منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خبر و تحليل _عمـار العركـي *13 ديــسمبــــر :*  *فـرصـة تفـويـض…. ولا للتـفـويـت*

0

خبر و تحليل _عمـار العركـي

 

*13 ديــسمبــــر :*
*فـرصـة تفـويـض…. ولا للتـفـويـت*

▪️اليوم _ السبت 13ديسمبر 2025م ، لم يكن يومًا عاديًا في سياق أيام الحرب على الدولة السودانية، ولا يمكن اختزاله في مشهد تعبوي أو حشد عاطفي مؤقت، بل شكّل في جوهره استفتاءً شعبيًا نادر الحدوث، وتفويضًا واضحًا لا لبس فيه، عبّرت من خلاله قطاعات واسعة من السودانيين، داخل الوطن وخارجه، عن موقفها الصريح من معركة الوجود ، وعن خيارها الحاسم بالوقوف خلف الدولة ومؤسستها العسكرية في مواجهة مشروع التفكيك والارتهان.
▪️ ما جرى اليوم تجاوز حدود التعبير الرمزي، ليؤسس لواقع سياسي جديد مفاده أن الشارع السوداني لم يعد متفرجًا على ما يُدار باسمه، ولا قابلاً بأن تُصاغ مستقبله في الغرف المغلقة أو على موائد الخارج. لقد قال الناس كلمتهم بوضوح: لا حياد في معركة تُستهدف وجود السودان ، ولا منطقة رمادية بين جيش وطني ومليشيا ومرتزقة تسعى لفرض أمر واقع بالقوة، ومن يقف خارج هذا الاصطفاف إنما يضع نفسه خارج السياق الوطني العام.
▪️إن القيمة الحقيقية لـ13 ديسمبر لا تكمن فقط في حجم المشاركة، بل في توقيت الرسالة وسقفها. فقد جاء هذا الحراك في لحظة كثفت فيها الضغوط السياسية والإعلامية، وتصاعدت محاولات إعادة تدوير المليشيا تحت عناوين مضللة، وجرى الترويج لفكرة الإرهاق الشعبي كمدخل لفرض تسويات مختلة. فجاء الرد الشعبي ليقلب المعادلة، ويؤكد أن الرهان على إنهاك المجتمع أو كسر إرادته هو رهان خاسر، وأن ما لم تحققه المليشيا بالسلاح لن تحققه بالضغوط ولا بالمساومات.
▪️بهذا المعنى، فإن 13 ديسمبر لم يكن مجرد دعم للقوات المسلحة، لأن هذا الدعم ثابت ومتجذر، وإنما كان تفويضًا سياسيًا وأخلاقيًا يحمّل القيادة مسؤولية مباشرة: مسؤولية مغادرة محطة التردد، وكسر حالة البطء، والتوقف عن إدارة المعركة بعقلية تفويت الفرص. فالشعوب لا تمنح تفويضها في كل مرة، وعندما تفعل، فإنها تنتظر قرارات بحجم هذا التفويض، لا سياسات حذرة تُدار بمنطق رد الفعل أو الحسابات الضيقة.
▪️لقد منح الشارع القيادة فرصة ذهبية لإعادة صياغة المشهد الداخلي على أسس جديدة، عنوانها الوضوح والحسم، وفرز المواقف دون مواربة، وبناء جبهة وطنية صلبة لا تساوي بين الدولة وخصومها، ولا تفتح أبواب الخلف لمن لفظهم المجتمع سياسيًا وأخلاقيًا. كما منحها ورقة قوة حقيقية في الإقليم والعالم، يمكن – إن أُحسن استثمارها – أن تعيد ضبط علاقات السودان الخارجية، وتفرض سردية الدولة بوصفها الطرف الشرعي الوحيد، وتغلق المسارات التي تتسلل منها الضغوط والابتزاز.
▪️غير أن أخطر ما يواجه هذه اللحظة ليس الخصم، بل إهدار الفرصة. فالتاريخ مليء بمحطات كان فيها المزاج الشعبي متقدمًا على القرار السياسي، فضاعت اللحظة، وتبددت الكلفة التي دفعها الناس. 13 ديسمبر يضع القيادة أمام اختبار مباشر: إما أن تتحول هذه الرسالة إلى سياسات واضحة وخطوات محسوبة تعكس حجم التفويض، أو أن يُترك الزخم ليبرد، فتعود المبادرة إلى أيدي الآخرين.
▪️إن الشعوب حين تصطف بهذا الوضوح، فإنها لا تفعل ذلك من باب المجاملة أو التكرار، بل لأنها تشعر بأن المعركة وصلت إلى مفترق طرق. ومن هنا، فإن المسؤولية اليوم مضاعفة: مسؤولية الانتصار، ومسؤولية إدارة ما بعده، ومسؤولية عدم خذلان شارع قال كلمته في لحظة فارقة.
*خلاصــة القــول ومنتهــاه :*
▪️ان 13 ديسمبر ليس ذكرى تُستعاد، بل فرصة يجب البناء عليها. استفتاء شعبي مكتمل الشروط، وتفويض لا يحتمل التأويل، ورسالة وصلت إلى الداخل والخارج معًا. وما تبقى، هو أن تُقابل هذه الرسالة بقرارات على مستواها، قبل أن تضيع الفرصة مرة أخرى.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.