الصادق ساتي يكتب: *أين الخندق*
يهود، هم من دعوا لغزوة الخندق. دعوا قريشا لإستإصال شافة الإسلام تماما، وذهبت قريش ودعت كل قبائل وأعراب الحجاز. وأتوا بهدف واحد فقط هو وأد الإسلام تماما حتى لا يكون له ذكر بعد.
وكانت عدتهم وعددهم وعتادهم بما يكفي لفعل ذلك.
▪️وفي الجانب الآخر كان رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين وأصحابه،
لم يهربوا من المدينة لمجهول، ولم ينتظروا القادم مستسلمين لواقع مؤكد بالحسابات المعتاده.
﴿وَكَأَیِّن مِّن نَّبِیࣲّ قَـٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّیُّونَ كَثِیرࣱ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَاۤ أَصَابَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [آل عمران ١٤٦]
فكانوا صابرين، ولم يمنعهم حال عدوهم من القوة والإعداد من أن يخططوا لكيفية الدفاع عن أنفسهم.
▪️فكانت فكرة الخندق هي بداية إعلانهم لقبول التحدي وترك محطة الضعف والوهن والإستكانة.
▪️ومن حسب الأمر بميزان القوة والجاهزية من المسلمين ونسي قدرة الله، بدأ يبحث عن ترتيبات خاصة له وأسرته متمثلا الحال القادم وكأنه واقع كائن كائن، وأن الأحزاب منتصرون ،وأن فكرة الإسلام ستنتهي تماما بوصول الأحزاب للمدينة. إكتفي هؤلاء بهدف حماية أنفسهم وأهليهم من الضرر القادم بعد أن يئسوا من يكون هنالك للإسلام فكرة بعد الآن.
﴿فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ [المائدة ٥٢]
﴿إِذۡ یَقُولُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ دِینُهُمۡۗ وَمَن یَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾ [الأنفال ٤٩]
▪️من خرج لحفر الخندق من المسلمين كان عددهم حوالي 1400 فرد.
▪️ومنذ بداية العمل في الحفر بدأت حظوظ النفس لبعضهم تظهر، فكان التسلل لواذا، وكانت الأعذار بأسباب مختلفة مقنعة وغير مقنعة
﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِذَا كَانُوا۟ مَعَهُۥ عَلَىٰۤ أَمۡرࣲ جَامِعࣲ لَّمۡ یَذۡهَبُوا۟ حَتَّىٰ یَسۡتَـٔۡذِنُوهُۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ فَإِذَا ٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِبَعۡضِ شَأۡنِهِمۡ فَأۡذَن لِّمَن شِئۡتَ مِنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمُ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [النور ٦٢]
▪️ثم وصلت جيوش الأحزاب وفي بالهم ساعات وينقضي أمر الإسلام. وتفاجأوا بالخندق ،فعسكروا في مواجهته.
▪️وبدأ الأمر يصعب على المؤمنين في حراسة الخندق لقلة عددهم ولإمتداد طول الحفر وإحتمال تجاوزه بواسطة جيش الأحزاب في المواقع الخالية من الحراسة .
﴿إِذۡ جَاۤءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠﴾ [الأحزاب ١٠]
▪️ما ذاق الإسلام والمسلمين في كل تأريخهم حال كحال الخندق من خوف وضيق.
▪️وفي قمة هذا الضيق يزداد الحال سوءا فيخون يهود بني قريظة عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين، بحمايتهم لما يليهم من حدود المدينة.
▪️وعندها وصل الفزع قمته، وارتفعت حظوظ النفس لحماية الأسرة الخاصة لدي جيش المؤمنين فكان
﴿وَإِذۡ قَالَت طَّاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُمۡ یَـٰۤأَهۡلَ یَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُوا۟ۚ وَیَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِیَّ یَقُولُونَ إِنَّ بُیُوتَنَا عَوۡرَةࣱ وَمَا هِیَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن یُرِیدُونَ إِلَّا فِرَارࣰا﴾ [الأحزاب ١٣]
▪️وتعب من تبقى من جيش المسلمين من حراسة الخندق لان عددهم وصل لأقل من مأتي صحابي.
