منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

صلاح التوم من الله يكتب : ود المكي : لست يسارياً

0

صلاح التوم من الله يكتب :

ود المكي : لست يسارياً

في ارشيفي عدد من الحوارات مع الشاعر محمد المكي ابراهيم رحمه الله  ..واخترت لكم هذا الحوار الذي اجراه الصحفي الشاعر محمد نجيب محمد علي لصحيفه ( المريخ ) في ٨ مايو ٢٠٠٨

                          ******

* الحضن الدافي .. أسرة ود المكي … اضاءة …

* اسرتي الان فى المهجر فى امريكا .. زوجتي اولادي وبناتي .. ابنائي وبناتي اتعامل معهم على أنهم إخوة وانداد .. كل فرد له إتجاهه الخاص .. أنا صوفي المذهب وأميل إلى التجديد واقدم العدل الاجتماعي على الايمانية الصرفة.. أولادى يميلون الى التدين العميق وتقديمه على اي شيء آخر ابنى الأكبر داعية اسلامي وهو خريج لغة انجليزية وله مؤلفات نشرها فى اقراص ومن مؤلفاته ( الدعوى والتاريخ الاسلامى ) وله كتاب بعنوان ( الفتنة الكبرى ) وكثيرا ما يقدم اسهاماته في المملكة العربية السعودية ويستعينون به في دول اسلامية أخرى … اما ابنى الثاني ابراهيم المكى رجل متدين عذب الصوت يتلو القرآن بحب كبير وهو امام مسجد بامريكا والاصغر ايضا على نهج أخوته .. اما ابنتاى فكلتاهما تميلان الى التدين العميق .. الكبرى متزوجة من امريكى اعلن اسلامه قبل زواجه بها أما الصغرى فهى طالبة في جامعة هارفارد اعظم الجامعات الأمريكية وهى تتخصص في اللغة الانجليزية

* استاذ المكي هل تزوجت عن تجربة عاطفية ؟ اجاب وشبح ابتسامته يهيمن على وجهه : ربما

* أسالك : هل تؤمن بالحب ؟

* عزیزي بوضوح تام لا زواج بدون حب .. فالمتزوجون
كلهم عشاق..
* هجرة ود المكى من الشرق الى الغرب الم تؤثر على ابنائه ؟…

* ابدا لم تؤثر عليهم .. ربما لانهم اصطحبوني في عمر
مبكر مكنهم من التوافق مع رزم الحياة هناك…

* ما هي مساحة الحرية المتاحة في أمريكا ؟

* هنا نحن نتمتع بالحرية الا ان كل فرد مطالب بان يثبت ما يدعيه .. واجهزة الأمن الأمريكية اجهزة قوية طال الزمن او قصر فانها تكشف الحقيقة وساحكي لك قصة تعبر عن ذلك .. هناك شاب سوداني يعمل في ولاية كارولينا الشمالية جاء الى أمريكا لم يقل انه طيار حربي سابق الا ان الامريكان بعد احداث 11 سبتمبر اكتشفوا السر وابعدوه عن أمريكا رغم المساعي السودانية .

* يذهب البعص الى القول ان ود المكي بدأ يساريا ؟
* لا اعتقد اننى كنت يساريا .. اجل فكرت في سن السادسة عشرة فى ذلك ولكنني تخلصت من ذلك واصبحت امتلك نفسي و مستقلا في الرؤى والتفكير والنظر الى الحلول لمشاكل بلادي اصبحت ابا واعرف ماذا تعنى سن السادسة عشرة…

* هل للعمر علاقة بالمواقف السياسية (الايدولوجية) ؟

* ظنى ذلك .. نادرا ما يتحول الانسان عندما يتقدم به العمر لليسار وانما يحدث العكس .. كل ذلك حين يكتشف الانسان قدرته الذاتية.. الايدولوجيا لا تحل المشاكل ولكن عقل الانسان هو الذي يصنع المعجزات فمثلا في كردفان يتجسد الصراع مع الطبيعة فى شح الماء والقوت في الماضي كان الماء يخزن في جذوع أشجار التبلدى اما الان فقد شيدت الخزانات وكل ذلك محصلة ابداع العقل لا الايدولوجيا…
* ود المكي جاء بقطار الغرب للخرطوم وها هو يجئ بطائرة الغرب في عطلاته كيف يرى الخرطوم الان؟
* أحس أن الخرطوم مدينة مخيفة واهلها خائفون من ماذا .. لا أدرى ؟ احس ان هناك قوة خفية تلجم افواه الناس وتضطرهم للرمز والاشارة ويزداد خوفي عليهم .. هذه القوة الخفية تذكرني رواية جورج ارويل ( مزرعة الحيوان) التي صدرت عام ١٩٤٨ وحكاية الاخ الاكبر الذي يشرف على كل شيء ..

