منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

الصادق ساتي يكتب: * تصنيف*

0

الحياة الدنيا قاعة إمتحان، الداخل فيها خارج حتما، والخارج منها لن يدخلها مرة ثانية.
رُسل الله عليهم السلام أحد أهم مهامهم هي تبشير من بقاعة الإمتحان بالنتائج الطيبة يوم القيامة لمن أحسن، وإنذار من في القاعة بالنتائج السيئة يوم القيامة لمن أساء.
﴿رُّسُلࣰا مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا﴾ [النساء ١٦٥]
عند تجهيز جيش العسرة أمر النبي صلى الله عليه وآله أجمعين أمر الجميع ومن داخل مسجده، أمرهم بإعداد أنفسهم لغزو بعيد المسافة، طويل الزمن، عنيف العدو .
قليل جدا من أصحابه عليهم السلام من كان له رباط خيل وزاد لهذا الغزو البعيد، ولذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين أمر أصحابه بالإنفاق. فكان من أنفق كل ماله، ومن أنفق نصف ماله، ومن أنفق إستطاعته وجهده، ومن أنفق مُدا من شعير كان هو قوت يومه . ومنهم من سالت دموعه حزنا على أنه لم يجد ما ينفقه .
▪️وكان من بين الذين سمعوا نداء النبي عليه السلام بمسجده أُناس يجلسون في جانب المسجد يلمزون من تصدق بالكثير ويقولون هذا (مرائي) ، ويلمزون من أنفق القليل بتندر ويقولون (ما يفعل الناس بنفقة هذا) .
﴿ٱلَّذِینَ یَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِینَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ وَٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَیَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ﴾ [التوبة ٧٩]
يكتمل المشهد والصورة داخل المسجد حين وجد النبي عليه السلام أن ما تم إنفاقه لا يكفي لتجهيز جيش العسرة فطالب الناس بمزيد من الإنفاق
فكان الموقف المشهور المشهود لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه.
كلما طلب النبي صلى الله عليه وآله أجمعين من الناس أن يجهزوا جيش العسرة يقوم سيدنا عثمان رضي الله عنه ويحدد نفقته، ويتكرر الأمر وتتكرر الإستجابة من سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه .
▪️وهنا موقف لابد أن يقف عنده المسلم ويسأل:
▪️لماذا لم يحدد النبي صلى الله عليه وآله أجمعين الأثرياء فقط من أصحابه ليخاطبهم بالإنفاق؟
▪️ولماذا حين تأكد للنبي صلى الله عليه وسلم أن من يستجيب للإنفاق هو سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه فقط، لماذا لم يأخذه جانبا ويتفق معه على حجم المطلوب من المال لتجهيز جيش العسرة؟
ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله أجمعين يخاطب كل أمته إلى يوم القيامة……
ذلك لأن سؤال الإمتحان موجه لكل من في قاعة الإمتحان، وأن كل فرد فيها عليه أن يختار بنفسه كيف تكون إجابته على السؤال المطروح .
وعلى المسلم أن يختار التصنيف الذي يريده يوم القيامة من جملة تصانيف واضحة جلية أبانها الله تعالى وشرح حالها.
﴿ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ أَعۡظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَاۤىِٕزُونَ﴾ [التوبة ٢٠]
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَا لَكُمۡ إِذَا قِیلَ لَكُمُ ٱنفِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِیتُم بِٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا مِنَ ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ فَمَا مَتَـٰعُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِلَّا قَلِیلٌ﴾ [التوبة ٣٨]
﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ وَإِخۡوَ ٰ⁠نُكُمۡ وَأَزۡوَ ٰ⁠جُكُمۡ وَعَشِیرَتُكُمۡ وَأَمۡوَ ٰ⁠لٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةࣱ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَاۤ أَحَبَّ إِلَیۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادࣲ فِی سَبِیلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ﴾ [التوبة ٢٤]
﴿لَوۡ كَانَ عَرَضࣰا قَرِیبࣰا وَسَفَرࣰا قَاصِدࣰا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَـٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ ﴿فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَـٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤا۟ أَن یُجَـٰهِدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَقَالُوا۟ لَا تَنفِرُوا۟ فِی ٱلۡحَرِّۗ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرࣰّاۚ لَّوۡ كَانُوا۟ یَفۡقَهُونَ﴾ [التوبة ٨١]
(وَسَیَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ یُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ﴾ [التوبة ٤٢]
﴿وَإِذَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةٌ أَنۡ ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَجَـٰهِدُوا۟ مَعَ رَسُولِهِ ٱسۡتَـٔۡذَنَكَ أُو۟لُوا۟ ٱلطَّوۡلِ مِنۡهُمۡ وَقَالُوا۟ ذَرۡنَا نَكُن مَّعَ ٱلۡقَـٰعِدِینَ﴾ [التوبة ٨٦]
﴿رَضُوا۟ بِأَن یَكُونُوا۟ مَعَ ٱلۡخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَفۡقَهُونَ﴾ [التوبة ٨٧]
﴿لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ جَـٰهَدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تُۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [التوبة ٨٨]
﴿لَّیۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَاۤءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ مَا یُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا۟ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِینَ مِن سَبِیلࣲۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [التوبة ٩١]

