الباحث الأفريقي إدريس آيات يكتب : *كولمبيا وأمريكا*
الباحث الأفريقي إدريس آيات يكتب :
*كولمبيا وأمريكا*
الرئيس الكولومبي يرفض الانحناء لعاصفة ترامب: كم هو مثير جدًا
في الساعات الماضية، شهد العالم مواجهة حادة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس كولومبيا غوستافو بيترو، تعكس توترات السياسة الدولية وأزمات التعامل مع الهجرة.
قبل ساعاتٍ أمر ترامب بترحيل المهاجرين غير الشرعيين الكولومبيين إلى بلادهم على متن طائرات عسكرية أمريكية. إلا أن الرئيس الكولومبي رفض استقبالهم بهذه الطريقة، وأغلق المجال الجوي الكولومبي أمام الطائرات الأمريكية، مشددًا على أن دخولهم بهذه الطريقة لا يحترم كرامة مواطنيه.
ردّ ترامب سريعًا بفرض حظر سفر على المسؤولين الكولومبيين، وإقرار تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات الكولومبية، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية على البلاد. في مواجهة هذه التصعيدات، أعلن الرئيس الكولومبي عن إرسال طائرة رئاسية لإعادة مواطنيه بطريقة قانونية وإنسانية، احترامًا لكرامتهم، موضحًا أن قراره بإغلاق المجال الجوي كان لمنع التعامل المهين مع شعبه.
لكن المثير للاهتمام هو ما أعقب ذلك. فبينما فسرت الصحف الغربية هذا التحرك على أنه تراجع من الرئيس الكولومبي خشية العقوبات الأمريكية، أظهر الأخير موقفًا جريئًا. أوضح في بيانه أن قراره ليس ضعفًا، بل موقفًا سياديًا يحترم حقوق الإنسان. ولتأكيد ذلك أتبع ذلك بخطوتين جريئتين قبل 10 دقائق من كتابة هذا المنشور:
1. فرضت كولومبيا أيضًا عقوبات مضادة وتعريفات جمركية مشددة بنسبة 50% على الواردات الأمريكية، في تحدٍ صريح لقرارات ترامب.
2. نشر بيان حاسم عبر صفحته على تويتر، خاطب فيه ترامب مباشرة، منتقدًا “مشروعه الإمبريالي” وسياساته التي وصفها بالسلبية والهمجية، وطالب وزير التجارة من بلده بالبحث الفوري عن بديل لصادرات بلاده إلى دولٍ أخرى وتغيير المحاصيل الزراعية التي كانت تصدر إلى أمريكا بمحاصيل أخرى تحتاجها بلده وبعض البلدان الصديقة. كما تعهد الرئيس الكولومبي في بيانه بأن بلاده، ومعها دول أمريكا اللاتينية، ستقف في وجه أي محاولات للضغط أو التهديد، مؤكدًا أنه حتى لو دُبّر انقلاب عليه، فإن إرادة الشعوب الأمريكية والإنسانية ستبقى أقوى (نص خطابه في التعليق الأوّل).
هذا الموقف الجريء من الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو؛ يعكس شخصية قيادية شجاعة لطالما كانت ثابتة في مواقفها الإنسانية والسياسية. فقد كان من بين القلائل الذين قطعوا العلاقات مع الكيان الصهيو٠ني أثناء العدوان على غز٠ة، وندد علنًا بجرائم الاحتلال، واصفًا إياها بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، داعيًا إلى محاكمة قادة الاحتلال وعلى رأسهم نتنياهو.
موقفه الأخير أمام ترامب ليس سوى امتداد لنهجه الرافض للخضوع لأي ضغوط دولية، والمتمسك بسيادة بلاده وكرامة شعبه. ليعلم الجميع أنّ بلطجية ترامب ما عاد له مكان في هذا العالم الذي يرى فيه الغربي غيره أقل بشريةً منه.
كأفارقة؛ ومن العالم العربي؛ يجب أن ندرك أنّ أمريكا اللاتينية هم أبناء أعمامنا في المقاومة، وشعوبًا إخوة في النضال ضد النيوليبرالية!!! إنّه الحرية أو الموت، لكنّنا سننتصر