*الإعلام الفريضة الغائبة .. وتحية للاقلام الوطنية* (٢) بقلم السفير/ رشاد فراج الطيب
*الإعلام الفريضة الغائبة .. وتحية للاقلام الوطنية* (٢)
بقلم السفير/ رشاد فراج الطيب

لله درُّ أصحاب الأقلام الوطنية ، وسلِمت يراعاتهم ، رجالاً ونساءً من شرفاء الصحافة والإعلام ، من كتاب الرأي وأهل التحرير ، الذين انبروا بأقلامهم وألسنتهم الفصيحة الحادة في مواجهة أكاذيب العدو المتمرّد ورعاته الطامعين في النيل من عزائم الشعب وهزيمة جيشه ، ولكن هيهات .
طوبى لأصحاب المنصّات والمواقع والصحف الإلكترونية والقنوات الخاصة الذين جعلوا من منابرهم جداراً من رصاص يرتد إلى صدور العدوان ، وطوبى لهم وهم ينافحون بالمنطق والحجة الناصعة عن شعبٍ تعرّض لأكبر غزوة وعدوان في التاريخ الحديث .
لقد رأيناهم ، وسمعهم العالم ، في القنوات والفضائيات يخرسون بشجاعة ألسنة الباطل وأبواق العدوان من المتردية والنطيحة من ممثلي المليشيا وعملاء السفارات الذين باعوا ضمائرهم و حناجرهم ، وهم يلقون أباطيلهم على أسماع العالم زوراً وبهتاناً ، حتى إذا خُيّل للبعض أنها حقائق ، تلقفتها عصيّ الحقيقة وألسنة الصدق فأخرستها وابتلعتها .
لقد تمادت بعض القنوات العربية في إيذاء السودان وشعبه وجيشه بإصرارها على تجاهل الرواية الوطنية التي تؤكد أن هذه الحرب ليست ككل الحروب ، وأنها عدوان ركب على جواد الجنجويد ليسير به نحو غايات أبعد ، لتصفية حسابات قديمة مع السودان الذي وقف دوماً سدّاً منيعاً أمام الأطماع في موانئه وموارده وموقعه الاستراتيجي .
وأن من وراء كل ذلك ظل السودان هدفا ثابتا للعدو الصهيوني الذي يستهدف اخراج السودان من معادلة الصمود والمناصرة والاسناد لقضايا أمته العادلة كما أخرج دولا محورية أخري من خلال اضعافه وزعزعته .
لقد ظلم هذا الإعلام العربي إلا ما رحم الله أهل السودان وخذل جيشهم حين أتاح المنابر والساعات الطويلة لقادة التمرد والعدوان ، ووضعهم على قدم المساواة مع المدافعين عن الوطن من الإعلاميين والسياسيين الوطنيين ووقف علي مسافة واحدة من السودان وماوقع عليه من حرب و عدوان وهو الذي لم يخذل أمته يوما حين تعرضت لعدوان أو مصاب .
وهو ذاته الإعلام الذي ردد ببرود عباراتٍ ظاهرها النصح وباطنها الخداع من قبيل :
لا منتصر في هذه الحرب ، ولا حل عسكرياً لها ، و يجب إيقافها فوراً ، متجاهلاً أن هذه الحرب فُرضت على السودان فرضاً ، وأنها عدوان غاشم استحال صبر الشعب عليه مقاومةً مشروعة ودفاعاً عن الكرامة والسيادة وأن وضع السلاح ووقف التصدي للمعتدين معناه الاستسلام والهزيمة !
إنه الإعلام ذاته الذي لا يجرؤ على انتقاد الأنظمة العربية ذات النفوذ والمال ، بينما يفتح شاشاته وقنواته لرموز المليشيا العدوانية ، من الذين يبررون جرائمهم تحت لافتات كاذبة ، كحديثهم عن ضرورة التفاوض والعودة الي “المسار الانتقالي” و”المسار الديمقراطي” ، في تجاهل تام لطبيعة المليشيا المجرمة ، وطبيعة الحرب وأسباب وقوعها ، وتناسوا ان المليشيا أصلا لم تكن طرفا في العملية السياسية . وتغافلوا
ما جرى للمدنيين من قتل ونهب وانتهاك وتشريد في الخرطوم والجزيرة وسنار وكردفان .أوجب وقف هؤلاء القتلة ومحاسبتهم قبل الحديث عن التفاوض والتسوية معهم .
لم يتحدث هذا الإعلام عن تلك المآسي إلا بحديثٍ اختلط فيه الحق بالباطل ، حتى إذا سقطت الفاشر وانكشفت فظائع العدوان ومجازره الموثقة بالصوت والصورة ، بدأ بعضهم يحاول ستر ما انكشف من عورته واستعادة ما تبقّى من حياء المهنة .
الشكر والتقدير لأقلامنا الوطنية وقادة الصحافة الحرة في بلادنا ، الذين ملأوا فراغ الإعلام الرسمي ونطاقه ، وحملوا راية الدفاع عن الوطن بوعي وإيمان .
لقد غاب الإعلام الرسمي بأدواته السياسية والدبلوماسية عن المشهد ودون مبرر لأكثر من عام ! وترك فراغاً واسعاً ملأه إعلام الزيف والتضليل ، وغابت معه السردية الوطنية التي تشرح للعالم طبيعة الحرب وماهية العدوان على السودان فنظر الي مايحدث لأهل السودان بعيون وعدسات العدو .
بل إن الجهة الرسمية المعنية قد تساهلت مع مراسلي الإعلام المعادي ، فسمحت لهم ببث أكاذيبهم من داخل البلاد ، بينما كانت الفضائيات المعادية تتسلى بجراحنا ، وتمنح قتلة شعبنا منابر ليكيلوا الشتائم ويزرعوا الشكوك ويزيفوا الحقائق .
التحية لكل من تصدى بقلمه ولسانه ، ولكل من سخّر وقته ومنصته لنصرة السودان وجيش السودان ، والدفاع عن حق الوطن في العزة والسيادة والاستقلال . والتحية موصولة إلى الإعلام الحر في البلاد العربية والإسلامية والعالم الذي صدق روايتنا ، وتبنى سرديتنا ، وتعاطف مع شعبنا ، وناصر حقنا في مقاومة العدوان الغاشم .
إن الأقلام الوطنية كانت وستظل سهاماً في قلب العدوان ، وأصواتاً للحقّ لا تنكسر ولا تُشترى .
ولابد من الإنتباه لأهمية الإعلام ودوره في إسناد معركة الكرامة التي يقودها الجيش .
وضرورة إعادة تشكيل منظومة الإعلام وإعادة تعريف دورها الحيوي ونطاقها في حماية المصالح الوطنية العليا للدولة وصيانة أمنها الوطني والقومي.
