محمد الماحي الانصاري يكتب : *حمدوك و الحُليس بن علقمة*
محمد الماحي الانصاري يكتب :
*حمدوك و الحُليس بن علقمة*
طرح الحُليس بن علقمة نفسه وسيطاً بين قادة قريش والرسول صلى الله عليه وسلم اثناء تعثر التفاوض في الحديبية بسبب الوسطاء المأجورين من قريش امثال ابن ورقاء ومسعود بن عروة الثقفي ومكرز بن حفظ، المشابهين “للايقاد ورباعيتها” اليوم، ولم تكن وساطة الحُليس مثل وساطة عبدالله حمدوك بين الجنجويد والجيش،لانه استطاع قراءة المزاج العام في ام القرى لصالح الرسول صلى الله علية وسلم، وان قادة قريش حدود تاييدهم منحصرة في الطبقة المترفة بدار الندوة.
والحُليس بن علقمة كان زعيماً لما يسمى بالاحابيش وهم عامة الناس الضعفاء والموالي والفقراء والعبيد، واستطاع بدخوله في الصراع ان يغير موازين الجدل داخل مكة،والذي أهله لذلك ان وساطته لا ترتبط باي مصالح اقليمية ويقيم بين عامة الناس،لا تستضيفه اي جهة تفرض عليه اجندتها.
ذهب الحُليس لقادة قريش في دار الندوة للتفاوض معهم حتى يسمحوا للمصطفى واصحابه بالطواف في البيت ولم يوقع معهم “اعلان او اتفاق” هدفه الضغط علي المسلمين مثل اتفاق “حمدوك حميدتي” في اديس ابابا، لانه استطاع معرفة الراي العام في الشارع رافض للطبقة المترفة في دار الندوة من خلال حادثة ضرب واهانة قادة قريش لرسول رسول الله “ص” فراش بن امية الخزاعي الذي ارسله لهم على إبل للرسول “ص” للرمزية انه وفد رسمي، فتدخل الاحابيش بمظاهرة ضحمة لحماية الخزاعي من قادة قريش واستطاعوا تحريره، وهذا ما لم يستطيع عبدالله حمدوك إدراكه بتعامله مع قائد المليشيا المجرمة كمطرف سياسي يريد تسويقه تنفيذاً لاجندة المضيف.
مارس الحُليس كل انواع الضغط على قادة قريش بدار الندوة حتى يتفقوا مع الرسول “ص” ولم يجعل من وساطته منبراً للاساءة على المسلمين،كما كان الحال في اديس ابابا مع التصفيق،وعندما وصل الى طريق مسدود مع قريش قال الحُليس ” والله ان لم تسمحوا لمحمد بدخوله لبيت الله لاصيحن في الاحابيش صيحاً فنقتتل نحن واياكم” واستطاع ان يجبر قريش على الاتفاق مع الرسول “ص” لانها ان لم تفعل سيحدث اقسام في مكة يهدد وجود الطبقة المترفة ،وقامت بارسال سهيل بن عمرو قائد دبلوماسية قريش لاتمام الاتفاق في الحديبية الذي أرد منه الرسول صلى عليه وسلم، هدنة طويلة تفتح باب لشرعية الكيان الاسلامي وتطلق المسلمين في كل ارجاء الجزيرة العربية وليس الطواف في بيت الله فقط، وكان صلى الله عليه وسلم يريد من اتفاق الحديبية الاعتراف بهم كلاعب سياسي استراتيجي يتمكن من نشر الاسلام من دون حدود ودون عداء، وقادة قريش يدركون ذلك ويحولوا دونه بتكتيكات متعددة منها عقد التحالفات الاقليمية مع بني بكر وارسال الوسطاء المأجورين لكنها تحطمت بوساطة الحُليس الصادقة الذي لا يجتمع مع المسلمين في الدين والعقيدة