د. أسامة محمد عثمان حمد يكتب: *الجنجويد فساد النضفة وسوء الخاتمة*
بنفس مراحل نشأة الإنسان طفولة و صبا وشباب وكهولة وشيخوخة كانت تلك هي مراحل نشأة قوات الجنجويد في السودان التي وجدت نتاج نضفة مشوهة وعلاقة غير شرعية فتشبعت بجيناتها المتوارثة التي حركتها سعيا بكل ما أوتيت من قوة لكي تسرع هذه المراحل (مراحل النمو) و تمضي بخطاها العجلي نحو التمكن لبناء دولة آل دقلوا التي عمدت الي تجميع شتات عرب شمال و غرب أفريقيا الي عرب دارفور .
طمع الإنسان البعيد عن الوعي المدرك لقراءة التاريخ والتعلم منه جهلا بتجارب الآخرين غرورا وكبر تارة أخرى مما عجل بالنهايات بدلا من تصحيح المسارات نتاج سوء تأسيس البدايات، لان ذلك يؤدي إلى توليد قوي شريرة داخلية تجمع حولها قوي خارجية أكثر شرا فعجل بتدمير كل شئ .
هكذا هو حال قوات الدعم السريع التي بدأت طفلة تحبوا وتجاهد نفسها للنهوض والمشي قبل أن تسمى بذلك الاسم حيث كان لحزب الأمة دور في ولادتها في عهد حكم الصادق المهدي عندما بدأ بتسليح القبائل العربية بحجة حمايتها من هجمات قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق و لكن تحولت هذه الأسلحة غير المرشدة الي النهب وقطع الطريق والاعتداء على القبائل الجارة والاستيلاء على اراضيها وممتلكاتها وقتل أبنائها وحرق قراها مما دفع تلك القبائل للتمرد على الدولة ككل لشعورها بإخفاق الدولة في توفير القدر الكافي من الحماية لها ثم تناما هذا الشعور بدعم الدولة لتلك المكونات، فكان سببا في أن اطفي على السطح انشقاقات كانت خفية في مجتمع دارفور فانقسم الي مكونات (زرقة وعرب) ادي كل ذلك تدريجيا لتكوبن حركات تمرد دارفور المسلحة ذات الطابع القبلي (زرقة) لمقابلة تمدد المكونات القبلية الأخرى التي تنتمي للعنصر العربي.
مع تنامي قدرات الحركات المسلحة التي وجدت كل الدعم من قبل معارضي حكومة الانقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان خاصة بعد انفصال الجنوب وعجز القوات المسلحة عن احتواء هذا التمرد لأسباب عدة أهمها طبيعة الصراع وطبيعة مكونات القوات المسلحة نفسها في ظل وجود قوات أخرى ذات طابع قبلي لا تعادي الحكومة حينها وتقاتل حركات التمرد المدعومة من المعارضة وبعض دول الجوار والمنظمات الدولية بحجج شتى.
لم تكن تلك القوات منظمة ومدربة بالقدر الكافي ونسبة لحوجة الحكومة المركزية حينها لفرض الأمن في المنطقة عمدت الي تنظيم تلك القوات تحت مسمى قوات حرس الحدود بقيادة شيخ المحاميد موسى هلال والتي أطلقت عليها قوات المعارضه الدارفوريه اسم (الجنجويد) وهو اسم له طابعه ومعناه ومعلوم لاهل تلك المناطق لا يعرف عنهم الا كل سئ فعل ممكن وغير ممكن.
في ظل بحث الحكومة حينها عن كيفية تقنين وضبط هذه القوات لمزيد من التحكم فيها وبعد خلافات داخليه حول قيادتها مما أدى إلى انفصال داخلي ظهر على اثره محمد حمدان دقلوا المشهور (بحميدتي) ومن هنا بدأت مرحلة عمرية جديدة (الصبا) في حياة هذه القوات تماما التي اطلق عليها قوات الدعم السريع والتي أسست اصلا لدعم القوات المسلحة السودانية وحماية حدودها خاصة الحدود الغربية و حفظ الأمن رغم نجاحها الي حد ماء في هذه المهمة الا ان هناك افرازات جانبية لهذه القوات فاقمت من شرخ مشكلة دارفور مما عظم من حجم الغبن الداخلي وسط أهلها، فمرحلة الصبا مرحلة طيش وعدم نضج خاصة في ظل غياب رعاية ابوية حكيمة.
لم تكتمل مرحلة الصبا وفقا لطبيعة نشأة الأشياء حتى سارعت هذه القوات الخطي نحو مرحلة الشباب حيث الشعور بالعنفوان والقوة والفتوة وهنا مالم يكن هناك ارشاد حكيم وضبط والتزام بالقيم والمبادئ و امتثال للقوانين والاعراف لتوجيه هذه الطاقه الي فعل نافع اندفعت هذه القوة الفتية بكل قوتها نحو العكس تماما وهدا ما حدث لها في نهايات حكم الإنقاذ ومن ثم وجدت من منشطات النمو والتكاثر المفرط بعد الثورة في ظل حكومة قحت المتحالفة مع العسكر ما يشجعها الي تفريغ طاقتها الشابة ومحاولات القفز الي مرحلة النضج دون اكتماله بمحاولتها اليائسة للسيطرة على الحكم فعجلت بشيخوختها وهاهي تتهاوي و يتهاوي معها الداعمون ويبقى الوطن شامخا بإذن الله.
…..
#منصة_اشواق_السودان