراهيمية والتي كانت نتاج تطبيع عربي رسمي مع الاحتلال. ترافق كل ذلك مع حملات كبيرة لتبديل ثقافة شعوب المنطقة بثقافات غربية وغريبة عنها، تركز على الفن بمفهومه الغربي من رقص خليع وغناء صاخب، ومن حيث التعامل مع الأنثى كمادة إغراء وإثارة، والانسلاخ عن القيم العربية والإسلامية المحافظة.

هل فعلا نحتاج إلى الإصلاح الديني؟! ولماذا لا ترتفع مثل هذه الأصوات أو ما يماثلها في العالم ويكون التركيز على الدين الإسلامي؟ هذا الإسلام والذي يعتبر عالميا الدين الأكثر والأوسع انتشارا، ويدخل فيه الكثير من المفكرين والأكاديميين والمثقفين في الغرب وفي غيره. عدد الذين يدخلون الإسلام يتزايد بشكل لافت ومنهم شخصيات وازنة وبارزة في مجالاتها ومجتمعاتها.

لا مجال لا لمقال ولا لكتاب استعراض أسماء وقصص معتنقي الإسلام، والتي تضج بالعبر وترسل الإشارات، كما هي الأحداث في غزة واللذان يبرهنان على أن الإسلام هو الدين الحق والصراط المستقيم والذي أختاره الله لصفوة خلقه.

ولكن وعلى سبيل المثال وبشكل غاية في الاختزال والاختصار، دخل الإسلام في أول أيام رمضان الماضي الناشط والمؤلف الأميركي المعروف والقس السابق شون كينغ وزوجته، ومغني الراب الأمريكي ليل جون، والبرفسور وهنري لارسون أحد أشهر علماء طب الخلايا الجذعية وأستاذ الطب بجامعة هارفارد.

كما أعلن الناشط الأمريكي تايغي بيري اعتناقه الإسلام مؤكدا وقوفه بجانب غزة، ومطالبا بوقف الحرب عليها، وفي الجزائر، أشهر المدرب الفرنسي باتريس بوميل، إسلامه مؤكدا أن قراره كان أيضا بسبب تأثره بأحداث غزة.

في جل البلاد العربية أمور كثيرة في حاجة ماسة وحرجة للإصلاح وهي تؤثر على حياة الناس بشكل مباشر ومؤلم لدرجة الهلاك أحيانا.

النظام السياسي في الدول العربية والذي يعاني فشلا مفزعا ومفجعا جراء حكم الاستبداد واتخاذ قرارات مصيرية وهامة بشكل اعتباطي ومن غير حوكمة ولا مأسسة، يحتاج لإصلاح سريع وحاسم. النظام الاقتصادي هو الآخر في حاجة للإصلاح جراء فساد المنظومة السياسية واعتبار السلطة سبيلا للثراء الفاحش، الأمر الذي عرض قطاعات شعبية في دول عربية لشظف العيش ودمر مستقبل أطفالها لأجيال قادمة.

عظمة الإسلام والتي رأينا عظيم صورها في غزة صمودا واحتسابا ورضا وتسليما من جهة، وشجاعة واستبسال وإقدام وثبات وقهر عدوه وإذاقته مهانة وإذلال الخسائر والانكسار مع الفارق الكبير بين إمكانات وقدرات الفريقين من جهة أخرى

هناك حاجة كبيرة لإصلاح المنظومة التعليمية المتهالكة والتي تدفع ببلدان عربية لمزيد من السقوط في قيعان التخلف وتقوض مستقبل أجيال من الأطفال واليافعين. أما المنظومة الصحية المتهالكة والتي تضيف إلى المعاناة الشعبية المزيد من الألم والقهر والبؤس، فهي الأخرى في أمس الحاجة للإصلاح.

كل هذه الأمور لم تلفت انتباه المصلحين الزائفين ولم يشغلهم إلا إصلاح الدين والذي به وبتطبيقه كما أمر الله سبحانه وتعالى تصلح وتنصلح جميع المنظومات الفاسدة والتي حولت حياة غالبية شعوبنا إلى ضنك وبؤس ومعاناة متواصلة.

إن عظمة الإسلام والتي رأينا عظيم صورها في غزة صمودا واحتسابا ورضا وتسليما من جهة، وشجاعة واستبسال وإقدام وثبات وقهر عدوه وإذاقته مهانة وإذلال الخسائر والانكسار مع الفارق الكبير بين إمكانات وقدرات الفريقين أمنيا من جهة أخرى، مما فتح قلوب الكثير من النشطاء والمفكرين في الغرب لإعلان إسلامهم.

مشاريع الإصلاح المزعومة والمراكز التابعة لها والتي تؤسس بتمويل مشبوه خبيث، هي مشاريع ضرار تريد هدم الإسلام وقيمه من لدن مجموعات فاسدة ومفسدة ممن يتبعون الشهوات

عظمة الإسلام هي أمل الأمة الوحيد للخروج من حالة التبعية والانكسار والذيلية إلى الانعتاق والكرامة والقيادة. هذا الإسلام وجيله القرآني الفريد في غزة، والذي قلب الموازيين وغير وجه العالم بعد عقود من الذل والخسائر والمهانات والفساد قادتنا إليه أنظمة عربية فاسدة، لم يلفت فسادها ولا فشلها انتباه رعاة الإصلاح الديني المزعوم على الإطلاق.

إن مشاريع الإصلاح المزعومة والمراكز التابعة لها والتي تؤسس بتمويل مشبوه خبيث، هي مشاريع ضرار تريد هدم الإسلام وقيمه من لدن مجموعات فاسدة ومفسدة ممن يتبعون الشهوات، وكما قال الله سبحاته وتعالى فيهم: “ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما” (النساء:27).

إن إصلاحهم المزعوم هو سبيل الرشاد الذي زعم فرعون أنه يهدي الناس إليه “قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد” (غافر:29). إن الإسلام والذي بمجرد أن اقتربت منه تركيا وماليزيا نهضتا نهضة معتبرة، والذي بالالتزام به أعادت غزة الصغيرة المحاصرة والفقيرة والمكلومة رسم الخريطة العالمية وأخرجت الشباب الغربي من طوق الهيمنة الإعلامية الصهيونية إلى حرية التعبير الحقيقي والتفكير الإنساني الحر والعميق.
…..

#منصة_اشواق_السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.