سلمى حمد تكتب.. *..استنساخ التاريخ و صناعة الكارثة..* —————————
سلمى حمد تكتب..
*..استنساخ التاريخ و صناعة الكارثة..*
—————————
تاريخ متكرر في ذاكرة الشعب السوداني. في 6/ابريل/1985 انقلبت القوات المسلحة بقيادة المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب على الرئيس النميري الذي تصاعدت الاحتجاجات والمظاهرات على حكمه بعد أن بطش بجميع التيارات والأحزاب السياسية و آخر من انقلب عليهم هم الاسلاميين بعد مصالحة ناهزت السبع سنوات .. فحركوا الشارع ضده بمظاهرات واحتجاجات لا تفتر ليلا ونهارا وشاركت فيها كل التيارات السياسية والشعبية وانحاز لهم الجيش ..وكانت البلاد حينها تمر بأزمة اقتصادية خانقة وكان التمرد في جنوب السودان يقاتل بشراسة و الحرب في اتساع .. و أذاع المشير سوار الذهب البيان الاول وأعلن عزل النميري عن السلطة و وعد بإجراء الانتخابات بعد عام واحد .. وشكل حكومة تكنوقراط غير حزبية . ترأسها د. الجزولي دفع الله الذي لم تستطع التيارات الداخلية أو القوى الخارجية جره ليكون طرفا في الصراع السياسي فلم يعادي جهة ولم يصرح ضد حزب أو ضد تيار فكري اي كان .. وتعالت اصوات اليسار مطالبين حينها باقصاء الاسلاميين واسموهم ب (السدنة ) اي سدنة نظام مايو برغم ان انقلاب مايو صناعة يسارية خالصة وطالبوه بإلغاء الشريعة الإسلامية فلم يفعل . و التزم بأنه رئيس وزراء لفترة انتقالية تنحصر مهامها في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد واستقرار اقتصادها حتى قيام الانتخابات التي يختار فيها الشعب من يحكم وكيف يحكم و نتائج الإنتخابات هي من تقصي أو تتوج و البرلمان المنتخب هو من يشرع .
و نجح سوار الذهب و د. الجزولي دفع الله في العبور بالبلاد الي بر الأمان وتسليم السلطة في ميعادها إلى الحكومة المنتخبة والبرلمان المنتخب ..
ظلت 6/ابريل/1985ذكرى عظيمة في نفوس الشعب وسفر التاريخ .
و سعى البعض إلى صناعة 6/ابريل جديدة في العام 2019
وسعى لصناعة ذات الظروف . ازمة اقتصادية فاقمتها قرارات اقتصادية خاطئة عن عمد ، واحتجاجات شعبية قوبلت بعنف مستفز وتراخي أمني مقصود .. ثم صناعة مشهد اعتصام جماهيري حول القيادة العامة في انتظار البيان الاول .. وقد كان. .. وبدل البيان اثنان في 11/ابريل ثم 12/ابريل . ولكن . لم يكن بين اسوار القيادة سوار الدهب بصرامته التي لا تلين والتزامه بحيادية القوات المسلحة ورمزيتها التي ترفض أن تكون طرفاً من أطراف الصراع السياسي ، و بزهده في السلطة والتزامه بعهده وحرصه على قومية و وحدة القوات المسلحة والتزامها الأخلاقي تجاه كل الشعب .. ولم يكن هناك د. الجزولي دفع الله الذي استعصم فلم يخضع لأي ابتزاز سياسي من أي جهة كانت . وقاد البلاد كرئيس وزراء مدني حر لا يحابي أحدا ولا يظلم أحد فأدار دولاب البلاد بمهنية وحنكة لا تقبل التطفيف فلم يسمح لجهة داخلية أو خارجية بأن تتدخل في شؤون حكومته أو أن تملي عليه قرار ولم ينشغل بالكيد السياسي والتصريحات الجوفاء حتى اوصل البلاد الى صناديق الانتخابات . أما النسخة المقلدة الردئية فقد بأن عوارها من اول يوم عندما ظل الحصار منعقدا حول القيادة العامة . ورفضت قوى اليسار وحلفاءها أن تكون الإنتقالية ذات مهام محددة تختص بحفظ الاستقرار وإيصال البلاد إلى محطة التحول الديمقراطي كما هو متوقع منها ، فسعت لإقصاء مخالفيها ومارست ضدهم فاشية مدنية و وضعت وثيقة دستورية معيبة لتكرس وجودها في السلطة دون شرعية انتخابية . وشكلت حكومة محاصصات حزبية ضيقة وفشلت في إدارة البلاد وانهار الاقتصاد . وضاعت السيادة الوطنية فأصبحت دول الجوار والسفارات ومندوبي الأمم المتحدة هم من يديرون البلاد وهم من يرسمون خطها السياسي . و تدحرجت البلاد نحو القاع حتي اسلمنا اعتصام 6/ابريل حول القيادة العامة إلى حرب 15/ابريل وحصار القيادة العامة الذي تم فكه بعد معارك ضارية بعد عام وتسعة أشهر من الحصار ليكون أحد أهم بشريات النصر الذي يمضى نحو الاكتمال بأذن الله ..
ذكريات 6/ابريل الاولى والثانية جديرة بالوقوف عندها واستخلاص الدروس والعبر .