على أحمد دقاش يكتب : *تأملات قرآنية : الغلول*
{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
✒️✒️✒️
لن اتطرق لمعني الغلول في اللغة وله معاني كثيرة يمكن التماسها في معاجم اللغة العربية .
في التفسير نورد راي الشيخ الشعراوي حيث قال:
الغلول هو الأخذ في الخفاء. وهو مأمخوذ من (أغل الجازر)- أي الجزار- أي عندما يسلخ الجلد يأخذ بعض اللحم مع الجلد، ثم يطوي الجلد مخفيا ما أخذه من اللحم، هذا هو الأصل، وأطلق شرعا على الخيانة في الغنائم، ففي هول المعارك قد يجد المقاتل شيئا ثمينا فيأخذ هذا الشيء خفية، وهذا اسمه (الغلول)، وأيضا كلمة (الغِّل في الصدور) أي إخفاء الكراهية، وكل المادة إخفاء.هذا ما اورده الشعراوي فيتفسير الاية.
وعن سبب نزول الاية جاء في تفسير البغوي “معالم التنزيل”
رَوَى عِكْرِمَةُ وَمِقْسَمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فُقِدَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي غَنَائِمِ أُحُدٍ حِينَ تَرَكَ الرُّمَاةُ الْمَرْكَزَ لِلْغَنِيمَةِ، وَقَالُوا: نَخْشَى أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَأَنْ لَا يَقْسِمَ الْغَنَائِمَ كَمَا لَمْ يَقْسِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَتَرَكُوا الْمَرْكَزَ وَوَقَعُوا فِي الْغَنَائِمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ أَنْ لَا تَتْرُكُوا الْمَرْكَزَ حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمْرِي»؟ قَالُوا: تَرَكْنَا بَقِيَّةَ إِخْوَانِنَا وُقُوفًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنَّا نغلّ ولا نقسم»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
نهي رسول الله عن الغلول وحذر منه ففي الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ردوا الخياط والمخيط؛ فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة.
في السيرة روي بن هشام ان رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد تقسيم غنائم حنين ركب واتبعه الناس يقولون : يا رسول الله ، اقسم علينا فيئنا . حتى اضطروه إلى شجرة فانتزعت رداءه ، فقال : ” يا أيها الناس ، ردوا علي ردائي ، فوالذي نفسي في يده لو كان لكم عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ، ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا ” . ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب بعير فأخذ من سنامه وبرة فجعلها بين أصبعيه ثم رفعها وقال : ” أيها الناس ، والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخياط والمخيط فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة ” . فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال : يا رسول الله ، أخذت هذه لأخيط بها برذعة بعير لي دبر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أما حقي منها فلك ” . فقال الرجل : أما إذا بلغ الأمر فيها إلى هذا فلا حاجة لي بها . فرمى بها من يده .
في حرب الخرطوم الدائرة الان استحلت اموال الناس وتمت سرقتها علي اساس انها غنائم وهذا الفعل من اكبر المحرمات ولا ينبغي لمسلم ان ينغمس فيه ومهما انكر الدعم السريع ذلك فان الوقائع تشهد ان اموال الناس قد نهبت وحرماتهم قد انتهكت وهو حرام قطعا مهما كانت المبررات خاصة والمنهوبين مواطنين و ليسوا محاربيين واموالهم ليست غنائم .