إبراهيم مليك يكتب : *التعقيدات الأمنية والسياسية التى تواجه مليشيا الدعم السريع بدارفور*
يعيش إقليم دارفور فراغاً أمنياً وسياسياً وإدارياً فى ظل سيطرة مليشيا الدعم السريع على معظم الولايات…
وتم تنصيب القادة العسكريين من المليشيا على رئاسة الفرق العسكرية التى سقطت وصاروا أشبه بالحكام العسكريين بالولايات التي تحت سيطرتهم …
لو ألقينا نظرة فاحصة على الأوضاع بولاية غرب دارفور التي شهدت نزوحاً وتهجيراً لعدد كبير من السكان وأصبحت حاضرة الولاية الجنينة شبه خالية من السكان الذين تعرضوا لأبشع الجرائم فى القرن الحديث نرى محاولات قائد الفرقة السفاح عبدالرحمن جمعة بارك الله ونائب الوالي كرشوم السابق وإعلامهم المضلل يحاولون تغبيش الحقائق وطمسها وإظهارهم للرأي العام أن الولاية بدأت تتعافى وأن النسيج الإجتماعي عاد أفضل مما كان !!
بل بغلت بهم الجرأة أن يسيّروا مسيرات يطالبون فيها ببقاء كرشوم الذي أشرف على إبادة وقتل أهل الجنينة وتشريدهم أن يصبح والياً عليها دون حياء أو تأنيب ضمير !!!
أما فى جنوب دارفور والتى شهدت دماراً كبيراً للأسواق والمنشئات العامة ونزوح عدد كبير من السكان وصارت نيالا مثل مدينة الأشباح …
يحاول المتمرد عبدالرحيم دقلو إعادة الأمور فيها عبر رشوة أفراد من الشرطة والخدمة المدنية بالعودة لمزاولة عملهم ….
قيادة الدعم السريع يريدون طمس جرائمهم وهم مسؤولون عن تدمير المدينة ونهبها وارتكاب جرائم منفرة جعلت المواطن لا يثق فيهم ولا يطمئن لهم ليعود لمنزله …
أما محليات جنوب فهي تعيش فراغاً إدارياً وفوضى أمنية وغياب لمؤسسات الدولة وعادت ظواهر نهب الماشية من المتفلتين الذين ينتمي معظمهم لمليشيا الدعم السريع ويعصب حسمهم لأنهم فوق القانون…
قد تفتح ظاهرة نهب الماشية باب لصراعات قبلية أكثر ضراوة كالتي حدثت فى الأيام الماضية بسبب الهشاشة الأمنية وغياب دور الإدارة الأهلية التى تواطئ قادتها مع المليشيا وأصبحوا أزمة وثقل على مجتمعهم رغم محاولات العقلاء لإحتواء الأحداث وترقيعها بتحنيس المتفلتين!!
أما ولاية وسط دارفور وحاضرتها زالنجي فهي يتيمة تقع إمرة المليشي علي يعقوب والذي يدير شأنها بطريقة العصابات…
مع غياب تام لمظاهر الدولة ورعبٌ يلازم المواطنين وشراء ذمم القيادات الأهلية وكسب ولاءهم مقابل المال !!
ولاية شرق دارفور انتشر فيها العبث من حمل السلاح بطريقة عشوائية وتجارة المخدرات حتى وصل الأمر أن تعلن الإدارة الأهلية عبر مكبرات الصوت بمنع ممارسة هذه المخالفات علانية بأمر محلي ولن تستطيع ذلك لأن المتفلتين وتجار المخدرات يمثلون الدولة !!!
الولاية الوحيدة من دارفور التى لم تسقط كلياً فى يد المليشيا هي ولاية شمال دارفور التى تنتشر فيها قوات كبيرة من الحركات الدارفورية والجيش وقد طلب واليها المتذبذب نمر محمد عبدالرحمن من المواطنين إخلاؤها قبل أيام وحدث نزوح كبير من المواطنين خوفاً من هجوم الدعم السريع …
وهناك أنباء عن تهجير قسري لبعض المكونات السكانية بالفاشر مما يشير إلى تردي الوضع الأمني داخل المدينة !!
هذا الواقع الفوضوي يطرح سؤالاً مهماً …
إلى أين تمضي دارفور فى ظل انعدام الرؤية والحلول السياسية بالبلاد ؟!!
من خلال المشاهد والوقائع فإن قادة مليشيا الدعم السريع يحاولون فرض سياسة الأمر الواقع فى مناطق سيطرتهم والاستعانة بكوادر من الخدمة المدنية بدارفور لتسيير دولاب الدولة وهذا سيواجه تحديات كبيرة أهمها أن بعض المؤسسات مثل البنوك والجهاز القضائي والشرطة وغيرها من المؤسسات ذات ارتباط مركزي يعصب عودتها ومزاولة مهامها فى الوقت الحالى فى ظل سيطرة مليشيا الدعم السريع على الوضع الأمني بدارفور …
من المظاهر السالبة بدارفور لجوء الدعم السريع لإنشاء محاكم تفتيش والمحاكمات العبثية خارج الأسس القانونية كالتي تجرى في عدد من مناطق العاصمة وممارسة الجباية والغرامات الباهظة على المواطنين…
كثير من أهل دارفور مضطرين لمسايرة هذا الوضع لأنهم مكرهين ولا حيلة لهم …
هناك تعاون من قبل كوادر الحرية والتغيير مع مليشيا الدعم السريع وهو ما يؤكد أن القحاتة هم الحاضنة السياسية لهذه المليشيا …
بل بعض كوادر المؤتمر الوطني أصبحوا جزءً من المعادلة فى ولايات دارفور وهذا يكذب إدعاءات قادة الدعم السريع بمحاربة الفلول…
يتحمل أهل دارفور نتيجة وقوفهم مع هذه المليشيا فى تدهور الأوضاع فى الإقليم وستكون النتيجة هي الفوضى فى ظل انعدام الرؤية سياسة بالبلاد والاعتماد على الحلول المستجلبة من الخارج وارتماء الأحزاب السياسية فى حضن مليشيا الدعم السريع …
لقد أثبت تمرد الدعم السريع أن كثير من السودانيين يحبُون الفوضى وأن مصالحهم الشخصية مقدمة على بناء دولة المؤسسات والقانون وهذا ما أقعد الدولة السودانية .