منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة *الاصطفاف الأعمى  .. إدانة الوطني شهادة براءة*

0

زاوية خاصة

 

نايلة علي محمد الخليفة

 

*الاصطفاف الأعمى  .. إدانة الوطني شهادة براءة*

 

رجل بالقرب من البحر أوشك أن يكون فريسة لتمساح ، فضربه وفلت منه إلا انه أصيب أصابة بالغة ، فحمله الناس وهو ينزف ، إلا أنهم تركوا التمساح وشأنه يسبح مطمئنًا ، وانشغلوا بمعاتبة الرجل ، ما الذي دعاك للذهاب إلى البحر في هذا الوقت ، ولماذا لم تنتبه لوجود التمساح ، بعد أن فارق الرجل الحياة ، دوّنوا في دفاترهم أن سبب الوفاة سوء تقدير شخصي ، هذه الحكاية على بساطتها ، تلخص بدقة ما جرى من شلة صمود بنيروبي ، وتكشف طبيعة عقل سياسي اعتاد الهروب من جوهر الأزمة والاشتباك مع نتائجها لا أسبابها.

فبينما ينهش التمساح الحقيقي جسد الوطن ، اجتمعت قوى وأحزاب عملية ، إعتادت العيش تحت جلباب الخيانة ، اجتمعت ووقّعت على ما اسمته وثيقة إعلان مبادئ ، ومذكرة لتصنيف الإسلاميين والمؤتمر الوطني وواجهاتهم كمنظمات إرهابية ، متجاهلة عمدًا المليشيا التي أشعلت الحرب ، وقتلت المدنيين ، ونهبت البيوت ، واغتصبت النساء ، وخطفت الحرائر ، وارتكبت أبشع الجرائم الإنسانية أمام مرأى ومسمع العالم ، وهو تجاهل لا يمكن فصله عن تاريخ طويل من المواقف العدائية لهذه القوى تجاه الدولة نفسها لا تجاه أنظمتها فقط.

هذه المكونات الحزبية يوما بعد يوم تؤكد عزلتها عن المجتمع السوداني وتمضي بعيدا في ارتداء ثياب الخيانة التي إبتكرت لها موضات جديدة دون حياء من مصنع كفيلها الإماراتي الذي يحتويها للفتك بالسودان وأهله لمواصلة شراكة الدم بينها والمليشيا

هذا الاصطفاف الأعمى لا يشبه السياسة في شيء ، بل يشبه الهروب المنظم من الحقيقة ، فالمعركة الحقيقية ليست مع تنظيم سياسي ترك السلطة وانزوى ، والمعركة ليست معركة تصفية حسابات أيديولوجية مؤجلة ، بل مع مليشيا تمارس القتل اليومي وتفتك بالسودانيين بلا رادع ، ومع ذلك لم نسمع من هذه القوى بيانًا واحدًا واضحًا يدين الدعم السريع ، ولم نقرأ توصيفًا قانونيًا لجرائمه ، وكأن الدم السوداني لا يدخل ضمن جدول أعمال مشروعها السياسي المرتبط بالخارج أكثر من ارتباطه بالأرض والناس.

الشارع الذي لم يعد مخدوعًا بالشعارات ، يرى هذا السلوك على حقيقته ، ويدرك أن شلة صمود ومن وقّعوا على إعلان نيروبي ، وهم يلوّحون بإدانة الإسلاميين والمؤتمر الوطني ، لم يدينوا أحدًا سوى أنفسهم ، لأنهم يعيدون إنتاج خطاب الإقصاء في لحظة وطنية لا تحتمل إلا وضوح الموقف من القاتل ، بل إنهم من حيث لا يشعرون ، قدموا لخصومهم شهادة براءة سياسية وأخلاقية ، لأن الصمت عن الجريمة الكبرى يجعل كل إدانة أخرى عبثًا سياسيًا معزولًا عن الواقع.

وسيظل السؤال الثقيل يلاحقهم ، ماذا عن دقلو ، ماذا عن الدعم السريع ، هل هو تمساح وديع ، أم خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه ، أم فجأة صار حاملًا لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ، سؤال لن يستطيعوا الإجابة عنه ، لأن من يصمت عن القتل شريك فيه ، مهما ارتدى من أقنعة مدنية ، ومهما وقّع من وثائق لا ترى في سفك الدماء جريمة ، فهم شركاء في كل ما جرى للشعب على أيدي المليشيا ، والشريك لا يتحرك إلا في فلك شريكه وبإشارة كفيله … لا عودة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.