الطاهر ساتي *و يتعظوا ..!!*
الطاهر ساتي
*و يتعظوا ..!!*
:: وصف وجبة غذائية بالطريقة اللبنانية : ( تُغسل حُبيبات البندورة، وتٌقطّع بشكل متناسق مع شرائح البصل، وتُضاف اليها رقائق الذرة والماء تدريجياً حتى تتماسك الخلطة، ويرش عليها القليل من الملح والفلفل الحار، وتُقدم باردة)ُ، وهي ذات الوجبة السودانية المُسماة ( كِسرة بالطماطم)..وهكذا الفرق بين خطابي كامل وحمدوك ..أحدهما يلف ويدور باللغة، فيسرح المُستمع ثم يتوه ما بين تعابير الوجه و البندورة و رقائق الذرة، بيد أن الآخر واضح و مباشر، فيفهم المستمع بكل سهولة بأن الوجبة ( طماطم بالكِسرة)..!!
:: والفرق بين خطابي كامل وحمدوك ليس شكلياً فحسب، بل فرق محتوى أيضاً.. كامل يطرح برنامج عمل، هيكلة مؤسسات الدولة، وآليات لمكافحة الفساد، وترشيد الصرف الحكومي، و التخلص من الأجسام الزائد لمكافحة الترهل، وخلق دولة القانون، وبيئة آمنة للمواطن، و نهضة اقتصادية تتكئ على الزراعة و المعادن و الثروة الحيوانية وغيرها من الموارد، وهكذا، فالخطاب برنامج عمل .. بينما حمدوك كان يطرح أحلام اليقظة، سنعبر وسننتصر ..!!
:: وعندما أُقارن بين كامل و حمدوك ليس للتقليل من شأن أحدهما، ولا تشكيكاً في كفاءته، ولكن للتوضيح بأن كامل جاء برؤية للُحكم ومعمتداً على نفسه، بينما جاء حمدوك بلسان حال قائل : ( جاييكم أباطي و النجم)، والمعنى أنه جاء بلا رؤية، معتمداً على حاضنة نُشطاء.. وبعد عام من خُطب أحلام اليقظة، شكى للجالية السودانية بالسعودية : ( قوى الحرية لم تسلمني برنامج المرحلة، ولكن سنعبر و ننتصر)..!!
:: واليوم، ما يُميّز خطاب و برنامج كامل إنه غير مُقيّد بأجندة حاضنة سياسية .. فالشاهد أن نشطاء قوى الحرية كانوا حملاً ثقيلاً على كاهل حمدوك، وهم من أفشلوه حتى غادر تاركاً إياهم في محطة المراهقة السياسية..لم يعدوا له برنامجاً للُحكم، ولم يطرحوا مشروعاً غير الصخب و إبتزازات خالد عجوبا وجوكية صلاح مناع و ىشواكيش عبده خِزن..وكثيراً ما كان العقلاء ينصحونهم بالنُّضج و الوعي و روح المسؤولية، بحيث تكون مصالح الناس والبلد هي العُليا، بدلاً عن خطاب الكراهية و روح الإنتقام والشعارات الصبيانية، ولكنهم كانوا لايسمعون إلا أنفسهم الأمارة بالتهريج ..!!
:: كنا نأمل صادقين بأن تتوحد إرادتهم حول الأهداف الاستراتيجية التي وردت في خطاب كامل، ولكنهم كانوا أعداء أنفسهم و حمدوك في كل القضايا، بما فيها الاستراتيجية..على سبيل المثال، رفضوا التطبيع مع إسرائيل و أرهبوا البرهان وحمدوك حين تقدما خطوة للتطبيع، وهاجموا اتفاقية سلام جوبا وخلقوا عداءً غير مبرر مع أطرافها، وعارضوا الإصلاحات الاقتصادية، بما فيها تحرير الاقتصاد و..و.. فالبلاد كانت بحاجة إلى حكومة كفاءات ذات حاضنة سياسية ناضجة، و ليست تلك الهوجاء ..!!
:: المهم، لم نجتر الماضي إلا ليعتبر به سادة الحاضر و يتعظوا.. وبالمباشرة، وبلا استعراض لغوي أو التمثيل بتعابير الوجه، عرض كامل خارطة طريق حكومته، وقد أسماها بحكومة الأمل المدنية.. وكما تعلمون فإن الأمل يختلف عن الحلم في المعنى، فالحلم هو ما نتمناه، بينما الأمل هو ما نسعى إليه، ثم أن الحلم يطلق العنان لخيالك ليتخيّل الأشياء، بينما الأمل يدفعك إلى العمل لإنجاز الأشياء ..و شعبنا – بإذن الله – قادر بأن يكون كطائر الفينيق، يستفيق من تحت الرماد ثم يُحلّق عالياً بجناحي الأمل و العمل ..!!