منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

محمد خلف الله يكتب : عفواً د.السرجاني … فقد أخطأت في التكييف أولاً، ثم في الحل ثانياً

0

محمد خلف الله يكتب :

عفواً د.السرجاني … فقد أخطأت في التكييف أولاً، ثم في الحل ثانيا

نسأل الله التوفيق والإعانة للدكتور راغب السرجاني صاحب الجهود الجبارة في سبر التاريخ الإسلامي وتحليله وتبسيطه للعامة.

لكن لكل جواد كبوة، والإكثار مظنة الخطأ؛ فقد أخطأ الشيخ د. راغب في توصيفه لواقع بلادنا أولاً، ثم أخطأ في حلوله ثانياً.

فمشى الشيخ على الدعاية القحاتية – الخليجية التي تصف الحرب بأنها صراع بين جنرالين، وأنها حرب قبلية، وبدأ يذكر بالمجاعة وضيق العيش الناجم عن الحرب.

وهذا هو الخطأ في التوصيف: فالكل في السودان يعلم أنها حرب ضد المواطن السوداني في نفسه وماله ومسكنه، والكل يعلم أن المعتدي هو مليشيا الدعم السريع الذي جلب المتردية والنطيحة من أقاصي أفريقيا ليتعاملوا مع هذه الحرب باعتبارها غنيمة وباب نهب وسرقة.

الكل يعلم ذلك في السودان، فالكل يهاجر من مناطق سيطرة هؤلاء المرتزقة إلى مناطق سيطرة الجيش الآمنة المستقرة، الكل يعلم أن المرتزقة احتلوا البيوت، وأنهم يمارسون استيطاناً شبيهاً بما حصل في النكبة 48.

الكل يعلم أنهم هم الذي تسببوا في المجاعة بسبب همجيتهم وسلبهم لولاية الجزيرة وولاية سنار – وهما المخزون الزراعي للبلاد – وتخريبهم للموسم الزراعي، وسرقتهم للمحاصيل والجرارات الزراعية، وفرضهم الضرائب الباهظة على المزارعين فوق كل ذلك!

الكل يعلم أنهم هم الذين يتمددون من ولاية لأخرى، ويعيثون فساداً في الأرض ضد كل من يجدون عنده المال، والكل يعلم أنهم هم هاتكو العرض والحرمات ومغتصبو الحرائر!

الكل يعلم أنهم أبادوا في يوم واحد 200 شهيداً في قرية ود النورة، وأصابوا مثلهم من العزل بما فيهم من الأطفال والنساء كما فعلوا مثلها الكثير من المجازر في ولاية الجزيرة التي لا علاقة لها مع الحرب الدائرة في الخرطوم أصلاً؛ فكيف يقال لنا بعد هذا أنها حرب بين جنرالين؟!

ثم أخطأ الدكتور بطبيعة الحال في العلاج والحلول، فأخبر أن الحل هو في تهدئة النفوس والإصلاح بين الفئتين استدلالاً بآية البغي:” وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ “، وهذا خطأ ناجم من التوصيف الخاطئ للحرب، فالدعم السريع ليسوا بغاة أصلاً، وإنما هم محاربون ومجموعة من اللصوص المرتزقة التي صارت هائمة على رأسها لا تعرف ما تفعل غير النهب والسرقة والقتل والضرب والتدوين العشوائي وحيازة عربات المواطنين والسكنى في بيوتهم، هم محاربون وليسوا بغاة وتنطبق فيهم الآية:”إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ”، وبهذا أفتى عدد من علماء هذه البلاد الذين هم أدرى بواقعها وسياستها.

