منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة *مراجعة المناهج تأخير يفتح جراح الأمس*

0

زاوية خاصة

 

نايلة علي محمد الخليفة

 

*مراجعة المناهج تأخير يفتح جراح الأمس*

منذ صدور قرار وزير التعليم والتربية الوطنية بتشكيل لجنة عليا لمراجعة مناهج التعليم العام ، ظل سؤال بسيط يتردد بلا إجابة ، ماذا أنجزت هذه اللجنة؟ ، وما الذي حال دون خروجها للرأي العام ، ولو بمؤتمر صحفي واحد ، يوضح حجم العمل ، أو يشرح المعوقات؟ ، فمرور ما يقارب أربعة أشهر دون أي إفادة رسمية لا يبدد القلق ، بل يضاعفه ، خاصة حين يتعلق الأمر بمناهج تصنع وعي أجيال كاملة.

هذا التساؤل يكتسب مشروعيته من تجربة قريبة ومؤلمة ، عاشها السودانيون خلال حقبة حكومة الحرية والتغيير ، حيث جرى العبث بالمناهج على نحو غير مسبوق ، فعلى الرغم من تعاقب الحكومات واختلاف توجهاتها ، لم تشهد المناهج السودانية تدخلًا سياسيًا مباشرًا ، كما حدث في تلك الفترة ، إذ أُدخلت تعديلات واسعة ، لم تكتفِ بتطوير المحتوى أو تحديثه ، بل تجاوزت ذلك إلى الإساءة لحقب سياسية بعينها ، وتقديم قراءة انتقائية للتاريخ القريب.

الأكثر إثارة للجدل كان ترسيخ ما سُمّي بثورة ديسمبر داخل المقررات الدراسية ، وكأنها حقيقة تاريخية مكتملة ، في وقت لا تزال فيه حدثًا معاصرًا ، محل انقسام حاد ، والمعروف تربويًا أن المناهج لا تُؤرخ للوقائع وهي ساخنة ، ولا تُدرج الحقب السياسية إلا بعد أن تصبح تاريخًا ، يخضع للدراسة والتحليل الاكاديمي ، وتُنتقى منه الدروس والعبر ، لا الشعارات والمواقف.

لم يتوقف الأمر عند البعد السياسي ، بل امتد إلى إدخال مقررات تصادمت مع القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع ، وأثارت مخاوف حقيقية من مشروع يستهدف تشكيل جيل منزوع القيم ، مقطوع الصلة بثوابته ، تحت لافتات التغيير والحداثة ، وهو ما لم تقدم عليه حتى حكومات سابقة ، رغم ما يُؤخذ عليها من ملاحظات.

تعود قضية المناهج إلى الواجهة مع قلق أولياء الأمور المتزايد ، ومع تشكيل لجنة المراجعة ، لكن الصمت المحيط بعملها يثير الريبة ، فالمناهج ليست ملفًا فنيًا فحسب ، بل قضية وطنية وقيمية بامتياز ، تمس الهوية والوحدة والأمن الفكري ، والمطلوب ليس إقصاء التاريخ ، ولا تجميل الماضي ، بل بناء منهج يعزز القيم الوطنية والدينية ، ويُرسخ ثقافة السلام ، ويُحصن الأجيال ضد خطاب الكراهية ، ويؤرخ للحقب السياسية حين تصبح تاريخًا لا أداة صراع.

فهل تدرك اللجنة خطورة المهمة؟ ، أم أن المنهج سيظل رهينة للسياسة ، يدفع ثمنها الطلاب والوطن معًا؟…لنا عودة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.