زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة البيان في خطاب البرهان
زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة
`البيان في خطاب البرهان`
قدم السيد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ، مساء ألأمس خطابا قويا بين يدي جلسات الأمم المتحدة ، يمكن وصفه بالخطاب الشامل إذ إعتمد على التمرحل في عرض القضايا الخارجية والإقليمية والوطنية ، مستعرضا الحلول الممكنة التي تساهم في خلق التوازنات والإصلاحات في هياكل وأجسام الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن.
وعلى حسب قراءات المحللين والمهتمين جاء الخطاب قوياً معبرا عن وجهة نظر السودان السيادية والشعبية ، هذه الوجهة التي سعت بعض الدول الإقليمية ، لتغييبها وإجتهدت حثيثاً ، لجعل مقعد السودان شاغراً في المجالس الأممية والمحافل الدولية كافة ، تحقيقا لرغباتهم التي تهدف إلى عدم الإعتراف بوجود حكومة وطنية ، لترفع بذلك أسهم المليشيا والجناح المدني الذي تدعمه ، إلا أن السودان فوت عليها هذه الفرصة وكان حاضرا بحنكته الدبلوماسية ، ممزقا بذلك آخر كروت الجبروت العالمي ، بل قدمت الدبلوماسية السودانية عبر انتصارها هذا صفعة قوية ، لدول البغي والإستكبار ، ودرس بليغ في معنى ومضمون السيادة الوطنية ، يَصلُح للتدريس في أضخم معاهد الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية.
ظهر البرهان في خطابه متماسكاً وفخيما ، مزج مابين الشخصية السياسية التي تمثل الحكومة السودانية ، فكان سياسيا بارعا وخطابيا مفوها ، ومابين العسكرية التي تمثل السيادة الوطنية الحافظة لهوية البلاد الحضارية ، والعقدية والثقافية ، فجمع الخطاب عدد من المشاهد والرسائل ، التي توزعت مابين إصلاح مجلس الأمن ، حتى لا تكون إزدواجية المعايير فيه ، مدخلاً للإفلات من العقاب كما في الحالة السودانية ، التي تدعمها جهات إقليمية بغطاء سياسي ، من بعض النافذين في مجلس الامن.
وكذلك القضية الفلسطينة التي كانت حاضرة في الخطاب السوداني ، الذي جدد المؤكد وهو أحقية الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينة ، وعاصمتها القدس ورفع الظلم عن الفلسطينين ، وفقاً للقانون الدولي ، الذي لولا الإختلال في معايير العدالة الدولية ، لجرت مقاديره على الكل ، الضعفاء والأقوياء ، الأقوياء الذين ينتهكون مواد القانون الدولي ، بتأجيج الصراعات والإبتزاز السياسي والإقتصادي ، فكأن البرهان يريد إيصال فكرته هكذا ، بشأن رؤية السودان لإصلاح مجلس الأمن.
اما بخصوص الشأن الوطني السوداني ، جاء خطابه ملبياً لأشواق السودانين ، الذين تجري في شراينهم حِمية الدم الوطني السوداني ، والذين وقع عليهم جُرم مليشيا آل دقلو إلارهابية ، تقتيلا وتشريداً وإغتصاباً للحرائر ، وبيعاً لنساء السودان كسبايا في سوق الرقيق الإفريقي ، لخص البرهان الحالة السودانية ، والحرب التي تدور رحاها في السودان ، بمنظور واقعي لِمن وقع عليه الظلم وذاق مرارته ، بعيداً عن الإيحاءات السياسية ، مؤكدا على أن مليشيا آل دقلو الإرهابية ، ماكان لها أن تُدخِل البلاد في أتون الحرب الطاحنة ، لولاء وجود دعم سياسي من قوى مدنية محليه ، في إشارة لقوى الحرية والتغيير ، وقوى إقليمية توفر لها الدعم المالي واللوجستي العسكري ، وتضمن لها تدفق الإمداد البشري كمرتزقة ، في الميدان من بعض الدول الإفريقية ، وهذا ما أطال أمد الحرب ، الذي أراد لها مخططوها أن تكون خاطفة ، بإنقلاب في الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣م ، وفي حال الفشل الدخول في حرب تكسر لهم شوكة الحكومة والجيش ، وهذا مالم يتحقق لهم.
جزم البرهان في ثنايا الخطاب ، أن لا حل للقضية السودانية سوى تطبيق مخرجات منبر جدة ، الذي نص على خروج المليشيا من أعيان المواطنيين والمرافق الحكومية ، ومن ثم تجميعهم في معسكرات متفق عليها ، وتجريدهم من السلاح لضمان أمن المواطن ، مجدداً رفض السودان مشاركة أي كيان او دولة ، كانت سبباً في أذية المواطن بدعمها للمليشيا ، وهو يعني بقوله دولة الإمارات وبعض المنظمات الإفريقية ، والدول الإفريقية التي أسلمت قرارها لدولة الإمارات ، بمقابل مالي وأطماع اخرى.
لم يغلق السودان الباب أمام المبادرات ، بل جعل من مخرجات جدة أساساً لأي مبادرات أخرى ، وشدد البرهان في خطابه على ذهاب السودان في أي طريق ، يضمن حل القضية السودانية بما يحفظ عزة وكرامة المواطن السوداني ، وأجمل عبارة على الإطلاق دونها البرهان في خطابه، مختصراً بها المشوار في وجه الطامعين ، حرص على تكرارها مرتين ، وهي “ملكية الحلول الوطنية” وهذه العبارة وحدها بمثابة بيان في خطاب البرهان ، فإن قالها وصمت لَكَفت ، بمعنى أن إنهاء الحرب قرار وطني سوداني ، وفق ماتمليه مصحلة السودانين وبشروط أهل السودان ، لا بشروط خارجية وفق رؤية الدول التي تدعم التمرد ، ولها مصلحة في بقائه في المشهد السوداني مستقبلاً .
البرهان وبإحالتة لحل المُشكل السوداني لملكية الحلول الوطنية ، أوصد الباب تماما أمام التقاطعات الخارجية ، مما أوجد إرتياحاً كبيراً ، في اوساط الشعب السوداني ، مقرونا بحالة الفرح العارم الذي لازم السودانين ، وإبتهاجهم منذ صبيحة الأمس بنزول قوات المشاة السودانية على الارض في ملحمة اطلق عليها فرسان الجيش ملحمة العبور لبداية مرحلة جديدة من المعارك ، ترافقهم الدعوات لطي آخر فصول الظلام الذي خيم على الشارع السوداني، منذ فجر الخامس عشر من إبريل ٢٠٢٣م..لنا عودة.