ويكفي في تخطئة علاج وحلول الدكتور راغب أنه اقترح أن تتدخل السعودية ومصر والإمارات لحل الأزمة!
يكفي فقط هذا لنعلم أن الدكتور لعله ليس مطلعاً بواقع الحرب، وبعيد من تفاصيلها؛ فمن بدهيات هذه الحرب أنه قد علم الناس جميعاً داخل السودان وخارجهم، إقليمياً وعالمياً، شعباً وحكومة، أن الإمارات تحديداً طرف الحرب الآخر، وأن الدعم السريع ما هو إلا وكالة عنها في الحرب، فكيف يقترح الدكتور تدخل الطرف المشعل والمدير لهذه الحرب سلاحاً ومالاً وسياسةً وعلاجاً أن يكون حلاً لها؟! بل لو تابع فقط تصريحات الجيش المتمثلة في القائد العام البرهان ومساعده ياسر العطا وجلسة مجلس الأمن وبيانات وزارة الخارجية السودانية لعلم قطعاً أن الحرب أصالةً مع دويلة الشر هذه، فيك الخصام وأنت الخصم والحكم؟!

ولعل هذه مشكلة ينبغي التنبه لها؛ وهو أن بعض الإسلاميين بحسن نية منه يحاول أن يساهم في حل أزمات الأمة، ولكن بسبب تشتت الواقع السياسي وتعقيدات المواقف قد لا يطلع عليه بصورة جيدة من أهل البلد، ويكتفي بالقنوات الإخبارية وما شابه من الإعلام الموجّه الذي لا ينبغي أبداً الثقة فيه؛ فيجتهد ويتكلم فيحصل بسبب ذلك إشكالات كان يمكن أن يكون في غنى عنها.

إن الحل الوحيد لهذه الحرب هو أن يفرض الجيش السوداني قراره إما بالحسم العسكري، أو الحل السياسي المنتصر. هذا أو لا وجود لدولة اسمها السودان مستقبلاً.

أسأل الله أن يجزي الدكتور راغباً السرجاني خير الجزاء على حرصه على حال إخوانه المسلمين في جميع الأمة، ولعلها كبوة جواد مغتفرة في بحار خيره العظيم، ولعل من كان قريباً من الشيخ أن يوصل له هذا النصح والتصويب.

وفي هذا المقطع المختصر توصيف تفصيلي لواقع الحرب لمن يريد فهمها خصوصاً ممن هو خارج السودان:

– محمد خلف الله

نسأل الله التوفيق والإعانة للدكتور راغب السرجاني صاحب الجهود الجبارة في سبر التاريخ الإسلامي وتحليله وتبسيطه للعامة.

لكن لكل جواد كبوة، والإكثار مظنة الخطأ؛ فقد أخطأ الشيخ د. راغب في توصيفه لواقع بلادنا أولاً، ثم أخطأ في حلوله ثانياً.

فمشى الشيخ على الدعاية القحاتية – الخليجية التي تصف الحرب بأنها صراع بين جنرالين، وأنها حرب قبلية، وبدأ يذكر بالمجاعة وضيق العيش الناجم عن الحرب.

وهذا هو الخطأ في التوصيف: فالكل في السودان يعلم أنها حرب ضد المواطن السوداني في نفسه وماله ومسكنه، والكل يعلم أن المعتدي هو مليشيا الدعم السريع الذي جلب المتردية والنطيحة من أقاصي أفريقيا ليتعاملوا مع هذه الحرب باعتبارها غنيمة وباب نهب وسرقة.

الكل يعلم ذلك في السودان، فالكل يهاجر من مناطق سيطرة هؤلاء المرتزقة إلى مناطق سيطرة الجيش الآمنة المستقرة، الكل يعلم أن المرتزقة احتلوا البيوت، وأنهم يمارسون استيطاناً شبيهاً بما حصل في النكبة 48.

الكل يعلم أنهم هم الذي تسببوا في المجاعة بسبب همجيتهم وسلبهم لولاية الجزيرة وولاية سنار – وهما المخزون الزراعي للبلاد – وتخريبهم للموسم الزراعي، وسرقتهم للمحاصيل والجرارات الزراعية، وفرضهم الضرائب الباهظة على المزارعين فوق كل ذلك!

