الملء الرابع لسد النهضة وتعزيز المصالح التنموية للسودان ومصر وإثيوبيا
– وجه الحقيقة..،
الملء الرابع لسد النهضة وتعزيز المصالح التنموية للسودان ومصر وإثيوبيا.
-إبراهيم شقلاوي
تظل قضية المياه ونزاعاتها من القضايا المهمة التي ينبغي أن تخضع لمبدأ التعاون الإقليمي او تعاون دول الجوار لتحقيق الانتفاع والاستغلال العادل لمياه النيل .. وذلك لن يتحقق إلا باتباع طرق الحوار الذي من شأنه أن يفضي إلى حفظ العلاقات التاريخية بين السودان ومصر وإثيوبيا لتحقيق مصالحهما التنموية والاستفادة من إمكانيات النهر الهائلة في الاستثمار المشترك.. بالرغم من ذلك لم تفلح جولات التفاوض الأخيرة التي عقدت بالقاهرة في أغسطس الماضي بين السودان ومصر وإثيوبيا حول سد النهضة من الوصول الي تفاهمات بشأن القضايا العالقة فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة حسب إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاثة.. حيث تم التوافق في هذه الجولة علي أهمية ان تتواصل جولات التفاوض بالتناوب في الدول الثلاثة.. حيث أعلن ان الجولة القادمة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.. بالرغم من ذلك ظلت إثيوبيا ملتزمة ببرنامجها المعلن المتعلق بالملء الرابع الذي جأ في الاخبار اكتماله بالأمس في أديس أبابا حسب ما صرح بذلك رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد عن اكتمال عملية الملء الرابع والأخير لسد النهضة بنجاح.. وقال رئيس الوزراء في تدوينه له على موقع «إكس»: حسب فانا «لقد ساعدنا الإله بفضل وحدتنا وتعاوننا المشترك»، مهنئاً جميع الذين شاركوا في المشروع بأموالهم وعلمهم وطاقتهم ودعواتهم.. وحث ابي جميع الإثيوبيين على تكرار هذه الوحدة في مختلف القضايا الوطنية الأخرى.. وأشار أبي أن أنه تم بذل الجهود لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والضغوطات الخارجية، وقال «لقد تغلبنا على كل هذه الأمور وأصبحنا قادرين على الوصول إلى هذه المرحلة»، كما حث رئيس الوزراء، الإثيوبيين على مواصلة دعمهم حتى اكتمال السد.. في ذلك إشارة واضحة ان إثيوبيا ماضية في برنامجها المتعلق بسد النهضة باعتباره مشروع قومي استراتيجي للدولة ولن يستجاب في اكماله الي اي ضغوط.
مهم الإشارة هنا الي ان المرحلة الأولى لملء سد النهضة بدأت في يوليو من العام 2020 وخزّنت إثيوبيا خلالها نحو 5 مليارات متر مكعب من المياه.. والعام التالي استهدفت أديس أبابا من المرحلة الثانية للملء تخزين نحو 13.5 مليار متر مكعب من المياه.. وفي أغسطس من العام الماضي.. أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها أكملت التعبئة الثالثة لسد النهضة.. بحجم 22 مليار متر مكعب من المياه.. والان اكتملت التعبئة الرابعة.. التي استهدفت الوصول بحجم المياه التي سيَجري تخزينها في السد إلى 40 مليار متر مكعب.. ومن المتوقع استمرار عمليات تعبئة السد حتى عام 2027، لملء خزان سد النهضة بسعته البالغة 74 مليار متر مكعب من المياه.. من الواضح ان هذا الكميات الكبيرة المخزنة من المياه في هذه الفترة أدت إلى انخفاض كبير في إيراد المياه الواصل إلى السودان ومصر بنسبة تزيد على 60% مما يهدد بجفاف او ربما توقف وخروج بعض السدود في السودان عن العمل.. اذا لم تجري والتحوطات اللازمة.
