تقرير: إسماعيل جبريل تيسو : *استغل غياب حميدتي وأمسك بزمام الأمور داخل الميليشيا،، عبد الرحيم دقلو،، ( خائن ) أخاك لا بطل.. مراقبون يستبعدون انقياد الحلو لعبد الرحيم في رئاسة تحالف نيروبي*
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو :
*استغل غياب حميدتي وأمسك بزمام الأمور داخل الميليشيا،، عبد الرحيم دقلو،، ( خائن ) أخاك لا بطل..
مراقبون يستبعدون انقياد الحلو لعبد الرحيم في رئاسة تحالف نيروبي*
…………..
غياب مثير لحميدتي عن مراسم التوقيع على الميثاق السياسي بنيروبي..
الكثير من الأسئلة بشأن مستقبل الدعم السريع تحت قيادة عبد الرحيم دقلو..
هل ستختلط الأوراق داخل تجمع نيروبي جراء وجود عبد الرحيم على قيادة الميلشيا؟..
..
أثار الخطاب الذي ألقاه عبد الرحيم حمدان دقلو، قائد ثاني ميليشيا الدعم السريع، جدلاً كثيفاً وتساؤلات كثيرة في الأوساط السودانية بالداخل والخارج، حيث اعتبر البعض أن الخطاب أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن عبد الرحيم أصبح الرجل الأول في ميليشيا الدعم السريع، وأن غياب قائد الميليشيا المتمردة محمد حمدان دقلو قد تأكد تماماً بامتلاك أخيه زمام الأمور في العاصمة الكينية نيروبي سواءً بالتوقيع على ميثاق السودان التأسيسي، أو التداول في عملية صياغة الدستور المؤقت، أو التشاور بشأن تشكيل الحكومة الموازية، أو التحدث باسم الدعم السريع كما حدث بالأمس أمام أعضاء بعض القوى السياسية والإدارات الأهلية في إحدى القاعات الفندقية بالعاصمة الكينية نيروبي.
غياب مثير للشك:
وتغيَّب قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو عن حضور مراسم الاحتفال بميثاق السودان التأسيسي الذي تم التوقيع عليه في الثالث والعشرين من فبراير الماضي بالعاصمة الكينية نيروبي، وكانت قناة الحدث قد أكدت نقلاً عن مصادرها المطلعة عن وصول محمد حمدان دقلو إلى كينيا لحضور التوقيع على ميثاق السودان التأسيسي رفقة قيادات من حركات مسلحة، قبل أن يكذبها مستشار ميليشيا الدعم السريع، الباشا طبيق، الذي قطع قول كل خطيب بتأكيده أن محمد حمدان دقلو “حميدتي”، لن يكون حاضراً في العاصمة الكينية نيروبي ولن يشهد مراسم التوقيع على الاتفاق المرتقب، وعزا طبيق غياب حميدتي إلى انشغاله بأمور وصفها بالمهمة، دون الكشف عن كنه وطبيعة هذه الأمور المهمة التي تمنع حميدتي من الحضور إلى كينيا، مؤكداً أن غيابه عن نيروبي لا يعني تراجع موقف الدعم السريع بشأن العملية التفاوضية.
التعلق بقشة:
وزاد حديث الباشا طبيق مستشار ميليشيا الدعم السريع، طين غموض غياب حميدتي بِلَّة، باعتبار أنه لا يوجد حدث في المشهد السياسي أكثر أهمية من التوقيع على ميثاق السودان التأسيسي الممهِّد للحكومة الموازية، حيث يعتبر الكثير من المراقبين أن لجوء ميليشيا الدعم السريع لهذا الميثاق الذي يربطها بكيانات تخالفها حتى في الأفكار والرؤى والأهداف كالحركة الشعبية لتحرير السودان، لم يكن سوى محاولة للتعلق بالقشة لتفادي حالة الانزلاق والغرق في لجِّ الخيبة والخذلان جراء الهزائم الساحقة والمتلاحقة التي ظلت تتعرض لها ميليشيا آل دقلو في مختلف جبهات ومحاور القتال، وبالتالي فإن قائد ميليشيا الدعم محمد حمدان دقلو لو كان ( بخير) قطعاً لن يفوّت حضور ومخاطبة مثل هذا الحدث الذي يعتبر أهم فعالية في مسيرة الدعم السريع منذ إشعال فتيل تمردها على القوات المسلحة في الخامس عشر من أبريل 2023م.
