كتب : ✍ د.محمد صالح الشيخابي ..* : *إنت هندي ؟؟ ..!!!*
كتب : ✍ د.محمد صالح الشيخابي ..* :
*إنت هندي ؟؟ ..!!!*

السودانيون عندما يريد أحدهم أن يقول للآخر متهكما ً ما معناه *((أنا لست ُ مغفلا ً))* يقول ((انت فاكرني *هندي* ؟؟))…
هذه ليس سخرية من الشعب الهندي العظيم و لكن تهكما ً على السينما الهندية التي تبالغ في الخيال لدرجة أن بطل الفلم يمكن أن يوقف قطارا ً كاملا ً بقبضة يده و يحمل سيارة بكلتا يديه ليلقيها على الجانب الآخر من الطريق !!
فيما عدا ذلك فإن الهند تعتبر دولة عظيمة و ذات تاريخ و حضارة عريقة ..
يحكي لنا التاريخ عن الحكيم و الفيلسوف الهندي *(( بيديا ))*.. و كان مقربا من إمبراطور الهند وقتها *(( الملك دبشليم))* و كان هذا الإمبراطور يحب بلاده و يعمل على تطوير جيش بلاده و تقويته و رفاهية شعبه كما كان يحب العلم و العلماء و الحكمة و الحكماء و يقربهم إليه كان أيضا يحب كل ضروب الشعر و الأدب ..
طلب الإمبراطور دبشليم من الحكيم (( بيدبا)) أن يلخص له تجربة الشعب الهندي في الحياة و يجعل خلاصة الحكمة و العلوم و المعارف التي اكتسبها شعبه طوال تاريخه في كتاب واحد جامع و أمره أن يكون الكتاب من كتب القصص الشيقة و أن يجعل أبطال هذه القصص من الحيوانات بحيث تكون قصصا *رمزية* على ألسن البهائم و السباع و الطير .. و هكذا يظن العامة و الرعاع و الإنسان قليل الفهم أنها قصص عادية من قصص الأطفال بينما يصل *معناها العميق و البعيد إلى الإنسان اللبيب ذو الحكمة و الفهم (( الإنسان المثقف ))*.. ففعل الحكيم بيدبا ذلك على أحسن وجه و قام بتصميم النسيج القصصي للكتاب على أكمل صورة فكان كتاب *(( كليلة و دمنة))* الشهير الذي يحوي خلاصة تجربة و حضارة ومعارف شعوب شبه القارة الهندية و الشعب الهندي العظيم و قد تمت ترجمته لاحقا إلى كل لغات العالم و هو كتاب هام لا غنى لمكتبة اي مثقف عنه …
نقف مع قصة *رمزية* من قصص ذلك الكتاب و يا سبحان الله … كأنها تحكي حال ما يحدث في السودان منذ استقلاله و حتى الفترة الحالية فترة حرب الاستعمار الاستيطاني و الاحتلال الأجنبي الذي تتعرض له البلاد بواسطة الإما.رات ( إسر.ائيل) باستخدام الجنجو.يد اليوم … و هي قصة *(( الحمامة المطوقة))..*
فإلى نص القصة منقول بتصرف:
(( الحمامة المطوقة هي سيدة الحمام)) و قائدة ركبه في حله و ترحاله يأتمرن بأمرها .. سقطت هي و معها سرب من الحمام في *شبكة صياد* مثبتة بأوتاد إلى الأرض ..
أصاب *الهلع* كل الحمائم فأصبحت كل واحدة منهن تدفع بالشبكة في اتجاهها *لتجد مخرجا لنفسها فقط..* … و هكذا ضاعت جهودهن و أصابهن الإنهاك دون جدوى ..هنا قالت لهن الحمامة المطوقة و هي سيدة الحمام .. *بهذه الطريقة لن تنجو إحدانا و سنهلك جميعا ً..!!!* و الصياد سيحضر ليجهز علينا ..فعلينا أن ندفع جميعا باتجاه الأعلى لننزع أوتاد الشبكة اولا *فننجو جميعا* ثم نرى ما نصنع بعد ذلك ..
