ورقة علمية1من 3 بروفيسور على عيسى عبَد الرحمن : وانتهت أسطورة أكبر تمرد في تاريخ أفريقيا.. كيف انهار الدعم السريع ؟ ( كل التفاصيل الموثقة )
ورقة علمية1من 3
بروفيسور على عيسى عبَد الرحمن :
وانتهت أسطورة أكبر تمرد في تاريخ أفريقيا..
كيف انهار الدعم السريع ؟ ( كل التفاصيل الموثقة )
*المقدمة*
هكذا انتقل الدعم السريع من القوّة إلى الهوّة بعد أن مر بمراحل السقوط الحر المتدرجة .
هكذا انتقل الدعم السريع من العزة إلى الهوان وهو يمرالآن بمرحلة نزع الملك (السلطة والثروة).
لو قدر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يحظى بقوة عسكرية في حجم وتسليح الدعم السريع لقام بإنقلاب ناجح على بايدن واستولى على البيت الأبيّض وأعلن حكومته .
بينما فشل الجنرال حميدتي في إنقلابه على البرهان علي الرغم من حصوله علي ما يقدر بنسبة 100% من مقومات نجاح الإنقلاب بالسودان ( امتلاك القوة الكاملة للتنفيذ وتمت السيطرة على الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري وقصر الضيافة وجزء كبير من من القيادة العامة وكل المنطقة العسكريّة المركزية وتم تحييد مطار الخرطوم الدولي وتحييد الجسور التي تربط العاصمة المثلثة ،( كل الانقلابات العسكرية التي نجحت في السودان لم تتوفر لها كل هذه المقومات)، تحصل الدعم السريع علي معينات الإنقلاب هذه عن طريق وضع اليد دون بذل مجهود يذكر ، ولكنه فشل في استثمارها لينهار المخطط وينتهي الطموح ، ليبدأ في مسيرة العد التنازلي والبحث عن الخلاص من هذه الورطة التي أقحم نفسه فيها وفقد كل شئ، وتنتهي بذلك أسطورة نهاية اكبر حركة تمرد تشهدها قارة أفريقيا والأمر يحتاج لتقييم للخروج بالدروس المستفادة .
وصل الدعم السريع إلي محطته الأخيرة هذه بسبب تدابير مخططة مدروسة من قبل القوات المسلحة وحلفائها وأخرى هي تدابير غيبية لطفا من الله بهذه الأمة وحفظا لقيمها .
للمجهود العملياتي الدور الكبير في تهشيم كتلة الدعم السريع الصلبة وذلك استنادا على متلازمة الغباء المتمثلة في إصراره السيطرة على مناطق عسكريّة محصّنة كالمدرعات التي هجم عليها أكثر من مائة مرة وخسر الآلاف وسلاح الإشارة والقيادة العامة والمهندسين وحامية بابنوسة والأبيض وأخيراً الفاشر التي هجم عليها أكثر من مائة وثلاثين مرة من هجوم ومناوشة ، كل هذه المناطق العسكريّة أفقدته عشرات الآلاف من الأفراد والقادة وكان هذا الأداء حاسما في تراجع وانهيار الدعم السريع ، فقد القيادة والسيطرة وأصبح في جزر معزولة مفتقرة الي اي قيمة عسكرية في معظمها.
هذه الورقة العلمية تتناول الأسباب التي قادت الي انهيار الدعم السريع منها أسباب ذاتية خاصة به من غرور وصلف وسلوكه تجاه المواطنين من قتل واغتصاب واستباحة منازلهم وامتهان كرامتهم وتجويعهم وافقارهم بالإضافة إلى أسباب خاصة بالعجز عن التمويل وهناك أسباب أخرى أدت إلى إضعاف وإرباك الدعم السريع تمثلت في جهود الحكومة والقوات المسلحة تلك الجهود التي هدفت إلى عزله وخنقه عبر التدابير القانونية بالإضافة إلى جهود خاصة بعزله عن حواضنه القبلية.
يضاف إلى ذلك الجهود التي قامت بها المنظمة الأممية وأجهزتها التي ساهمت في كشفه وتعريته.
لتصبح حصىيلة هذه الفعاليات هي التي أوهنته وأفقدته القدر على الاستمرار وأوقفت قوة اندفاعه.
ثمة إحصائيات يمكن عرضها ولكن بعد أن تضع الحرب أو زارها لتعبر عن الأرقام النهائية جنبا إلى جنب مع مشروع التوثيق الشامل لهذه الحرب.
*أسباب انهيار الدعم السريع (الذاتية)*
*دعاء المواطن على الدعم السريع بالهلاك*
أخزى الله الدعم السريع وقبل دعاء المواطن المستضعف على الدعم السريع مما عجل بنهاية الدعم السريع ، لأن دعاء المواطن الذي ينطلق من المساجد والمصليات وتضرع النساء ودموع الأطفال كلها ليس بينها وبين الله حجاب
انهار الدعم السريع لأنه خسر المواطن الذي يدعي أنه يقاتل من أجل مصلحته، فتعرض المواطن منه إلى القتل والاغتصاب الموثق وتعرض الى التعذيب واستباحة المنازل وسائر الممتلكات، ومنع المواطن من التنقل وتعرض للتجويع والافقار وكل ذلك حمل المواطن إلى كره الدعم السريع، ليفقد الدعم السريع المواطن الذي يدعي أنه يقاتل من أجله.