الكل يعلم أنهم هم الذين يتمددون من ولاية لأخرى، ويعيثون فساداً في الأرض ضد كل من يجدون عنده المال، والكل يعلم أنهم هم هاتكو العرض والحرمات ومغتصبو الحرائر!

الكل يعلم أنهم أبادوا في يوم واحد 200 شهيداً في قرية ود النورة، وأصابوا مثلهم من العزل بما فيهم من الأطفال والنساء كما فعلوا مثلها الكثير من المجازر في ولاية الجزيرة التي لا علاقة لها مع الحرب الدائرة في الخرطوم أصلاً؛ فكيف يقال لنا بعد هذا أنها حرب بين جنرالين؟!

ثم أخطأ الدكتور بطبيعة الحال في العلاج والحلول، فأخبر أن الحل هو في تهدئة النفوس والإصلاح بين الفئتين استدلالاً بآية البغي:” وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ “، وهذا خطأ ناجم من التوصيف الخاطئ للحرب، فالدعم السريع ليسوا بغاة أصلاً، وإنما هم محاربون ومجموعة من اللصوص المرتزقة التي صارت هائمة على رأسها لا تعرف ما تفعل غير النهب والسرقة والقتل والضرب والتدوين العشوائي وحيازة عربات المواطنين والسكنى في بيوتهم، هم محاربون وليسوا بغاة وتنطبق فيهم الآية:”إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ”، وبهذا أفتى عدد من علماء هذه البلاد الذين هم أدرى بواقعها وسياستها.

ويكفي في تخطئة علاج وحلول الدكتور راغب أنه اقترح أن تتدخل السعودية ومصر والإمارات لحل الأزمة!
يكفي فقط هذا لنعلم أن الدكتور لعله ليس مطلعاً بواقع الحرب، وبعيد من تفاصيلها؛ فمن بدهيات هذه الحرب أنه قد علم الناس جميعاً داخل السودان وخارجهم، إقليمياً وعالمياً، شعباً وحكومة، أن الإمارات تحديداً طرف الحرب الآخر، وأن الدعم السريع ما هو إلا وكالة عنها في الحرب، فكيف يقترح الدكتور تدخل الطرف المشعل والمدير لهذه الحرب سلاحاً ومالاً وسياسةً وعلاجاً أن يكون حلاً لها؟! بل لو تابع فقط تصريحات الجيش المتمثلة في القائد العام البرهان ومساعده ياسر العطا وجلسة مجلس الأمن وبيانات وزارة الخارجية السودانية لعلم قطعاً أن الحرب أصالةً مع دويلة الشر هذه، فيك الخصام وأنت الخصم والحكم؟!

ولعل هذه مشكلة ينبغي التنبه لها؛ وهو أن بعض الإسلاميين بحسن نية منه يحاول أن يساهم في حل أزمات الأمة، ولكن بسبب تشتت الواقع السياسي وتعقيدات المواقف قد لا يطلع عليه بصورة جيدة من أهل البلد، ويكتفي بالقنوات الإخبارية وما شابه من الإعلام الموجّه الذي لا ينبغي أبداً الثقة فيه؛ فيجتهد ويتكلم فيحصل بسبب ذلك إشكالات كان يمكن أن يكون في غنى عنها.

إن الحل الوحيد لهذه الحرب هو أن يفرض الجيش السوداني قراره إما بالحسم العسكري، أو الحل السياسي المنتصر. هذا أو لا وجود لدولة اسمها السودان مستقبلاً.

أسأل الله أن يجزي الدكتور راغباً السرجاني خير الجزاء على حرصه على حال إخوانه المسلمين في جميع الأمة، ولعلها كبوة جواد مغتفرة في بحار خيره العظيم، ولعل من كان قريباً من الشيخ أن يوصل له هذا النصح والتصويب.

وفي هذا المقطع المختصر توصيف تفصيلي لواقع الحرب لمن يريد فهمها خصوصاً ممن هو خارج السودان:

– محمد خلف الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.