حسب خبراء أكدوا تأثر السودان نسبيا بهذه المرحلة من التخزين اذا شهدت الفترة في مطلع سبتمبر الحالي 30 مليون متر مكعب في محطة الديم حيث تم قفل الأبواب السفليه في سد النهضة لأجل تسريع عمليات التخزين .. بينما الإيرادات الداخلة علي سد النهضة كانت في حدود 530 متر مكعب بالرغم من ضعف تبادل المعلومات مع دولة إثيوبيا في هذا الجانب.. لذلك قلت كمية المياه الواردة الي السودان حيث كانت اقل من الاحتياج بالرغم من جهود وزارة الري السودانية بعمل الاحتياطات اللازمة للزراعة.. حيث تم المحافظة علي مليار وخمسمائة متر مكعب في خزان الرصيرص لأجل الاحتياجات الزراعية والتوليد الكهرباء.. بالرغم من ذلك حدث تأثير في شمال عطبرة بسبب توقف جريان نهر عطبرة لوجود تخزين في سد تكزي الإثيوبي وسد سيتيت السوداني .. مما ادي الانخفاض المناسيب خصوصا المتعلقة بمياه الشرب.. بالرغم من ذلك التوقعات بزيادة تدفق المياه بعد اكتمال التخزين في سد سيتيت خلال الأسابيع القادمة .. وذلك سوف يساعد كثير من الأراضي التي تستفيد من المناسيب المنخفضة للنيل .. لذلك من المهم الإنتباه لهذا المتغير من عبر تدخل عاجل من الحكومة بتوفير الطلمبات حتي يتمكنوا المزارعين في هذه المناطق من الزراعة المستمرة بعد استقرار المناسيب طول العام في عدد من المواسم وربما يمكنهم ذلك من التوسع في الزراعات البستانية.. الي جانب محاصيل اخري كانت تتاثر بالفيضات في الفترات السابقة.
كذلك من المهم الإشارة الي الأشقاء المصريين ومدي تاثرهم بهذا الملء حيث أكد الخبراء ان مصر اجرت تحوطات جيدة خلال الخمس سنوات الماضية من واقع ارتفاع إيرادات النيل الأزرق والأبيض التي كانت عالية وتجاوز المعدلات الطبيعية لذلك تمكن السد العالي من تخزين كميات مقدرة من المياه استطاع توظيف الفائض منها في سيناء وتوشكا علما بأن السد العالي تخزينه 162 مليار .. لذلك تخزين 20 مليار لايوثر في تخزين السد العالي.. عليه يمكننا القول ان مصر لم تتاثر بالتخزين في النهضة هذا العام.. بفضل الجهود التي بذلتها في هذا الجانب..
من البشريات كما يري الخبراء ان موقف مصر مستقبلا سوف يكون جيد بعد اكتمال تخزين سد النهضة.. وسوف يكون ضمان للجفاف والجفاف الممتد علما بأنه متوقع ان يكون تصريف سد النهضة ثابت في حدود 45 مليار متر مكعب.. وسوف يكون ذلك جيد للسودان ومصر وهذا مدعاه لفتح باب التشاور لزيادة الانصبة المائية باعتبار أصبح هناك إيرادات مستقرة ومستمرة.. لذلك يمكن أن يكون الملء الرابع لسد النهضة معززا للمصالح التنموية لدولتي المصبِ السودان ومصر حيث يستطيع البلدان توظيف إيرادات المياه المتوقعة لصالح المشروعات المشتركة.. فكما نعلم ان توفير المياه للزراعة وتحقيق التنمية المستدامة من القضايا المهمة حيث ظلت اللجان المشتركة بين الدول الثلاث تعمل على رأسها بجانب تقييم آثار السد على دول المصب السودان ومصر وإمكانية تلافي الآثار السالبة منها قبل تشغيل السد.. كل هذه الأهداف وتلك مقرونة بطبيعة العلاقات السياسية بين دول المنبع والمصب.. التي نرجو ان تظل متطورة حتي تستفيد شعوب المنطقة من الآثار الايجابية في جانب الاقتصاد والزراعة وتوليد الكهرباء.. من خلال المجهودات المشتركة.
بالله التوفيق…،
دمتم بخير.
[email protected]