منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

محمد التجاني عمر قش يكتب : *لا عاش من يفصلنا*

0

محمد التجاني عمر قش يكتب :

*لا عاش من يفصلنا*


أبقوا جميع، يا أخواني، كلام اللعين أختوه

الزول الردي والسعوب بيناتنا ما تخلوه

عيالنا وجيشنا حمرة عين النصر جابوه

ويلا أيد على أيد الوطن العزيز أبنوه

“محمد قش”

إذا كان هنالك ما يميز الشعب السوداني فهو التنوع الإثني أو العرقي والثقافي والتراثي الذي ينتظم جميع أرجاء الوطن، مع ذلك هنالك تمازج بدرجات متفاوتة بين فسيفساء هذا النسيج المتنوع فقد نجد شخصاً تعود أصوله إلى المجموعة الجعلية وتحديداً من نسل المك نمر وأمه حفيدة علي دينار، وأضرب مثلاً في هذا المقام بأستاذنا البروفسور سيف الإسلام سعد عمر رحمه الله، وغيره كثر. وكاتب هذه السطور من دار حامد في شمال كردفان وجدتي من ناحية الأم هي التاية بت المك آدم أم دبالو زعيم مملكة تقلي العباسية، وبعض أبنائي لهم رحم في فرع الأرتيقة الذين ينتمون للبجاة، وهم أصلاً من اليمن، وبعض أبنائي جدهم الشيخ إدريس ود الأرباب دفين العيلفون، وجدي عمر قش والدته عدلة بت الفكي الناير وأمها منينة بت الشيخ النور ود العجوز من الجمع في منطقة جبل مويه، وجدتي من ناحية الوالد زينب بت بابكر ود الأمين وهي خلطة بين المحس والجعليين والضباينه، فقد قدم أبوها من منطقة بتري في أقصى شمال الجزيرة وتزوج من الترجم في دارفور، فكيف يمكن تصنيف هذه التشكيلة البشرية التي ضمت كافة أعراق السودان ومناطقه واخرجت أناساً ينتمون لكل السودان شرقه وغربه ووسطه وشماله؟

وأذكر عندما كنا طلابا في المرحلة الثانوية في خور طقت الفيحاء جمعتنا مقاعد الدراسة بإخوة لنا من جبال النوبة منهم الزميل العزيز إبراهيم عمر محجوب ومصطفى حسين تاجلبو وغيرهم فنشأت بيننا مودة وأخوة صادقة كأننا قد خرجنا من رحم واحدة فما كنا في ذلك الوقت نعرف القبلية ولا الجهوية، بل كنا نتعامل كطليعة جمعتها ظروف الدراسة ولا أبالغ إذا قلت لكم أنني تعلمت منهم بعض رطانة أهلنا في جبال النوية وما زلت أتذكر منها بعض الكلمات بعد مرور أكثر من خمسة عقود من الزمن.

وفي جامعة الخرطوم تزاملنا شباباً وشابات من كل بقاع السودان ومكوناته وتعارفنا وتآلفنا ولا تزال الصلات بيننا قائمة عبر وسائط التواصل الاجتماعي واللقاءات الأخوية التي تقام من وقت لآخر، فقد جاء جمال يعقوب من الفاشر وعلي الطاهر من ود حامد في نهر النيل ويوسف مالك من المناقل وأحمد صالح من بادية كردفان وعبد العليم عبد الله من كسلا وعفاف عثمان من مدني وفائقة محمد عبد الرحمن من الكاملين وعواطف عبد الرحيم من شندي وسامية فضل من بحري ولم نكن نشعر سوى أننا بعض أبناء وبنات السودان ولذلك لم نكن نسأل عن قبيلة مطلقاً بل نعد ذلك من الرجعية، إذا جاز التعبير.

ولكن مر على الناس زمان طفت على السطح فئات أحيت القبلية والجهوية وأعادت السودان إلى عهد ما قبل سلطنة الفونج التي يقال إنها قد جمعت بين الغابة والصحراء أي أنها وحدت مكونات الشعب السوداني بدرجة كبيرة كان من الممكن أن تضع لبنات لمجتمع متجانس تختفي فيه النعرات التي تفرق الناس ولا تجمعهم، إلا أن بعض المطامع السياسية والحزبية أبت إلا أن تفرق بين السودانيين على أساس قبلي أو عرقي أو جهوي، للأسف الشديد.

وهذه الحرب، على الرغم من بشاعة أفعال المليشيا وانتهاكاتها، إلا أنها فتحت نفاجاً لوحدة النسيج الاجتماعي في السودان فقد شارك جميع الأوفياء من أبناء الوطن في الوقوف مع جيشهم في خندق واحد حتى بدأت علامات النصر تلوح في الأفق، ولكن مرة أخرى تظهر مجموعة من الأبالسة لتفسد على السودانيين فرحتهم وتحرمهم من وحدة الصف وجمع الكلمة ولذلك علينا الحذر من أمثال هؤلاء المارقين، أخزاهم الله، فهم لا يرقبون في شعبنا إلا ولا ذمة.

28/1/2025

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.