كل آية من تلك الآيات توصف إختيارات وتصنيف من البشر دخلوا قاعة الإمتحان (الحياة الدنيا) وسيخرجوا منها حين تكتمل إجاباتهم على الأسئلة المطروحة وتكون عليهم النتائج بحسب ما عملوا فترة الإمتحان.
علينا جميعا أن نراجع إختياراتنا وطريقة حلّنا للأسئلة المطروحة وذلك من قبل أن ينقطع الرجاء ويتم إخراجنا من قاعة الإمتحان لنذهب حيث التصنيف الذي إخترناه لأنفسنا.
﴿حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ﴾ [المؤمنون ٩٩]
﴿لَعَلِّیۤ أَعۡمَلُ صَـٰلِحࣰا فِیمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّاۤۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَاۤىِٕلُهَاۖ وَمِن وَرَاۤىِٕهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ﴾ [المؤمنون ١٠٠]
اليوم التصحيح متاح لنا بالإستغفار والتوبة وتجديد النية والعزيمة. وبعد الموت نفقد كل تلك الأدوات ويصبح الأمر حسابا ولا حول ولا قوة الا بالله
﴿وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَعۡمَـٰلُهُمۡ كَسَرَابِۭ بِقِیعَةࣲ یَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡـَٔانُ مَاۤءً حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَهُۥ لَمۡ یَجِدۡهُ شَیۡـࣰٔا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ﴾ [النور ٣٩]
▪️عند الموت وعندما يصير البصر حديدا تتكشف للإنسان حجم الأمانة التي خافت السموات والأرض والجبال أن يحملنها، وحملها الإنسان ظلما وجهلا .
﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَیۡنَ أَن یَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا﴾ [الأحزاب ٧٢]
تتكشف للإنسان بنود ميثاقه أمام الله وهو في عالم الذرّ
﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِیۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ شَهِدۡنَاۤۚ أَن تَقُولُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِینَ﴾ [الأعراف ١٧٢]
▪️وكأني أرى أنه تتكشف للإنسان أنه هو من إختار حزمة الإمتحانات التي سيجلس لها ليصل بها رضاء الله كما يختار في الدنيا المواد العلمية والأدبية التي تؤهله للكلية التي يرغب أن يكون فيها
▪️وكأني والإنسان وهو في عالم الذر يختار حزمة متكاملة Complete Package
من الإمتحانات، من بين خيارات عظيمة، ثم ينتظر الإنسان في عالم الذر إلى أن يحين وقت دخوله لقاعة الإمتحان، فيدخل ويجد ما أختاره من حزمة مواد إمتحانه (النوع : ذكر أم أنثى)
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَ ٰ⁠حِدَةࣲ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاۤءࣰۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِی تَسَاۤءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَیۡكُمۡ رَقِیبࣰا﴾ [النساء ١]
▪️أصل النفس الإنسانية نفس واحدة.
ثم خلق الله من النفس الواحدة زوجها
﴿وَنَفۡسࣲ وَمَا سَوَّىٰهَا﴾ [الشمس ٧]
﴿فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا﴾ [الشمس ٨]
▪️ومن أنواع فجور النفس الإنسانية: الظلم والحسد والعقوق ورغبة النفس في الخمر والزنا والسرقة والكذب والبهتان والفحشاء والغيبة والنفاق………
▪️ومن تقواها : العدل والإحسان وإتاء ذي القربى والمروءة والكرم وبر الوالدين والرحمة والإنفاق ……
▪️ومن النفس وزوجها بث الله رجالا كثيرا ونساءا.
▪️ولو أدرك الإنسان في فترة وجوده في قاعة الإمتحان ما واثق به الله في عالم الذرّ ، وما سينكشف له عند مماته وبصرنا حينها حديد، لو أدركنا أننا من إخترنا حزمة المواد التي سنمتحن فيها في فترة حياتنا الدنيا (ذكر أم أنثى – العصر الذي نعيش فيه – شكلنا – أصحاء أم عمي أو بكم أم معاقين أم مرضى – لنا ذرية أم عاقرين – لوننا – شكلنا …….)
لو أننا أدركنا أن تلك الحزمة من إختيارنا نحن، ونحن من راهنا أن نحوذ رضا الله وندخل الجنة بتعاملنا الحسن مع تلكم الحزمة من مواد الإمتحان، إن أدركنا ذلك قبل مماتنا لم نكن لنبكي ونحزن لفقر ولا مرض ولا هيئة وشكل ولون وجنس ، ولما كنّا عنصرين نفاخر بمالنا وشكلنا وجنسنا وصحتنا وقوتنا ، فذلك كله كان متاح لغيرنا كما هو متاح لنا …..
▪️ولو أنا أدركنا أن نفوسنا هجين من فجور وتقوى لما صعب علينا أن نزكي فجورنا، ولما دسسنا تقوانا.
﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا﴾ [الشمس ٩]
﴿وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا﴾ [الشمس ١٠]
فكل إنسان يستوي مع غيره في أنه يملك نفس إنسانية واحدة تحمل الفجور وتحمل التقوى، وكل ما سوى هذه النفس الإنسانية ما هو إلا مظاهر من الحياة الدنيا لا قيمة لها عند الله (إن الله لا ينظر إلى أشكالكم وألوانكم……..) ولا قيمة لها حتى عند الإنسان عندما يصير بصره (حديد).
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ولا تجعلنا اللهم من الغافلين.
اللهم آمين يارب العالمين.
*يا معين*
…..

#منصة_اشواق_السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.