*عدم وضوح أهداف الحرب لمقاتلي الدعم السريع*
قوات الدعم السريع هي القوات الوحيدة على وجه الأرض تقاتل دون معرفة الأهداف التي من أجلها تقاتل، فقد قاتلت في الأيام الأولى بهدف جلب الديمقراطية، ومالبث أن تحول الهدف إلى جلب الفلول ثم إلى جلب المنهوبات ثم إلى جلب الدولة الحديثة البديلة لدولة 56 وهم الآن بلا هدف.
الحرب التي لا هدف لها هي حرب عبثية لذلك من وجهة بعض عقلاء الدعم السريع يرون هذه الحرب من هذا المنطلق، فتبعهم الكثيرون لذلك كثرت ظاهرة الاستسلام من قبل قوات الدعم السريع الى القوات المسلحة ومنهم من هرب حتى أصبح الهروب والاستسلام ظاهرة داخل الدعم السريع بوتيرة منتظمة ومتوالية هندسية مما ينذر تماما بالانهيار الشامل للدعم السريع.
*النفس القصير لدى مقاتلي الدعم السريع*
من المعروف ان نقطة ضعف الدعم السريع ضعف التحمل، فهو مهيئ على خوض معارك لاحرب فالحرب تتضمن مجموعة معارك ونتائجها عادة عمل تراكمي دونه الصبر والانضباط، بينما هؤلاء لا انضباط لديهم ولا صبر، فعملياتهم الحربية قائمة على الإغارة وحرق الفرقان والنهب ومغادرة أرض المعركة بأسرع وقت ممكن، بحثا عن منهوبات جديدة.
فالذين جبلوا على هذا التكيف ينهارون عندما تتحول المعارك إلى حروب مستدامة ونفس طويل، هنا تبرز ظاهرة عدم الانضباط وتتحول المعركة بينهم، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، وكثيرا ماشاهدناهم يشتبكون فيما بينهم.
القوات المسلحة وبما لديها من انضباط ونفس طويل هي الأقرب إلى النصر في مثل هكذا مواجهة، وأي إطالة للمواجهة هي حتما في صالح القوات المسلحة.
*غرور الدعم السريع أورده المهالك*
يظل الغرور هو أحد أهم العوامل التي أدت إلى انهيار التمرد، فكما قال الصحابة يوم حنين لن نهزم عن قلة، واخذ بهم الغرور مأخذا بعيدا، ثم ولوا مدبرين وهزموا شر هزيمة بسبب هذا الغرور وبعد أن وعوا الدرس وبعد أن أعاد تنظيمهم الرسول (الراكز)، انتصروا في الجولة الثانية، وشتان ما بين قوات الدعم السريع الفاسقة وجيش الصحابة المجاهد.
لقد اخذ الغرور قوات الدعم السريع أي مأخذ فقد اغتروا بعديدهم الذي تفوق على القوات المسلحة فعليا بولاية الخرطوم بكل مناطقها العسكرية وتفوق كذلك في التسليح والمركبات والروح المعنوية وإرادة القتال وهم يطلقون على أنفسهم ( الأشاوس والجاهزية) وكلها صفات تعبر عن القيم بينما هم يفتقرون إلى هذه المعاني .
لقد كانت جرائم الدعم السريع التي ارتكبها ضد المواطن إنما هي انعكاس لهذا الغرور فعاقبهم الله بالهزيمة ولم تغن عنهم عدتهم وعتادهم شيئا، فهزموا وأصبحوا جزرا متقطعة معزولة وأصبحوا كغثاء السيل.
*لجوء الدعم السريع الى خزعبلات (جحا) في التضليل الإعلامي*
من أسباب انهيار الدعم السريع ذاك الزيف والتضليل الذي أصبح واقعهم المعاش، فهم في سبيل تضليل المواطن السوداني يضللون أنفسهم بأنفسهم عبر منصات إعلامهم ولايفاتهم ومن خلال مستشاريهم عبر الفضائيات فيصدقون أكاذيبهم ويطمئنون على هذا الواقع الافتراضي القائم على انتصارات وانسانيات زائفة خادعة مضللة، شأنهم في ذلك شأن (جحا) وكما تقول الاسطورة فقد ضلل الناس بوجود وليمة جامعة وما لبث ان صدق هذا الضلال وهو يرى المدعوين ذهابا وإيابا نحو مكان الوليمة فصدق ضلاله ليذهب هو الآخر إلى الوليمة التي لم يجد فيها سوى سراب تضليله .
*الموقف المالي للدعم السريع وأثره علي مسار العمليات والمقاتلين.*
(إضاءات من المحلل الاستراتيجي الدكتور النور صباح 17/2/2024)
*أولا مصادر الدخل للدعم السريع قبل الحرب*
1. الدهب وتصديره وكالة عن الدولة ( شركة الفاخر) مع وجود خط موازي لتهريب الدهب.
