كتب : عز الدين ابو جمال *إيران بين العدو المتوهم والصديق القادم…*
كتب : عز الدين ابو جمال
*إيران بين العدو المتوهم والصديق القادم…*
في بداية العصر الصناعي احتدم الصراع بين السلطة السياسية (الملوك والأمراء) والسلطة الدينية (الكنيسة) فتفننت الحاشية لكلا الطرفين في صناعة ادوات ووسائل تستطيع من خلالها بسط السيطرة، كلمتها على الآخر…وقاد هذا الاسلوب في ابتداع مايسمي العدو الوهمي هو عدو افتراضي
ذلك الشبح الخفي الذي يخافه الجميع من غير أن يشاهدوه حقيقةً، ولكن تواترت الأخبار عن وجوده وإن لم يكن موجودا.
فتبتدع السلطة مجموعة ادوات لقهر هذا العدو وتسن التشريعات والقوانين التي تحكم بها سيطرتها وقوتها على الكل ليظل الارتعاد والخوف حاضراً ويسهل تمرير حجج الحفاظ على الأمن القومي والمجتمعي وغيرها….
مع تقدم زوال سلطة الكنيسة (السلطة الدينية) وهي اول سلطة كانت ضحية هذا العدو المتوهم.
ازدادت الحاجة في صراع الوجود بين مؤسسات السلطة نفسها حتي تبسط السلطة الخفية سيطرتها على الكل.
فكان اللوبي الاقوي سيطرة ذلك (الصهيوني الماسوني) الذي وضع يده علي تلك الادوات المتحكمة في الكيانات الجديدة التي صنعتها دوائر التسلط مابعد الثورة الصناعية.
فظل العدو المتوهم هو الأداة الأبرز والاهم في ادوات ذلك التحكم. وعندما يتحدث أحدهم عن ما يُطلق عليه لفظة العدو الوهمي فهو يتحدث عن ذلك الخطر الضبابي والموت المزيف الذي يُخاتِل بالتسلط على الشعوب والفتك بها إن هي لم تساند الحكومات في القضاء عليه، فهو ذلك الشبح الخفي الذي يخافه الجميع من غير أن يشاهدوه حقيقةً، ولكن تواترت الأخبار عن وجوده وإن لم يكن موجودا. بدأ هذا المفهوم يتحول إلى واقع عملي عند محاولة توحيد الصف الداخلي بافتراض أن هناك خطر قادم يستوجب من الجميع الانتصاب صفا واحدا في مواجهته، تطور بعد ذلك ليكون أحد الأسباب التقليدية التي يستخدمها السياسي عند الحاجة لإصدار قرارات استثنائية معاكسة لما تتطلع إليه الشعوب للحد من ثورة غضبٍ قد تنجم إن لم يقتنع الجميع أن هذه القرارات صدرت تحت مصلحة دفع عدو استثنائي خطير ينبثق الموتُ من تحت أنيابه ويرفع دائما أكفه الملطخة بالدماء، فتكون محصلة المعادلة السياسية البسيطة أن العدو الاستثنائي يستوجب قرارا استثنائيا فتهدأ بالنتيجة المُتحصلِ عليها جراحُ شعبٍ ما زالت تُعاصر آلام المخاض.
فمن المُخيفِ لباعث القرار أن ينتزع لقمةً من فمِ مسكينٍ بائسٍ من غير سببٍ ظاهر مُخيف، ولكن من السهولة بمكان أن تنسَّل تلك اللقمة من ذات الفم من غير ضجيجٍ في سبيل ألّا تُنزع روحه بتلك الأنياب المميتة، فالطريقة الأفضل لإسكات أفواه القطط هي في إقناعه بأنك تقف إلى جانبه. ومن هنا أصبحت صناعة العدو الوهمي ضرورة مُلحة تُستخدم للتحكم والسيطرة والقمع والاستبداد في مسرحية يبدو القمع فيها مصلحةً والتنكيلُ منفعةً والمقموعُ ضاحكا والقامع مُتحسِّرا، فبمثل هذه الهزليات نستطيع عدا إصدار قرارات كانت في حكم المستحيلات، إشغال العامة عن التقصي عن أمرٍ يُحاكُ في الخفاء حتى تكتمل دورة حياكته وتطريز مفاصله ويحين وقتُ ثورته عند ساعة لا ينفع فيها صراخ ولا تجدي لها شكوى
هنا جاءت الأسئلة ؟؟؟
بين مطلوب وضع أساس لمفهوم العدو المتوهوم ابتداءا ؟؟؟
وبين مستخدم جلب الأداة لخدمة سلطته القائمة ؟؟؟؟
رغم ان الاختلاف بين الاثنين واضح وباين إلاً إن التداخل (الزماني والمكاني) جعل المتاهة التي وضعنا فيها لاتفرق بين (مضمون الشي وبين مظهره)
فصانع الاداة يعلم عن المضمون ما لا يعرفه مستوردها )
فنطلت علينا لعبة العدو المتوهم بخلق عدو ضد أنفسنا….
فكانت المحصلة عدم التفرقه بين العدو الحقيقي (الصهيونية)
والعدو المتوهم (الشيعة)
وحتي لا ننزلق في تعقيدات فقهية تبعدنا عن المراد الحقيقي لطريق الاستفاقة من قبضة هذه الصناعة .
وقوفنا مع إيران هو بداية الانعتاق من قبضة الوهم المصطنع وردم الهوه في طريق بناء المشتركات بين السنة والشيعة فالقضايا الكبري تقرب اللحمة وترتق الفتق وتعيد تجميع العقل الاسلامي نحو الأهداف المشتركة.
ولنا عودة…..
*عزالدين ابوجمال*
القاهرة 16يونيو2025