و كان الصياد قد اقترب كثيرا فأسرعت الحمامة المطوقة تستحثهن..
و هكذا رفرفت الحمامات بأجنحتهن و هن يطرن للأعلى *فاقتلعن الشبكة اقتلاعا..* و طرن بها مسافة عالية لم يقدر الصياد على الوصول إليها و لكن *ظل يحاول* و ما زال يقفز للامساك بالشبكة و يصوب سهامه نحوهن و لكنهن طرن بعيدا غير أن الحمامة المطوقة نبهت رفيقاتها لأن الصياد *لا زال يجد في طلبهن* و الشبكة تكبل حركتهن و سيصيبهن الإرهاق عاجلا أو آجلا .. فسالوها ما العمل فقالت إننا الآن نطير في أرض فلاة (( صحراء مكشوفة )) .. و لذلك فإن الصياد يرانا مهما ابتعدنا .. و أرى أن *نطير بالشبكة ناحية العمران* فنختفى وسط الدور و البيوت فلا يرانا ثم نهبط على سطح أحد البيوت إلى أن نتدبر أمرنا .. و هكذا طرن ناحية العمران *(( اختيار أرض المعركة))* و اختفين من أعين الصياد الذي أيس (( يئس)) منهن و *انقطع أمله* في صيدهن و في *شبكته*(( أداة عمله))…
بعد ذلك وجهت الحمامة المطوقة صويحباتها ليسلكن مسارا عاليا لكي لا يقعن فريسة ل *صيادي المدينة..!!* ثم أمرتهن بالنزول بالشبكة على سطح أحد المنازل المهجورة لأن الوقت نهار و منظر سرب حمام داخل شبكة شيء ملفت للأنظار فالأفضل لهن في نظرها هو الأختباء الى حين حلول الظلام إلى أن يتدبرن أمرهن *(( اختيار توقيت المعركة))* و هكذا ظللن *مختبئات* في سطح المنزل و *تحملن الجوع و العطش* لكي لا يهلكن إلى أن أرخى الليل سدوله و *نام الناس* فقالت الحمامة المطوقة لهن إن لها صديقا في هذه المدينة و أن *هذا يومه ..!!!* أي أن هذا هو اليوم الذي تحتاج فيه إلى موهبته و حرفته و كان هذا الصديق هو الجرذ أو الفأر *(( حليف استراتيحي .. جار و صديق قديم ..))* ذهبن إليه في جحره و نادته المطوقة فخرج اليهن و بمجرد أن نظر لهن داخل الشبكة فهم الموقف و عرف المطلوب منه و بدأ فورا في قرض حبال الشبكة لتمزيقها و بدأ من ناحية صاحبته الحمامة المطوقة و لكنها نهته عن ذلك و أقسمت عليه أن يبدأ بصويحباتها أولا ً لأنه إن بدأ بها فتر عزمه عن صويحباتها *(( تضحية القائد))* و هكذا حرر صويحباتها اولا ثم حررها و هكذا تم تحرير كل الحمام و الانتصار على العدو المشترك و الفضل في ذلك يرجع *للعمل الجماعي و التخطيط السليم و الإستفادة من الصداقات و التحالفات..*
*خاتمة :*
أهلي السودانيين : إذا لم توحدنا الآمال فلتوحدنا الآلام ..!!!!
إلى قادة البلاد : إذا لم تستطيعوا أن تكونوا على قدر آمال هذا الشعب فعلى الأقل كونوا على قدر آلامه..
دمتم..
*سوا .. بنقدر ..*
*تصبحون على وطن ..*
*
*كتبه بإخلاص:* *محبكم الفقير لله د/ محمد صالح الشيخابي…*
