خبر والتحليل –عمار العركي *آبي أحمد: عودة عصب “مسألة وقت” … وإريتريا ترد بـ “طبول الحرب”*
خبر والتحليل –عمار العركي
*آبي أحمد: عودة عصب “مسألة وقت” … وإريتريا ترد بـ “طبول الحرب”*
____________________
▪️قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن عودة ميناء عصب إلى سيطرة إثيوبيا مجرد “مسألة وقت”، مؤكداً أن فقدان بلاده للمنفذ البحري قبل ثلاثة عقود كان “خطأً” سيُصحح قريباً.
▪️جاء ذلك في مقابلة مع الإعلام الرسمي الإثيوبي قبيل افتتاح سد النهضة، حيث ربط آبي بين الإنجاز المائي والتحولات الجيوسياسية التي تمنح أديس أبابا – بحسب تعبيره – شرعية لاستعادة منفذها البحري.
▪️في المقابل، رد وزير الإعلام الإريتري يماني قبرمسقل بحدة، واصفاً هذه التصريحات بأنها “طبول حرب متهورة” وتشويه للتاريخ الإريتري، مؤكداً أن استفتاء عام 1993 كرّس سيادة إريتريا كحق غير قابل للتصرف.
▪️تصريحات أديس أبابا تشكّل محاولة علنية لإعادة فتح ملف الوصول إلى البحر، وهي تعبّر عن نية تحويل الإمكانات الجديدة (سد النهضة) إلى نفوذ جيو-اقتصادي.
▪️هذا الخطاب لا يبقى محصوراً في إطار إثيوبي-إريتري فحسب؛ بل له انعكاسات مباشرة على السودان الذي يشارك الحدود والتقاطع الاستراتيجي مع الطرفين، وقد يصبح ملعباً للمناورات أو ضحيةً لضغوط تهدف إلى خلق حلفنة أو فتح واجهات قتال أو توظيف أراضيه ومساراته لصالح أهداف إثيوبية.
▪️إثيوبيا فقدت منفذها البحري الوحيد عام 1993 مع استقلال إريتريا وإجراء استفتاء تقرير المصير الذي اعترفت به الأمم المتحدة. وبذلك أصبحت دولة حبيسة، تعتمد على موانئ جيبوتي بالأساس، إضافة إلى موانئ في السودان وإريتريا في فترات متقطعة. لكن ميناء عصب ظل رمزاً حساساً؛ إذ كان المنفذ الحيوي الأبرز لأديس أبابا على البحر الأحمر طوال عقود.
▪️الحرب الإثيوبية – الإريترية (1998 – 2000) أنهت أي إمكانية للتعاون، وأغلقت الباب أمام استخدام إثيوبيا للموانئ الإريترية، ورسّخت القطيعة التي لم تُكسر إلا مؤقتاً مع اتفاق السلام الذي وقعه آبي أحمد وأسياس أفورقي عام 2018، قبل أن تتراجع العلاقة مجدداً مع اندلاع حرب تيغراي 2020 وما تلاها من تباينات حادة بين الطرفين.
▪️اليوم، يحاول آبي أحمد إعادة فتح الملف مستخدماً لغة القوة والحق التاريخي، في وقت ترى فيه إريتريا أن الحديث عن “تصحيح خطأ” يتجاهل حقائق السيادة والاستقلال التي دفع الشعب الإريتري ثمنها غالياً. ولذلك جاء رد أسمرة متشدداً ومشحوناً برفض قاطع، يصف الخطاب الإثيوبي بأنه “تشويه للتاريخ” و”طبول حرب متهورة”.
▪️خطورة هذه التصريحات تكمن في توقيتها. البحر الأحمر يشهد حالياً تنافساً دولياً محتدماً بين قوى كبرى (الولايات المتحدة، الصين، روسيا) وقوى إقليمية (الخليج، تركيا، إيران). أي صراع إثيوبي – إريتري سيقع بالضرورة في قلب هذا التنافس، ما يجعله مرشحاً للتدويل السريع.
إلى جانب ذلك، فإن فتح جبهة جديدة بين أديس أبابا وأسمرة سيضيف عبئاً أمنياً خطيراً على القرن الأفريقي، خاصة مع استمرار الحرب في السودان، والتوترات في الصومال، والانكشاف الأمني في اليمن عبر الضفة الأخرى من البحر الأحمر.
▪️زيادة الضغوط على الحدود الشرقية (محلية وأمنية) قد تترجم إلى محاولات اختراق أو استحداث نقاط مراقبة أو قواعد مؤقتة من قبل فصائل تدعمها أطراف خارجية، مع محاولات استغلال الممرات اللوجستية داخل السودان لتمكين تحركات إثيوبية، ما يعرّض السيادة الوطنية للخطر.
▪️دعم أو تحريك مجموعات محلية لزعزعة استقرار ولايات الشرق بهدف خلق أوراق ضغط على الخرطوم.
▪️تدفق موجات لجوء ونزوح جديدة نتيجة أي صراع إثيوبي-إريتري، ما يثقل كاهل السودان إنسانياً وأمنياً.
* تدويل النزاع عبر إدخال قوات دولية أو مرتزقة قد يحوّل السودان إلى ساحة تنافس إقليمي ودولي.
* انعكاسات اقتصادية مباشرة على حركة التجارة والموانئ البديلة وزيادة كلفة العبور.
* استغلال الخطاب الإثيوبي لفرض أجندة جديدة في ملفات المياه أو الحدود على حساب الخرطوم.
*_خلاصة القول ومتهاه :_*
▪️بين خطاب “تصحيح أخطاء الماضي” لدى أديس أبابا ورد “طبول الحرب” لدى أسمرة، يقف السودان في محور هش، حيث يمكن أن تتحوّل أراضيه أو ملفّه السياسي إلى ساحة أهداف أو أدوات في لعبة أكبر. على الخرطوم أن تتصرف استباقياً — أمنياً ودبلوماسياً وإنسانياً — لتفادي أن يصبح ضحيةً لمناورات قد تخرج المنطقة عن سيطرة أبنائها أولاً، وتزيد من تعقيد أزمات القرن الأفريقي ثانياً.