* اسألك الان عن باريس أيها السندباد؟

* مدينة لا انساها ابدا تؤثر فيني في عادات الطعام والكلام مدينة تدمن القراءة وتؤثر على الفكر الغربي أكثر مما ينبغى انا احب الفرنسيين وما ابدعوا.. انهم المتحضرون الأوائل تشهد لهم بالتقدم المناهج الجديدة البنيوية اللسانيات التفكير والدلالات العميقة للنصوص لكنى ارى ان الثقافة الفرنسية يسارية الميل كما تصلنا وانا اميل الى الثقافة الاقوى في العالم ونحن نحتاج لليبرالية التحرير السياسة والاقتصاد والحكم .. الفكرة اليسارية مستحيلة التنفيذ وبدلا من اللهث وراء الاشتراكيين يكفينا أن نسعى لتحقيق الحكم الرشيد لنفتح مجالات الابداع الفردي امام المنتج الاقتصادي …

* وماذا عن نيويورك ؟

* لم احبها عملت فيها في الفترة من ۷۱ – ١٩٧٣ وطالبت بالنقل منها .. عملت فيها مرة ثانية لعام مع الامم المتحدة .. نيويورك مدينة غالية تحولت فيها الى فكرم الامم المتحدة معى الا ان اصحاب المسكن والنزل ياخذون كل شيء …

* وبغداد؟

* رأيتها فى اسوأ حالاتها وهي تئن تحت وطأة الحصار الاقتصادى وأهلوها استحالوا الى فقراء لا يملكون شيئا سوى عزة النفس …

* ود المكي لماذا هاجرت و اخترت بلادا غير الوطن؟
* بوضوح لم اعط حقى للنقل والعمل بالخارج رغم انني
استوفيت الفترة المقررة وكان ذلك عملا شريرا لدفعى للاستقالة وبالفعل تقدمت باستقالتي.
* هل تنوى العودة ؟
* مع بزوغ شمس كل يوم افكر في العودة . زيارتي الاخيرة للبلاد اشعلت في القلب اشواقا كبيرة لما لقيت من اكرام اصدقائي واهلی وابنائي وزملائي في مهنة القلم وبعض الرسميين من ذوى الضمير وباذن الله سابدأ عملا ممرحلا لقضاء أشهر عديدة بالوطن …
* كيف يكتب ود المكي الشعر ؟
* كتابة الشعر ليست بالميسورة كما يتخيل البعض … فانا اكتب الشعر بصعوبة ورهق …. قد تستغرق القصيدة عشرات السنين … اكتب واهدم واعيد البناء مرات عديدة… أغير وابدل حتى تكتمل القصيدة.
*  مدينتك الهدى والنور … قصيدة مذهلة كيف كتبتها ؟
* هبطت على جملة واحدة كما قلت لكنها استغرقت زمانا في التنقيح اذكر انني كتبتها في يومين أوائل شهر رمضان وبقيت عامين انقح واحذف واعيد البناء حتى اكتملت كما احس وأرى … اقتفاء لتاريخ اجدادي في فن المديح الجميل .

* ماذا عن قصيدة النثر ؟
* أنا أكتبها وهي خلقت للقراءة وليس للاستماع .. استمعت في زيارتي الأخيرة للخرطوم الى قراءات الجيل الجديد في مركز عبد الكريم ميرغني وهم شعراء اهل ابداع كبير انا معجب بكبلو والتلب ونجلاء التوم ففي شعرهم كثافة .. هم افضل من كل ما تقرأ.
* ترى من ترشح من شعراء السودان لجائزة نوبل ؟
* لا احد .
* ذكر الشاعر كامل عبد الماجد انك كتبت قصيدة عامية .. هل من الممكن أن يطلع القراء على كوبليه منها ؟
* راح الكثير فضل القليل : سردب معاي واصبر شوية السوط تعب والبندقية بقت تكضب والكضوبات الكبار
نقصن شوية .

* هناك أكثر من اتحاد للادباء والكتاب .. اين يقف ودالمكي .؟
* انا عضو اتحاد الكتاب والادباء وأرحب بتعدد الاتحادات واكرة ان يندمج الاتحادان لأني أو من بتعدد الرؤى ولا أكن لأي منهما سوى الحب الصافي فقد أغرقني الجميع في الكرم وتأثرت بذلك أيما تأثر .
* واخيرا ود المكي .. نفط السودان .. رؤية ود المكي ؟
* السودان بصدد ان تتوفر لديه مقومات النهضة .. ظهور
النفط بكميات مقدرة يتيح لنا فرصة ينبغي الا نهدرها كما فعلت بعض الدول العربية والافريقية .. اتمنى أن ينتهز السودانيون هذه الفرصة الذهبية لنجعل السودان بلدا صناعيا متقدما يتمع ابناؤة وبناتة بأرقى فرص التعليم ولتفتح أمامهم مجالات التفوق لأن الشعب السوداني شعب ذكي وموهوب .. فالسودان يمكن أن يحلق بجناحيه أذا أحسن انفاق مال البترول القادم أما إذا أضعناه في الانفاق على السلاح وكماليات الترف فسوف نبكي كما قلت في احدى قصائدي :
طويلا كثيرا مريرا .
* بهذا الاشراق والادراك الوطنى العميق الذي يسعنا جميعا رسم ود المكي حالة الحزن التى ستنتابنا لتوقف انسياب الحوار الجميل الذى يشابة زخات المطر ولانملك الا أن نقول :
.. دوما ستبقى العمق والمعنى لديوان الشعر السوداني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.