*محمد جلال أحمد هاشم يكتب: *لا للحرب ولا للجنجويد!*
أيها المُنتابُ من عُفُرِهْ ** لستَ من ليلي ولا سمرِهْ
***
خاب من أسرى إلى بلدٍ ** غيرِ معلومٍ مدى سفرِهْ
***
لا أذودُ الطّيرَ عن شجرٍ ** قد بلوتُ المُرَّ من ثمَرِهْ
***
بخصوص الاجتماع المزمع عقده في أديس أبابا بحسب الخطاب المرفق أدناه الممهور باسم صديقنا د. عمر النجيب، والداعي لتكوين لجنة تنسيقية للاجتماع أعلاه الرامي لتوحيد صوت القوى المدنية والسياسية لإنهاء الحرب الجارية الآن، ومع كامل احترامنا وتثميننا لما يقوم به هذا النفر من الأصدقاء الحميمين، لدينا سؤال محوري (تتبعه أسئلة متفرعة) أرجو وأتمنى أن نجد عندهم جوابا له، الآن، وإن لم يكن في مقدورهم الإجابة عليه الآن، فلا أقل من أن يتكرموا بأن يجيبوا عليه بمجرد انتهاء اجتماعهم التشاوري هذا.
***
*السؤال الأساسي:*
ما هي آلياتهم العملية، بوصفهم مدنيين سودانيين، لإيقاف هذه الحرب بخلاف الاعتماد على جهود المجتمع الدولي والإقليمي؟
***
*السؤال المتفرع (أ):*
ما هي احتمالات أن يتمخض مشروعهم هذا عن خلق اصطفاف سياسي يستند عليه المجتمع الدولي ويستخدمه للضغط على السودان للقبول، أولا، بهدنة طويييييلة تستعيد فيها مليشيات الجنجويد قوتها بزيادة أعدادها وزيادة تسليحها لمعاودة الحرب مرة أخرى بما يجعلها في وضع أفضل واقرب إلى كسبها؛ أو، ثانيا، بالضغط على السودان حتى يقبل بالعودة لوضعية ما قبل الحرب من حيث استعادة مليشيات الجنجويد وأسرة آل دقلو لأوضاعهم السابقة عسكريا وسياسيا واقتصاديا؟
***
*السؤال المتفرع (ب):*
لقد ثبت شعبيا ورسميا، على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، أن مليشيات الجنجويد قد ارتكبت في حق الشعب السوداني، تحديدا في دارفور والخرطوم العاصمة، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من قتل جماعي، ممنهج، وعلى أساس عنصري وجهوي، وتهجير قسري، ثم حرق ونهب وتخريب ممنهج، واستباحة للحرمات واغتصابات ممنهجة، وتمثيل بالجثث، وتدمير ممنهج للمؤسسات الخاصة والعامة، ذلك بحيث تختفي كل معالم نظامية الدولة order of state – ولا زالت تمارس كل ما سبق ذكره إلى هذه اللحظة؛ كل هذا قد ثبت بما لا يمكن الحديث عن أي محاولات لإيقاف الحرب دون المرور أولا عبر بوابة تسجيل الإدانات المغلّظة والمستحقة لما ارتكبته مليشيات الجنجويد في هذا الصدد. فهل سيعبر الاجتماع المزمع عقده عبر هذه البوابة، هاتفا بشعار *لا للحرب ولا للجنجويد* لمقاربة مشروع إيقاف الحرب، أم أنه سوف يعبرها متجاوزا لها وملتفا حولها، مكتفيا بالشعار الناقص *لا للحرب* بما يمكن فهمه من قبل قطاعات كثيرة على أنه اصطفاف جنجويدي بامتياز؟
***
*السؤال المتفرع (ج):*
كشفت وسائط التواصل الاجتماعي عن العديد من الفيديوهات التي يقوم فيها قادة مليشيات الجنجويد بتجنيد الناس للمليشيا عبر مخاطبتهم عاطفيا باستثارة انتماءاتهم الإثنية فيما يعرّفونه باسم مشروع “دولة العطاوة الكبرى” التي تشمل مجموعات إثنية منقسمة حدوديا بين أكثر من خمس دول في حزام شريط السودان الكبير، وهو خطاب عنصري وفاشيستي ونازي بامتياز وقد ينتهي فعلا إلى خلق اصطفاف مليشيوي كبير على مستوى المتماهين معه بمثلما قد ينتهي إلى خلق اصطفاف رسمي وشعبي مقابل له في جميع الدول التي تتوزع فيها هذه الإثنيات التي يستثيرها هذا الخطاب النازي العنصري، هذا بما يضع المجموعات المنتمية لهذه الإثنيات في مواجهة رسمية وشعبية (كل واحدة في الدولة التي تليها) لتنتهي إلى أن تصبح ضحايا لنفس الخطاب النازي العنصري الذي بثته داخلها (ولا تزال تبثه) نخبُها المليشيوية الجنجويدية المجرمة المجردة من أي انتماءات وطنية. وفي هذا تهديد لمشروعية وجود هذه الإثنيات نفسها (كل واحدة داخل بلدها) وبما يجعلها جميعا تتورط في مشاريع أيديولوجية فاشيستية ونازية مصيرها الفشل المحتوم، تقودها نخبُها “مقطوعة الطاري” الطامعة للسلطة ولو عبر استهداف وتهديد وجود أهلهم أنفسهم والتضحية المجانية بهم.
فهل سيولي الاجتماع المزمع عقده الاهتمام الواجب لهذا الأمر الذي ثبت أنه يمثل عمدة خطاب التجنيد للمقاتلين وسط مليشيات الجنجويد، أم أن الاجتماع سوف يتبنى خطاب بعض قيادات قحت الذي عمل على تطمين الشعب بأن انهزام الجيش السوداني في وجه هذه المليشيات المجرمة يمكن أن يحمل للسودان خيرا كبيرا، ذلك بأن يكون شبيها لسيناريو إثيوبيا وانهزام جيش منقستو أمام قوات الجبهة الشعبية الثورية الديموقراطية بقيادة ملس زيناوي أمليص (التي كانت فعلا – وعلى عكس مليشيات الجنجويد – حركة كفاح مسلح ببرنامج ثوري وتاريخ نضالي ضد المظالم التاريخية، بجانب أنها لم تغتصب ولم تنهب ولم تحرق المؤسسات الخاصة والعامة ولم تخرب عاصمة بلادها ولم تفرغها من سكانها … إلخ، بما لا يسمح إطلاقاً بعقد المقارنة أعلاه)؟
***
وبعد؛
هذه بعض أسئلة وتساؤلات تدور في الأذهان تجاه ما يمكن أن يتمخض عن الاجتماع الذي تزمعون إقامته خلال هذا الشهر بموجب الخطاب المرفق أدناه، وتبعاً لذلك ما يمكن أن يتمخض عنه المشروع الذي سوف يعمل الاجتماع على تحقيقه، ويدوم الود والتقدير الذي تعرفونه؛؛؛
*MJH*
جوبا – 10 سبتمبر 2023م