▪️وفي ليلة إشتد فيها البرد والرياح إجتمعت كل القوة بما فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين في خيمة واحدة بعد أن إقتلعت الرياح غيرها، وأشتد الجوع والبرد والإرهاق على الجميع وأستحال بقاء الحراسات في مكانها .
▪️أدرك الجميع أن الأمر صائر لنهايات مأساوية لا محالة.
وفي تلك الحالة من الضعف وقلة الحيلة أتى نصر الله.
إقتلعت الريح كل خيم جيش الأحزاب، وقلّبت قدورهم، وكان رأيهم بالإجماع العودة من حيث أتوا وترك فكرة إستئصال الإسلام والحمد لله رب العالمين .
▪️وكان آخر تمحيص للمؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين طلب من أحدهم أن يأتيه بخبر القوم، وذلك لعلمه أن ضرر الريح على الطرفين واقع لا محالة، وأن ما به وما بعده سيان.
لم يتقدم أحد لتنفيذ مقترح القائد .
ثمّ أن رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين قال لهم من يأتيني بخبر القوم وأضمن له الجنة….
ورغم أن ما أخرجهم من ديارهم وأبناءهم أكثر من شهرين منذ بداية حفر الخندق لم يكن إلا الجنة إلا أن الحال كان من الصعوبة بمكان تكفى لصمتهم جميعا عن إجابة رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين فأنظر كيف يكون الحال حين تزيغ الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر.
و أستمر صمت أصحاب رسول الله إلى أن إختار الرسول صلى الله عليه وآله أجمعين إختار حذيفة بن يمان لأداء المهمة، فكان ذلك تخصيصا وفرضا .
▪️وبعد أن عاد حذيفة بن اليمان رضي الله عنه من مهمته تأكد الرسول صلى الله عليه وآله أجمعين وأصحابه من ذهاب الأحزاب لغير رجعه (نغزوهم ولا يغزونا بعد اليوم).
▪️وبالرغم من كل ذلك ظلّ بعض من في المدينة يعتقدون أن الأحزاب سيعاودون من جديد بعد أن سكنت الريح
﴿یَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ یَذۡهَبُوا۟ۖ وَإِن یَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ یَوَدُّوا۟ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِی ٱلۡأَعۡرَابِ یَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَاۤىِٕكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُوا۟ فِیكُم مَّا قَـٰتَلُوۤا۟ إِلَّا قَلِیلࣰا﴾ [الأحزاب ٢٠]
فأنظروا بالله تعدد الصور في لوحة الخندق، صور متعددة في لوحة واحدة، كل واحدة منها تحكي أسطح وأغوار وغياهب في فعل النفس البشرية.
وأنتهي التمحيص ، ونزل كل فرد في المحطة التي لم يطق ما بعدها ، وأتى نصر الله لأقل قوة صامدة صابرة لم يتعد عددها المأتين.
وبعد قرون وقرون، يبدوا أن أحوال مسلمي السودان اليوم أمام هجوم شبيه بهجوم الأحزاب تقوده يهود بخيلها وخُيلائها.
*القوم همّ القوم كأنهم قريش* ….
*والحق هو الحق مرماه لن يطيش* .
نسأل الله أن لا نكون من الهوان فننزل كلّنا في أول محطات التمحيص.
ولعل أن أفكارا خارج الصندوق (الخندق) (المقاومة الشعبية) تجد موقعها، فتدور تروس التمحيص في السودان كما دارت في مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين من قبل.
وحينها، ستتجدد حظوظ النفوس وشحّها، ويغيب الله والغيب من نفوس البعض (غرّ هؤلاء دينهم) ، ويتسلل البعض لواذا، ويعتذر البعض لأعذار مختلفة، وتبقي بيوت البعض عورة دون غيرها من بيوت المسلمين، وما ذاك إلا لفزع وفرار .
وما هو أكيد أن نصر الله آت بعدها وإن ظننا الظنونا.
اللهم عونك أن ترتب الأمة السودانية نفسها في تنظيم جامع للمقاومة الشعبية، يحمل فيه كل مواطن سوداني حرّ مسلم سلاحه ، ويعلم مواقع دفاعه في المتحركات وفي الدفاعات الخاصة بمدينته أو قريته أو ولايته.
*يا معين.*
……
#منصة_اشواق_السودان