البُعد الآخر د. مصعب بريــر *الحياء… تاج الأنوثة المفقود بين حداثةٍ زائفة وقوةٍ منسيّة ..!*
البُعد الآخر
د. مصعب بريــر
*الحياء… تاج الأنوثة المفقود بين حداثةٍ زائفة وقوةٍ منسيّة ..!*

لطالما كان الحياء – ذلك الخُلُق النبيل والخجل المحمود – تاجًا يزيّن المرأة، ودرعًا يحفظ كرامتها، وسرًّا من أسرار جاذبيتها الهادئة وقوتها الناعمة. لم يكن الحياء يومًا ضعفًا أو انكفاءً، بل كان حضورًا راقيًا يفرض الاحترام ويصون العفّة. ومع تسارع المشهد المعاصر، يطلّ سؤالٌ مقلق: أين ذهب هذا الخُلُق الذي ميّز المرأة وأعلى شأنها؟
إن تراجع قيمة الحياء لا يعني فقدان فضيلة أخلاقية فحسب، بل مساسًا عميقًا بالهوية والطمأنينة الداخلية. وقد جسّدت السيدة مريم عليها السلام هذا المعنى السامي حين قدّمت صيانة الشرف والحياء على كل اعتبار فقد برز هذا المعنى العميق في قولها: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا}، حين كان همها الأوحد هو صيانة شرفها وحيائها، لتعلم النساء أن الشرف والحياء أثمن من الحياة نفسها، لتغرس في الوجدان أن الكرامة أثمن من كل متاع.
لماذا تراجع الحياء في زمننا ؟
لم يحدث ذلك مصادفة، بل نتيجة عوامل متداخلة، من أبرزها:
• خطاب إعلامي مُضلِّل يربط التقدّم بنزع الحياء، ويصوّر الجرأة الفارغة على أنها قوة، بينما يُشيطن الرقيّ ويصفه بالتخلّف.
• مفاهيم حداثة زائفة تخلط بين الحقوق المشروعة والتشبه المُفرغ من المعنى، فتغفل عن أن الحياء جزء أصيل من الأنوثة، لا نقيض لها.
• غياب القدوة الحقيقية حين تراجعت التربية الواعية لصالح نماذج سطحية تُلمّع الانكشاف وتغفل الجوهر.
لقد لفت القرآن الكريم أنظارنا إلى سرّ القوة الحقيقية حين وصف فتاة مدين:
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}
فكان الحياء هو القيمة الأغلى، والمفتاح الذي فتح القلوب قبل الأبواب. وصدق النبي ﷺ: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»؛ إذ الحياء ميزان صلاح الفرد والمجتمع.
بعد اخير :
خلاصة القول، الحداثة الحقة ليست تعرّيًا أخلاقيًا ولا قطيعة مع القيم، بل وعيٌ يجمع بين القوة والرقيّ. إن استعادة الحياء مسؤولية مشتركة: أسرةً وإعلامًا وتعليمًا، والأهم وعيًا ذاتيًا يختار الجوهر على الضجيج.
وأخيراً، كوني قوية بحيائك، واثقة بعفّتك، راقية بحضورك. اجعلي الحياء تاجك لا قيدك؛ ففيه كرامتك، وسكينتك، وسرّ جاذبيتك الخالدة.
ونواصل… إن كان في الحبر بقية، بمشيئة الله تعالى.
﴿لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾
حسبنا الله ونِعم الوكيل
اللهم لا تُسلِّط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، يا أرحم الراحمين.
#البُعد_الآخر | مصعب بريــر
الثلاثاء | 16 ديسمبر 2025م
musapbrear@gmail.com