2. كانت الدولة متكفلة بكل المرتبات للقوات، 118 الف وظيفة اضيفت في عهد الوزير البدوي.
3. شركات تجارة في كل شئ، تصدير محاصيل وثروة حيوانية واستيراد المحروقات وكل احتياجات الدولة من السلع الاستراتيجية وتم هذا كعطاء بالامر المباشر من وزير المالية البدوي مع شركة الفاخر التابعة للدعم السريع.
4. اتفاقات مع الاتحاد الاوربي لمكافحة الهجرة غير الشرعية ب 80 مليون دولار شهريا.
5.بنوك تابعة للدعم السريع وشراكات في شركة زادنا والتصنيع الحربي وجياد وبنك المزارع وتمويل المواسم الزراعية وشراء التقاوي والاسمدة وتوفير الوقود لكل القطاع الزراعي في السودان.
6. شركات خاصة تابعة للعائلة أكبرها شركة الجنيد وعدة شركات أخري.
اموال حميدتي السائلة كانت ارصدة وودائع في البنوك السودانية وارصدة في بنوك دول اقليمية ودول بعيدة كروسيا كان يهرب اليها الذهب.
*ثانيا: بعد الحرب*
1. انقطع دعم الدولة من مرتبات وتسيهلات.
2. انقطع التعامل باسم الدولة من استيراد وتصدير واتفاقات.
3. تم مصادرة جزء من الارصدة وتجميدها داخل السودان.
4. بعض الملاذات الخارجية والافراد استغلوا الفرصة وقرصنوا ما تحت ايديهم من اموال بحجج متعددة.
5. ضربت سلاسل تهريب الذهب التي كانت تحميها فاغنر، ضربتها القوات الخاصة الاوكرانية .
6. تم ضرب وتدمير مناجم الذهب في عدة مناطق وانخفض الانتاج للحد الادني.
الحرب أتت بتكاليفها واضطر حميدتي الي شراء اسلحة وذحائر وطبعا في مناخ الحرب تم الشراء عبر طرق ملتوية وباسعار مضاعفة .
7. اضطر حميدتي للدفع واشتري مضادات طيران وصواريخ ارض جو ومنظومات طيران مسير وذخائر نوعية.
8. دفع الدعم كثيرا للعمل الاعلامي وشراء الناشطين والابواق والتكفل بمصاريفهم
9. دفع كثيرا لشراء سياسيين ومسؤولين إقليميين ودفع لموظفين كبار في منظمات اقليمية وحتي دفع لأنظمة لتساعده سياسيا وتدافع عن موقفه .
10. دفع لشركات علاقات عامة دولية لتحسين صورته وصورة حلفائه
11. ولازال يدفع لتعويض المركبات والاسلحة والذخائر والعلاج والدواء مع استمرار الدفع للابواق الاعلامية والسياسية.
بالمقابل الدخل الذي حصل عليه يتمثل في الآتي
1.منهوبات من العملة المحلية من البنوك السودانية وبعض العملات الأجنبية، نصف هذه المنهوبات لم يصل الي الدعم السريع واحتفظ به الجنود والقادة لانفسهم.
2.ماتم نهبه من بيوت المواطنين من اموال وسيارات وذهب لم يصل للدعم السريع..
3. لم يحصل علي اي دخل مؤسسي من الولايات الواقعة تحت سيطرته، لاضرائب، لارسوم خدمات ولا اي تحصيل بصورة نظامية ومنتظمة.
*لجأ الدعم السريع الي عدة حيل للحصول علي المال :*
1.الضغط علي شركات الإتصال لتدفع له اتاوه مقابل عدم فصل الخدمة باعتبار الشركات تربح كثيرا وباعتبار ان اي تعطيل للخدمة يكلف ملايين الدولارات اسبوعيا ولم ينجح بدليل فصل الخدمة.
2. لجأ ايضا الي تعطيل بترول جنوب السودان او الدفع مقابل الحماية ولا اعتقد ان دولة جنوب السودان ستقبل بذلك لان هذا يضعها في مواجهة الدولة السودانية مستقبلا ويبدو ايضا انه لم يحصل علي شئ بدليل اغلاق محطة الضخ في العيلفون وتسرب خام البترول وحدوث انسدادات في الخط الناقل.
3. ايضا حاول مخاطبة المجتمع الدولي للوصول لاتفاق اغاثي يوفر له تموينا لقواته وللمتعاطفين معه في مناطق سيطرته وهو اتفاق لم يتم حتي الان.
4.لاننسي ولا نهمل ان هناك من الأعداء من سيدفع للدعم السريع بسخاء نكاية في السودان ويقدمون له المال والسلاح والذخيرة ولكنه لن يجد في يده مالا كما هو الحال قبل الحرب عندما كان جزء من الدولة.
النتيجة الحتميّة لهذا الواقع تمثلت في تسرب مقاتلي الدعم السريع بسبب قلة عدم المرتبات وقلة المنهوبات وماذا ينتظر الدعم السريع غير الانهيار .