مصير غامض:
ومنذ ظهوره في الأيام الثلاثة الأولى للحرب هائجاً ومائجاً يتوعد الفريق عبد الفتاح البرهان في عدد من القنوات الفضائية، اختفى قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو عن المشهد تماماً وأصبح الغموض يكتنف مصيره، فتارةً يقال إنه تعرض لإصابات حرجة في اليوم الثاني لاندلاع الحرب وفشلت محاولات علاجه في الداخل والخارج حتى لقي حتفه، وتارةً أخرى يقال إن حميدتي مصاب إصابات بليغة تمنعه من الظهور، ليظل الرجل مختفياً عن المشهد شهور عددا، ليظهر بعدها في مقاطع صوتية مسجلة، ثم مقاطع فيديو أثارت لغطاً كبيراً بسبب رداءة محتواها الفني وضعف عمليات المونتاج، لتشهد بدايات العام 2024م، ظهوراً جديداً لقائد ميليشيا الدعم السريع، متخلياً عن اللبس العسكري ( الميري)، وملتزماً ( الفُل سوت)، وقد وقع حميدتي بمظهره ( الملكي) في مرمى نيران الأوساط السودانية التي وصفته ب”الرجل الروبوت” صنيعة الذكاء الاصطناعي الذي زاده نحافةً وطولاً في الجسم، وقد وقَّع حميدتي بمظهره الجديد على ( إعلان إديس أبابا) مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” التي يقودها رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك، ثم قام الرجل بعد ذلك بجولات مكوكية شملت عدداً من البلدان الأفريقية، قبل أن يعود إلى الاختفاء مجدداً، ثم يظهر لاحقاً في مقاطع فيديو بلباسه العسكري متحدثاً في عدد من المناسبات، يأتي ذلك في وقت ظل فيه مستشارو الدعم السريع يؤكدون وجود حميدتي مع جنوده في الميدان، ولكن قرائن الأحوال تكذِّب هذه المقولة، إذ لم يظهر حميدتي في أي معركة سواءً في الخرطوم أو الولايات أو حتى في دارفور، بل إن اللافت للانتباه أنه كلما ظهر حميدتي في مقطع فيديو، كلما ارتفعت نسبة الشكوك بأنه ( ليس بخير)، بعكس أخيه عبد الرحيم الذي ظهر في عدة معارك في محور الصحراء وفي دارفور، بعد أن غادر الخرطوم هارباً من سطوة الجيش.
ضغوط مختلفة:
ومهما يكن من أمر فإن امتلاك عبد الرحيم حمدان دقلو زمام الأمور ومقاليدها داخل منظومة الدعم السريع، وتصدره المشهد في العاصمة الكينية نيروبي يفتح الباب للكثير من الأسئلة بشأن مستقبل قيادة ميليشيا الدعم السريع في ظل غياب قائدها محمد حمدان دقلو الذي تقترن هذه الميليشيا بوجوده، حيث يرى مراقبون أن عبد الرحيم دقلو يتصف بقدرات ضعيفة فكرياً وسياسياً وحتى عسكرياً، وأنه لم يصل إلى هذا الموقع إلا لكونه الأخ الأكبر لحميدتي، وأن منظومة الدعم السريع ليست سوى ميليشيا شبه عسكرية، تقوم مفاصلها على أساس الأسرة والقبيلة، ولا مجال فيها للتراتبية العسكرية، وفي ظل وجود عبد الرحيم دقلو على قمة ميليشيا الدعم السريع، فإن الوصول بميثاق السودان التأسيسي إلى غاياته أصبح في كف عفريت باعتبار أن رجلاً مثل عبد العزيز الحلو بشخصيته المعروفة لن يرضى أن ينقاد وراء عبد الرحيم دقلو محدود القدرات، حتى وإن نفخته أموال الإمارات، وأن هذا الأمر يشكل مؤشراً قوياً لخلافات ستضرب بنية تحالف نيروبي، حيث من المنتظر أن يخضع منصب رئيس التحالف لحالة من الشد والجذب تنتهي بخلافات جذرية، إذ إن السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه: من أحق بالرئاسة؟ عبد العزيز الحلو، أم عبد الرحيم دقلو؟ أم فضل الله برمة؟ وحتى الهادي إدريس والطاهر حجر لديهما ذات الطموحات والتطلعات لقيادة تحالف نيروبي، وما يقال عن منصب الرئاسة سينسحب على الحقائب الوزارية، ومن هنا يتضح مدى ما تجابهه الحكومة الموازية من تحديات وضغوطات داخلية تتعلق بترتيب هيكلها التنظيمي والوظيفي، مثلما تواجه ضغوطاً دولية وإقليمية ترفض الاعتراف بها كسابقة خطيرة تهدد سيادة واستقرار الدول.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ، فإن قرائن الأحوال تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي أصبح خارج المشهد، وأن الأمور أصبحت برمتها بين يدي أخيه عبد الرحيم دقلو، وهو أمر ربما يخلط الأوراق داخل تحالف نيروبي، فإن كان الدعم السريع محكوماً بالأواصر الأسرية والانتماءات القبلية، فإن الأمر في تحالف نيروبي مرهونٌ بقدرات أخرى لا علاقة لها بالأسرة أو القبيلة، وهي ما لا تتوفر في عبد الرحيم دقلو والذي لا أظنه سيبتعد ليخلو وجه الرئاسة لعبد العزيز الحلو أو غيره، وبالتالي فإن طائرة تحالف نيروبي موعودة بمطبات قوية ربما تنتهي بها محطمة في مزبلة التأريخ، و(تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى).