تقرير إسماعيل جبريل تيسو : *تجاوزت أصعب امتحان، فدحرت الميليشيا، وكسبت الرهان …. القوات المسلحة،، ألمي حار ما لعب قعونج*
تقرير إسماعيل جبريل تيسو :
*تجاوزت أصعب امتحان، فدحرت الميليشيا، وكسبت الرهان …. القوات المسلحة،، ألمي حار ما لعب قعونج*
قدمت ألاف الشهداء، ووظفت خبرتها الطويلة الممتازة لصالح الحرب..
لم تلتفت لحملات الشيطنة، ومحاولات كسر الإرادة، وتخوين القيادة..
انتهجت سياسة الحفر بالإبرة، فاستنزفت قوة وموارد المتمردين..
اقتران القوات قصم ظهر الميليشيا، ودخول القيادة نهاية الحرب..
ولا يزال التايم لاين يتنفس أكسجين الغبطة والفرح، ويضجُّ بتهليل وتكبير الرجال، ودموع وزغاريد النساء، ابتهاجاً بالنصر المبين الذي حققته القوات المسلحة والقوات المساندة لها، وهي تفكُّ الحصار عن محيط القيادة العامة التي تمثل أيقونةً ورمزيةً مهمة للقوات المسلحة، فلا عجب أن كانت القيادة هدفاً استراتيجياً لميليشيا آل دقلو، ولا عجب أن افتداها الشهداء بأرواحهم، وحافظ عليها إخوتهم بدمائهم وصمودهم الذي دام قرابة العامين، سطّروا خلالها في سفر التضحية والفداء، بطولات جعلت العالم فاغراً فاهه من الدهشة، وجعلت الكثير من معاهد الدراسات والعلوم العسكرية، محبوسة الأنفاس، مشدودة على أقواس التأمل والتدبر في تجربة الجيش السوداني الذي هزم جيوش ومرتزقة أكثر من 20 دولة، تكالبوا جميعهم للإطاحة به، وكأنهم يخوضون حرباً عالمية ثالثة، ولكن الجيش لقّنهم دروساً قاسية، ففرَّق جمعهم وشتت شملهم، وجعل الدائرة عليهم.
شيطنة الجيش:
ومنذ اندلاع الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع بتمردها على القوات المسلحة في الخامس عشر من أبريل 2023م، تعرض الجيش لحملة شيطنة ممنهجة، شنتها غرف الميليشيا وأعوانها من القحاتة، وتماهى مع هذه الحملة بعض ضعاف النفوس من الذين شككوا في القوات المسلحة، وأعملوا تخويناً في قيادتها دون أن يدركوا كنه التضحيات التي قدمتها هذه القوات ليلة الغدر الكبرى والتي بذل فيها أكثر من 35 من الضباط وضباط الصف والجنود من الحرس الرئاسي أرواحهم، وقدموها رخيصةً فدىً لقائدهم العام الفريق عبد الفتاح البرهان، لقناعتهم الراسخة أن حياة القائد العام، تعني الحفاظ على رمز المؤسسة العسكرية، وتعني بقاء الدولة السودانية، لقد مضت الكوكبة الخيِّرة المعنية بحراسة القائد العام ضمن قوافل الشهداء، وتبقَّت قيم التضحية والفداء، فصمد الجيش مُحاصراً داخل القيادة العامة، مثلما صمد في مواقع أخرى في سلاح المهندسين، ووادي سيدنا، والمدرعات، وبابنوسة، والأبيض، والفاشر، صمد الجيش وتحمّل سخرية غرف القحاتة والجنجويد، لم تهتزّ ثقته، رغم فقدانه عدة مواقع، ولكنه لم يفقد الحرب، فقد كان واثقاً من أن العبرة بالخواتيم، ومن يضحك أخيراً، يضحك كثيراً.
الحفر بالإبرة:
واقع الحال وقرائن الأحوال أكدت أن القوات المسلحة لم تكن مستعدة لخوض غمار هذه الحرب الغادرة من قبل ميليشيا آل دقلو التي قلبت للجيش ظهر المِجَّن، ومع ذلك فقد أخرج الجيش من كنانة مهنيته العالية، أقوى وأمضى سهام تجاربه وخبراته على مدى خدمته الطويلة الممتازة، فنجح في امتصاص الصدمة الأولى عندما كان القتال من المسافة صفر، ثم جنح إلى تنفيذ استراتيجية الحفر بالإبرة بإدارة الحرب طبقاً لمراحل تُبنى على الموارد المتيسرة والمنتظر تيسيرها، مع المحافظة على مبدئين مهمين من مبادئ الحرب وهما التوازن، والاقتصاد في القوى، حيث واجهت القوات المسلحة صلف وغرور الميليشيا، وهي ناقصة العدد والعتاد، وفاقدة السند والإمداد، فصمدت في مواقعها واستبسلت في تفتيت الكتلة الصلبة لميليشيا آل دقلو، واستطاعت في نهاية المطاف إخراج المتمردين من معظم المعسكرات، والمقار، والمواقع الاستراتيجية التي كانت مكلفة بحراستها، ثم نفذت معها سياسة الصبر و”النَفَس الطويل” باستنزاف قوة وموارد الميليشيا والاعتماد على التقدم والمحافظة على المكاسب العسكرية المتمثلة في الآليات العسكرية الثقيلة.
اقتران القوات:
نجاح الجيش في تطبيق المرحلة الأولى، حفَّزه إلى تنفيذ المرحلة الثانية وهي اقتران القوات، والتي تعني وصول التشوين بكل ما تحمل الكلمة من معنى، تشوين في الإمداد والعدة والعتاد، تشوين في الرجال والذخائر والمهمات، وتشوين في الغذاء، وقبل ذلك كله تشوين في الروح والاستزادة بمعنويات جديدة لمقابلة مرحلة ( فكِّ اللجام )، حيث شهد منتصف فبراير من العام الماضي 2024م اقتران قوات وادي سيدنا بالقوات المرابطة في سلاح المهندسين، فنتج عن هذا الاقتران انفتاح الجيش وتقدمه لتحرير مناطق أم درمان القديمة، والإذاعة والتلفزيون وغيرها من المناطق الحيوية، ثم كان اقتران قوات أم درمان مع القوات المرابطة في الخرطوم والخرطوم بحري في سبتمبر الماضي 2024م فيما عرف بالعبور الكبير، حيث عبرت القوات جسري الحلفايا وشمبات وبسطت سيطرتها على عدة مناطق في بحري، في الكدرو والحلفايا وأجزاء من الجيلي، ليأتي الاقتران الأخير يوم جمعة النصر بالتقاء متحركات بحري بمتحركات وادي سيدنا وأم درمان والذي تم بموجبه فك الحصار عن القيادة العامة وتحرير المصفاة ومن قبله تحرير عديد المناطق والقرى الواقعة شمال بحري.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد شكل التحام متحركات بحري ووادي سيدنا مع القوات المرابطة في القيادة العامة، بدايةً حقيقية لنهاية التمرد، باعتبار أن قيادة الجيش التي تنفست الصعداء بفك الحصار المفروض على القيادة قرابة العامين، ستجد نفسها مرتاحة البال في إدارة المتبقي من معركة الكرامة في ظروف ومناخ أفضل من حيث العتاد والعدة والعدد، وشتان ما بين الليلة والبارحة، فشكراً قواتنا المسلحة الباسلة والقوات المساندة لها، فما قدمتموه خلال العشرين شهراً الماضية سيدخل ضمن موسوعة غينيس للأرقام القياسية بحساب القوة والثبات والهيبة والصمود ومقابلة الموت واسترخاص الحياة، وقطعاً جيش بهذه المواصفات، لقادر على صناعة المعجزات، وتحقيق الانتصارات.